أجزاء المسلسلات واستبدال الممثلين ضرورة.. أم تجارة؟

TT

كانت بداية الظاهرة في مسلسل (ليالي الحلمية) عندما استبدلت الفنانة آثار الحكيم بالفنانة الهام شاهين، وكان هناك سؤال مطروح: هل من حق المخرج استبدال شخصية الممثل ذي الدور الواحد بين جزء وآخر مهما كانت الاسباب؟

وتولد عن هذا السؤال سؤال آخر: لماذا ينجز مسلسل، وبعد عرضه يقرر المنتح والمخرج ـ بالتعاون مع المؤلف أو المعد ـ انتاج جزء آخر له، أو أكثر؟

في الاجابة عن السؤال الأول نحن ندرك ان هناك ـ في حالات نادرة ـ طارئا ما يمنع غياب ممثل أو ممثلة عن استئناف اداء دوره في جزء تال من العمل، ويكون مثل هذا الطارئ قاهرا لدرجة لا يمكن تلافيها، اما ان تكون الاسباب واهية، كخلاف على الأجر، أو بسبب مزاجية الفنان، أو غيابه في سفر عادي، أو ارتباطه في الوقت نفسه مع عمل آخر.. أو غير ذلك من مثل هذه الاسباب العابرة أو الثانوية، فإن عملية اعتذار الممثل عن المتابعة، وقيام المخرج باستبداله بممثل آخر، ليس من تقاليد واصول العمل الفني، بل ان فيه الكثير من الاستهتار بالمشاهد.

الشواهد على هذه الظاهرة كثيرة نذكر منها ما يلي على سبيل المثال لا الحصر:

1 ـ استبدال آثار الحكيم بإلهام شاهين في (ليالي الحلمية).

2 ـ استبدال لينا حوارنة (في دور فاطمة) بمرح جبر في الجزء الثاني من مسلسل (ابو كامل) اخراج علاء الدين كوكش.

3 ـ استبدال جمال سليمان (شخصية اسامة) في الجزء الثاني من المسلسل السوري (الاخوة) بزهير عبد الكريم، واستبدال بطلة الجزء الأول صباح جزائري (في دور عليا) بزميلتها نادين، واستبدال بسام كوسا في الجزء الثالي، بعابد فهد.. والمسلسل من اخراج رياض دياربكرلي.. واللافت في عملية الاستبدال هذه انها استهدفت الابطال الثلاثة الاساسيين في العمل، وهم في الوقت نفسه نجوم لهم شهرة كبيرة: جمال سليمان، وصباح جزائري، وبسام كوسا.

4 ـ في مسلسل (حمام القيشاني) سيطر الحضور الكبير للفنان سلوم حداد على اجواء الحلقة الأولى، ثم فوجئنا في ما بعد باستبداله بالممثل طلحت حمدي، وعلى الرغم من ان طلحت حمدي فنان كبير، الا ان ايحاء الشخصية اختلف اختلافا كليا بين اداء الفنانين.

5 ـ استبدل المخرج نجدت انزور بين اجزاء مسلسلاته الفانتازية كالجوارح والكواسر والبواسل أكثر من ممثل للدور نفسه.

* تبريرات المخرجين

* تتشابه تبريرات المخرجين حول لجوئهم الى استبدال الممثلين للادوار نفسها، وتتلخص في موضوع الظروف الطارئة أو القاهرة، وهي في الواقع ليست كذلك.

* يقول المخرج رياض ديار بكرلي مثلا حول هذا: كانت هناك ظروف طارئة وقاهرة فرضت مثل هذا التغيير، ولا اعتقد ان ذلك يؤثر في سير العمل.

وعن السبب المباشر للاستبدال قال: اضطررت لاستبدال الممثلين الرئيسيين في عملي (الاخوة) لارتباط الفنانين بأعمال أخرى.

واستدرك قائلا: الجزء الأول من المسلسل انتجه القطاع الخاص، اما الجزء الثاني فقد انتجه القطاع العام، وسبب ذلك ان المنتج الأول لم يقتنع بوجوب انتاج جزء ثان، بينما اقتنعت ادارة التلفزيون بذلك.

* ويقول هاني الروماني مخرج (حمام القيشاني) الذي استبدل بعض ابطاله: هذا الامر يخضع لظروف قاهرة ولضرورات لا بد منها، وقد اصبحت هذه الاستعاضة مألوفة في مثل هذه الاعمال الكبيرة ذات الاجزاء، وهناك افلام شهيرة في السينما العربية والعالمية، انتجت اكثر من مرة وبممثلين مختلفين، واخرجت مرة بالاسود والابيض، ومرة بالألوان.

واضاف المخرج هاني الروماني: هذا ليس تبريرا لعملية الاستبدال. اما انتاج قصة اكثر من مرة في السينما وبممثلين مختلفين، فأمر آخر لا يمكن اسقاطه على انتاج مسلسل بعدة اجزاء يستبدل فيه المخرج الممثلين بين جزء وآخر للشخصيات نفسها.

* الأجزاء.. ضرورة أم تجارة

* نعود الـى السؤال الثاني الذي طرحناه في مقدمة الموضوع حول انتاج اعمال درامية في اجزاء مسلسلة.

اذا تجاوزنا عملية (المطمطة) التي يلجأ اليها عدد من المخرجين في المسلسل الواحد فيجعلون من حلقاته الثلاث والعشرين مثلا ثلاثين حلقة، لأن التسويق يتم على اساس الحلقة.. نقول اذا تجاوزنا هذا، وجدنا أنفسنا مباشرة أمام ظاهرة الاجزاء التي تبررها الجهات الانتاجية أو يبررها المخرج بالتعاون مع المؤلف، بأعذار ومبررات واسباب عديدة، لا يدخل فيها اكثر الاحيان الا الاعتبار التجاري، وحاجة الفضائيات للاعمال الدرامية، واعجاب المشاهدين بهذا المسلسل أو ذاك، وكذلك واقع سوق العرض والطلب.

ونقف مع امثلة من الدراما السورية:

* مسلسل (أبو كامل) انتج منه جزءان، واعلن عن الثالث ولم يتم تصويره.

* مسلسل (اخوة التراب) انتج منه جزءان، وقيل ان هناك جزءا ثالثا وجزءا رابعا.. ولكنه أوقف بعد الجزء الثاني.

* مسلسل (خان الحرير) بث منه جزءان، واعلن ان الثالث على الطريق.. ولكنه لم يظهر.

* (مذكرات عائلة) بث منه الجزء الأول، واعلن عن الجزء الثاني. ولم يظهر حتى الآن.

* بعد نجاح مسلسل (الفصول الأربعة) تقرر انتاج جزء ثان هو الآن قيد التنفيذ.

* عائلة (خمس نجوم) حقق نجاحا في جزئه الأول، فتقرر انتاج سلسلة منه وصلت الى (ثماني نجوم) وكانت اجزاؤه التالية مختلفة جداً عن جزئه الأول الذي اتسم بـ (كوميديا الموقف) لتصبح الاجزاء التالية كوميديا الحركة واحيانا التهريج.

* برر انتاج اربعة اجزاء من مسلسل (حمام القيشاني) حتى الآن بأنه يرصد مراحل متتالية من تاريخ المجتمع السوري خلال عدة عقود من القرن العشرين.

* مسلسل (جميل وهناء) انتج منه جزء ثان بعنوان (الو جميل الو هناء) استنادا الى الاقبال الجماهيري على مشاهدته، ولم يكن مقررا في البداية انتاج اكثر من جزء واحد.

* (عودة غوار) لدريد لحام، امتداد لمسلسلاته السابقة حول شخصية (غوار الطوشة) لكن الحملة الاعلامية القاسية التي تعرض لها المسلسل جعلت الفنان دريد لحام يصرف النظر عن انتاج اجزاء أخرى من مغامرات غوار.

* أعلن أكثر من مرة عن انتاج جزء ثان من مسلسل (أيام شامية) ولم ينجز هذا الجزء، ولم تعلن اسباب ذلك.

* أعلن كل من الكاتب نهاد سيريس والمخرج هيثم حقي عن اعتزامهما تقديم جزء ثان من مسلسل (الثريا) ثم صُرف النظر عن ذلك.