فتوى الأزهر تتيح للمرتد التوبة طوال حياته وتتغاضى عن استتابته

أزهريون يخالفون مذهب جمهور الفقهاء في الحكم الشرعي للردة

TT

أثارت الفتوى التي أصدرتها لجنة العقيدة والفلسفة التابعة لمجمع البحوث بالأزهر جدلاً كبيراً في أوساط علماء الدين والأزهر والتي أتاحت للمرتد أن يتوب طوال حياته والتغاضي عن استتابته خلال ثلاثة أيام كما ذهب جمهور الفقهاء.

ويؤكد الدكتور محمد ابراهيم الفيومي، عضو لجنة العقيدة والفلسفة بمجمع البحوث واستاذ الفلسفة بكلية الدراسات الاسلامية والعربية بجامعة الأزهر، والذي تقدم بهذه الفتوى وتمت الموافقة عليها باعتبارها ضرورة لما نراه من عداء العالم كله للاسلام واتهام المسلمين والاسلام بالإرهاب واستخدام العنف في التعامل مع غير المسلمين، ولدرء هذه الاتهامات الموجهة للاسلام وجدنا انه من المنطق فتح مدة الاستتابة من الردة مدى الحياة.

وقال ان حكم المرتد في الشريعة الاسلامية واضح لكن الفقهاء اختلفوا حول هذا الحكم ومعنى ذلك ان باب الاجتهاد مفتوح ويبدأ من ترجيح الآراء على بعضها البعض.

وتكون الاستتابة طوال العمر بشرط ان يفوض المرتد أمره الى الحكام فيقررون الاستتابة ثلاثة أيام أو لمدة عام أو لنهاية العمر، وفي حالة تشويه المرتد للاسلام تجب ملاحقته خلال ثلاثة أيام فقط ولكن اذا كان المرتد ضعيف الحال وصدرت عنه بعض الأفعال يمكن استتابته لنهاية العمر ولكن الحكم بيد ولي الأمر وليس الأفراد.

وقد أيد الفتوى الدكتور عبد المعطي بيومي وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشعب وعميد كلية أصول الدين السابق، مطالبا باجراء تعديلات حتى لا تثير الفتوى جدلا. وأشار الى ان النصوص الواردة في حق المرتد كلها قابلة للتأويل والتغير، موضحا وجود خلاف بين الفقهاء حول زمن الاستتابة. بينما يؤكد الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية في القاهرة ان هذه الفتوى تحتاج الى اعادة نظر مرات ومرات، ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم أهدر دماء من ارتدوا، وهذا ثابت في صحيح الحديث. اما ان يقال الاسلام لم يضع حدا للمرتد، فقد وضع الحد بالقرآن والسنة القولية والفعلية، وهذه النصوص واضحة لعلماء مجمع البحوث، ومنها قول الله تعالى: «من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه» ومعنى «يأتي الله بقوم» أي ان يتم الخلاص بإحكام الشرع في المرتدين لقوله تعالى: «قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم». وأما السنة القولية لحديث «من بدل دينه فاقتلوه» وحديث «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث»، منها التارك لدينه المفارق للجماعة.

وقال الشيخ البدري ان الثابت عن فقهائنا العظام ان المرتد يستتاب ثلاثة أيام وإلا يقام عليه حد الردة الثابت بالقرآن والسنة. ويتابع الشيخ البدري قوله: اذا كان من شق عصا الطاعة على الامام المسلم فقد وجب قتله لقول النبي صلى الله عليه وسلم «ومن اتاكم وامركم جميعا على رجل واحد يريد ان يفرقكم فاقتلوه» فكيف لا يقتل من ارتد، تلك الجريمة التي تعد من قبيل الخيانة العظمى.

وهناك رأي آخر للكاتب الاسلامي جمال البنا، حيث يرى انه لا حد ولا استتابة ولا تعزير للمرتد لأن قضية الردة مبنية على أمرين:

الأول: حرية الاعتقاد الذي نص عليه القرآن الكريم دون قيد أو شرط «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» وقوله تعالى: «لا إكراه في الدين»، بالاضافة الى آيات أخرى عديدة استبعدت الاكراه تماما في قضية العقيدة والايمان.

الثاني: ان القرآن اعتبر ان الهدى والضلال هو قضية شخصية «فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها».

وقال البنا: ان الهداية والضلال قضية شخصية ليست من قضايا النظام العام الذي تتدخل بمقتضاه الدولة في قوانين أو تطبيق احكام معينة للحفاظ على النظام.