البرغوثي في أول ظهور علني أمام محكمة إسرائيلية: أنا أيضا لدي قائمة اتهام ضد حكومة إسرائيل

قال إنه زعيم سياسي يقاتل من أجل السلام ويؤمن بدولتين لشعبين * الشرطة فقدت السيطرة والبرغوثي حول الصحافيين إلى جمهور يستمع إلى خطابه

TT

مددت المحكمة المركزية الاسرائيلية في تل ابيب امس اعتقال مروان البرغوثي امين سر اللجنة الحركية العليا لتنظيم حركة فتح في الضفة الغربية لمدة ثلاثة اسابيع اخرى. وستستأنف اجراءات محاكمة البرغوثي في 5 سبتمبر (أيلول) المقبل. وسيكون بين شهود الادعاء العام، اثنان من مساعدي البرغوثي حسب المزاعم الاسرائيلية. وقرئت خلال جلسة المحاكمة التي استمرت لدقائق، لائحة الاتهام التي اعدتها النيابة العامة للدولة، ضده. وتتضمن اللائحة اتهامات للبرغوثي المعتقل منذ 15 ابريل (نيسان) الماضي، بأنه كان مسؤول كتائب شهداء الأقصى ـ الجناح العسكري لفتح وانه مسؤول عن عمليات معادية ضد أهداف إسرائيلية عن طريق ما وصفته بالتآمر مع القادة الميدانيين للتنظيمات الفلسطينية، من بينها عمليات فدائية وعمليات اطلاق نار أدت الى مقتل مئات المدنيين الإسرائيليين والجنود وجرح المئات.

وتنسب لائحة الاتهامات الى البرغوثي «تجنيد ناشطين لتنظيمات إرهابية، وتمويل وتنظيم سفريات لناشطين نفذوا عمليات إرهابية، والحصول على معدات قتالية وتمويل مكثف لاقتناء وسائل قتالية». وتتهم لائحة ادعاء البرغوثي شخصيا بالتورط مباشرة «في عمليات إرهابية، كما في العملية المسلحة التي وقعت في مطعم سي فود ماركت التي قتل فيها ثلاثة إسرائيليين». وزعمت النيابة العامة بأن الأدلة التي تورط البرغوثي تستند الى شهادات جمعت من قادة ميدانيين بارزين كانوا تابعين له، والى أقوال البرغوثي أثناء التحقيقات معه والى وثائق تم العثور عليها أثناء الحملة العسكرية الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية «السور الواقي».

ويتهم البرغوثي ايضا بـ«المشاركة في تأهيل نشطاء إرهابيين عن طريق تمويل وتنظيم أطر تدريب لنشطاء اجتازوا تدريبات لتشغيل السلاح وتدريبات لياقة بدنية». كما حصل حسب لائحة الاتهام، على مبلغ 20 ألف دولار من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، نقلها الى أحد القادة الميدانيين من أجل تمويل التدريبات. كما يتهم البرغوثي بأنه «عمل على حيازة معدات قتالية منها بنادق من طراز «ساعر»، وأحزمة ناسفة، وقذائف هاون وقنابل يدوية لتنفيذ عمليات إرهابية». وعين البرغوثي، بحسب لائحة الاتهام، أحمد البرغوثي، مساعده الخاص، ليكون مسؤولا عن شراء الأسلحة.

وجاء في لائحة الاتهام ايضا أن «البرغوثي مول شراء أسلحة لأحد الفلسطينيين الذين شاركوا في الاعتداء الجماعي على جنديين إسرائيليين في رام الله في أكتوبر (تشرين الأول) 2000».

ورفض البرغوثي باللغة العربية والعبرية والانجليزية، كل هذه الاتهامات، مؤكدا انه قائد سياسي. وقال بصوت عال ان الانتفاضة الفلسطينية ستنتصر. وقال البرغوثي «السلام وحده كفيل بجلب الأمن للشعبين. يجب على الشعب الإسرائيلي أن ينهي الاحتلال. أنتم تدفعون ثمنا غاليا بسبب سياسة حكومتكم. أنا رجل سلام يقاوم من أجل أبناء الشعبين. دولتان لشعبين».

وقال البرغوثي للقاضي غورفينكال «توجد لائحة اتهام ضدي من جانب حكومة إسرائيل، لكن لدي أيضًا لائحة اتهام ضد حكومة إسرائيل». وأعلن القاضي للبرغوثي ومحامي دفاعه عن أنه لن يسمح له بالادلاء بتصاريح سياسية في إطار المحاكمة.

وكان البرغوثي قد وصل الى المحكمة التي كانت تكتظ بمندوبي وسائل اعلام مختلفة من إسرائيل ومن العالم، اضافة الى كل من اعضاء الكنيست أحمد الطيبي عن الحركة العربية للتغيير ومحمد بركة وتمار غوجانسكي عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الذين جاءوا الى المحكمة للتعبير عن تضامنهم مع البرغوثي، موثوق اليدين، مرتديا بزة السجن البنية اللون وتحدى بروح معنوية عالية رجال الامن ملوحا بيديه المكبلتين صارخا «الانتفاضة ستنتصر وتحية لشعبنا الفلسطيني الصامد».

ورفض رجال الامن الاسرائيليون السماح لعضوي المجلس التشريعي عن مدينة القدس احمد البطش واحمد الزغير من الدخول الى القاعة. وقال احمد البطش «جئنا للتضامن مع المناضل البرغوثي ونيابة عن المجلس التشريعي لاننا نعتبر ان هذه المحاكمة هي محاكمة سياسية هدفها المس بالسلطة وقيادتها ورموزها. وتهمة البرغوثي انه احب السلام ودافع عن عملية السلام». واضاف البطش «ان الهدف من تقديمه الى محكمة مدنية هو محاولة النيل منه كمناضل وتقديمه على انه قاتل والذي يجب ان يحاكم هو من قام بارتكاب المجازر في غزة وجنين ونابلس والآلة العسكرية الاسرائيلية وليس مروان».

ووقف مروان البرغوثي مخاطبا الصحافيين بصوت عال «نحن نناضل من اجل الحرية والاستقلال ولن تكسر ارادتنا، لقد اعلنوا عن خطة «السور الواقي» منذ خمسة شهور ولم يتمكنوا من هزيمة او تحطيم معنويات شعبنا البطل». واضاف «وحدهما السلام وانهاء الاحتلال سيجلبان الامن الى الشعبين. ان الشعب الاسرائيلي يدفع غاليا ثمن سياسة حكومته».

واضاف البرغوثي «كل العالم يعرف ان مروان البرغوثي يقاتل من اجل السلام، انا رجل سلام والحل الوحيد هو قيام دولتين لشعبين ولن يكون هناك سلام قبل انهاء الاحتلال». وتابع «عانيت كثيرا خلال التحقيق معي الا ان هذا هو مصير الاف المعتقلين غيري»، مضيفا «كل الاسرى مستعدون لدفع ثمن حرية شعبهم».

واخرج رجال الشرطة البرغوثي من القاعة واعادوه الى سجن هداريم في بتاح تكفا وسط اسرائيل منذ انتهاء التحقيق معه في سجن المسكوبية في القدس في اواسط يوليو (تموز) الماضي، بعد ان فقد رجال الشرطة السيطرة على الصحافيين الذين حولهم البرغوثي الى جمهور يستمع الى خطابه.

واحتشد عدد كبير من رجال الامن الاسرائيليين داخل القاعة وخارجها، وكانوا قد قاموا بتفتيش الصحافيين تفتيشا دقيقا عبر اجهزة متطورة.

وقال جواد بولص محامي البرغوثي للصحافيين «لقد كسرت اسرائيل كل الخطوط الحمراء ولن نجعل هذه المحكمة عادية، فخطورة محاكمة مروان هي انها تقدم الشرعية الفلسطينية والمجلس التشريعي الى المحاكمة وتتهمهما بما تتهم مروان البرغوثي».

عند انعقاد الجلسة كان البرغوثي يتكلم مع القاضي بدون تكليف، وقد خاطبه القاضي والمدعية العامة باحترام.

وطلب المحامي بولص من القاضي الحصول على نسخ من اثباتات النيابة والاعلان عن ان المحكمة لا تملك صلاحية لمحاكمة مروان البرغوثي حسب الاتفاقات المنعقدة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وحسب القانون الدولي.

ولخصت المدعية العامة تهمها بان البرغوثي «مسؤول عن عمليات ولقد تم العثور على وثائق في مكتبه ووثائق في مكاتب قادة اخرين».

وقال البرغوثي وهو جالس على مقعده للقاضي «لقد جهزت لائحة اتهام ضد الاحتلال وحكومة اسرائيل مكونة من خمسين بندا اريد ان اتلوها»، فرد عليه القاضي قائلا «هذا غير ممكن الان». وتابع البرغوثي بتصميم متسائلا «متى اذن واين؟»، فرد عليه القاضي بادب «عندما يحين الوقت».

وسيحاكم البرغوثي مع اربعة زملاء اخرين امام محكمة مدنية بدلا من المحاكم العسكرية السرية التي اعتادت اسرائيل ان تحاكم فيها الفدائيين الفلسطينيين. واتخذ هذا القرار بناء على نصيحة المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية ونائب عام الدولة الياكيم روبنشتاين الذي اعلن في 11 يوليو (تموز) الماضي ان محاكمة مروان البرغوثي واربعة آخرين من «القادة الارهابيين» ستتم امام محكمة مدنية وليس عسكرية.

والاربعة الاخرون ناصر عويس قائد كتائب شهداء الاقصى في الضفة الغربية المعتقل منذ مطلع أبريل (نيسان) الماضي والموجود حاليا في سجن عسقلان، وثابت مرداوي مسؤول سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في جنين، وعباس السيد كبير مسؤولي حركة حماس في طولكرم المتهم بالوقوف وراء عدد من العمليات الفدائية لا سيما عملية فندق بارك التي اتخذتها اسرائيل ذريعة لشن حملة السور الواقي، وناصر ابو حميد قائد كتائب شهداء الاقصى في منطقة رام الله. وتنوي اسرائيل استخدام عويس وابو حميد كشاهدي ادعاء في محاكمة البرغوثي.