إصابة 3 جنود أميركيين في انفجار قذيفة خلال تمرينات بالكويت والسلطات تعثر على رسائل من «القاعدة» في منازل مشتبهين

TT

واصلت اجهزة الأمن الكويتية التحقيق مع 35 مواطنا كويتيا يعتقد ان لهم ارتباطات بتنظيم «القاعدة»، وذلك بعد الهجوم الذي شنه مسلحان كويتيان على جنود أميركيين في جزيرة فيلكا، بينما اعلن امس عن اصابة 3 جنود من مشاة البحرية الأميركية في منطقة الاديرع شمال الكويت في حادث ناجم عن انفجار قذيفة من مخلفات تمارين عسكرية سابقة للقوات الأميركية.

وكانت ليلة أول من امس قد شهدت حادثا اخر قرب منطقة المطلاع (شمال الكويت)، كاد يتحول الى مأساة بسبب فهم احد الجنود الأميركيين انه وزملاءه ملاحقون من قبل شخص يحمل مسدسا. وأكد نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح لـ«الشرق الأوسط» ان اثنين من الجرحى تلقيا العلاج في موقع الحادث «اما الجريح الثالث، فنقل الى مستشفى حكومي وهو في حالة مطمئنة جدا، ولا يعاني من جروح خطيرة ونتوقع خروجه في أي لحظة».

اما بالنسبة للحادث الثاني فقد لاحظ العسكريون الذين كانوا يقودون عربتهم العسكرية من نوع (هامر) قرب منطقة المطلاع اقتراب سيارة صغيرة منهم، وبدا صاحبها يلوح بأداة في يده اعتقد الأميركيون انها مسدس، مما دفع احد الجنود الأميركيين الى اطلاق رصاصة على السيارة، وتبين فيما بعد ان الاداة مجرد هاتف نقال كان يستخدمه المواطن الكويتي من دون ان ينتبه الى وجود العربة الأميركية.

وامس واصلت اجهزة الامن الكويتية التحقيق مع 35 مواطنا كويتيا يعتقد ان لهم ارتباطا بتنظيم «القاعدة»، ثمانية منهم أقرباء القتيلين أنس الكندري وجاسم الهاجري، ويطلق عليهم مجموعة سليمان أبو غيث الناطق الرسمي لتنظيم «القاعدة».

وقالت مصادر امنية ان رجال المباحث اقتحموا منازل المشتبه فيهم وعثر في غرفهم الخاصة على مخططات وخرائط مؤشر عليها على مواقع لمنازل ومدارس ومبان يرتادها الأميركان في الكويت. واضافت المصادر ان رجال الأمن فحصوا اجهزة الكومبيوتر الشخصية للمشتبهين واكتشفوا وجود رسائل بريدية لأشخاص تربطهم علاقة بتنظيم «القاعدة».

ونقلت القوات الأمنية جميع الاوراق التي عثر عليها في الغرف للتحقق منها. وتردد ان عناصر من الاستخبارات الأميركية كانت على اطلاع بالتحقيقات وربما شاركت في هذه التحقيقات بموافقة السلطات الكويتية.

من جانبه، اكد الناشط الاسلامي المعارض للوجود الاميركي في الكويت جابر الجلاهمة ان السلطات الامنية الكويتية لم تحقق معه على خلفية ما قاله اثناء تشييع جنازة الكويتيين القتيلين واعتبارهما شهيدين. واشار الى ان الحكومة اذا رغبت في التحقيق فيمكنهما الاتصال به هاتفيا ويذهب اليهما «فلا ارى ما اخشاه، لأنني لم اتجاوز القوانين». وذكر ان الاجهزة الامنية لم تستدع جميع الكويتيين الذين شاركوا في حروب أفغانستان «واقتصر الاستدعاء على ثمانية شبان».

وكان الجلاهمة قد تعرض مرات عدة الى عمليات اعتقال آخرها في سورية قبل نحو شهرين، وافرج عنه بعد نحو اسبوع بعد التحقيق معه. وواجه الجلاهمة اتهامات كثيرة، منها الاعتداء على طالبة بكلية التجارة وجمع مخلفات الاسلحة العراقية وتهريبها الى البوسنة والهرسك.

ورفض الجلاهمة اعطاء موقف صريح من الهجوم على الجنود الأميركان في فيلكا، ورأى ان أي موقف لا بد ان يدرس من الجانب الشرعي.

وكشف النقاب امس عن الوصية التي تركها انس الكندري الى والدته، قبل العملية وقال فيها «أمي العزيزة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع كل حبي يا أمي اهديك تحياتي وأوصيك بالصلاة والاهتمام بها أنت واخوتي، وأنا يا أمي ذاهب الى عملية استشهادية واتمنى ان يتقبلني الله شهيدا، واطلبي يا أمي الرحمة والشهادة لي. واوصيك يا أمي ألا تبكي لا انت ولا اخوتي ولا تلطمي واتمنى ان ادفن في ثيابي ولا اغسل ولا يصلى علي ولا تخافي يا أمي، فانا عند رب العالمين باذن الله ولي مكانة في الجنة ان شاء الله».

ونفت وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية ما اورده الكاتب الاسلامي محمد يوسف المليفي من معلومات من ان انس أذن لصلاة فجر يوم الثلاثاء في مسجد ضاحية الرميثية (حيث يسكن أنس). وقال مدير ادارة الاعلام في الوزارة الدكتور محمد مهدي العجمي ان مؤذن المسجد شخص يدعى وليد أحمد الكندري وارسل وليد خطابا الى مدير ادارة مساجد محافظة حولي يفيد بأنه هو الذي قام باداء الأذان.

من جانبه، قال امام مسجد الامام مسلم القريب من منزل أنس، الشيخ خالد العتيبي، انه امام منذ عام 1986، وانقطع فترة لاكمال دراسته العليا، وخلال تلك الفترة قام سليمان أبو غيث بامامة المسلمين لعام واحد. واشار الى ان أنس شخص غير معروف في المسجد ويمكن سؤال المصلين عنه.

وكان رجال المباحث داهموا بيوتا عدة لأقرباء انس وجاسم الهاجري وعثروا على اربعة رشاشات كلاشينكوف روسية الصنع، لكن من دون ذخيرة، يعتقد بان المواطنين احتفظوا بها منذ خروج القوات العراقية من الكويت عام 1991 مخلفة وراءها مئات المعدات العسكرية الخفيفة والثقيلة استولى المواطنون على جانب كبير منها ولا يزالون يوارونها عن الانظار.

وشهدت حركة سير السيارات على المناطق الحدودية عمليات تفتيش مكثفة نظمتها وزارة الداخلية، لا سيما خلال الفترات المسائية، تحسبا لتعرض القوات الأميركية المرابطة في الكويت لهجوم مسلح جديد، خاصة ان العربات الأميركية تجوب الشوارع الكويتية باتجاه شمال الكويت بسلاسة ومن دون تعقيدات أمنية منذ حرب التحرير، لكن الاحداث جاءت لتقوض كثيرا من حركة تلك العربات التي تلقت اوامر باتخاذ الحذر والحيطة اثناء السير.

وقررت وزارة الداخلية وضع نقاط تفتيش على جميع المواقع العسكرية التي تخص الاميركيين والبريطانيين على حد سواء.

وطلبت السفارة الاميركية في الكويت من مواطنيها (نحو 9 آلاف أميركي مدني) توخي الحذر تجاه امنهم الشخصي وان يلتزموا الحرص واليقظة.

وشملت عمليات التفتيش ملاحقة ارصدة جميع المشتبه بهم وان كان ثمة اموال حولت على حساباتهم في بيت التمويل الكويتي (المصرف الاسلامي الوحيد في الكويت). غير ان المعلومات لم تتوفر ان تم فعلا تحويل مبالغ خارجية لتمويل العملية الاخيرة.

وحاصرت القوات الأمنية جميع الكويتيين الذين تواجدوا في جزيرة فيلكا (20 كيلومترا شرق العاصمة) واجرت تحقيقا معهم بمن فيهم عامل السوبرماركت الوحيد في الجزيرة قليلة السكان المدنيين. ولم تضع الاجهزة الأمنية هؤلاء في دائرة المشبوهين، بل للاستعانة بالمعلومات المتوافرة لديهم، ان كانوا شاهدوا الجانيين وعن علاقتهما بآخرين.

وزاد الحديث مرة اخرى عن شخصيتي أنس وجاسم اللذين ثبت توجههما الى أفغانستان مرات عدة في السنوات الماضية. وكانت وزارة الداخلية استدعت الجانيين غير مرة للتحقيق معهما. ووصف انس بالشخصية الهادئة التي تأثرت كثيرا بأحداث خان يونس الاخيرة، متوعدا الأميركان بعملية انتقاما للضحايا الفلسطينيين.

أما جاسم الذي عاد من افغانستان قبل احداث 11 سبتمبر (أيلول) مطلقا لحيته، لكن بعد اسابيع من عودته حلقها واكتفى ببضع شعرات تركت في أعلى ذقنه، فتغيرت حياته فجأة فقرر شراء سيارة بورش رصاصية اللون موديل 2001، ثم نوى بيعها قبل يوم واحد من العملية في فيلكا، واقام مأدبة عشاء الليلة الاخيرة من حياته دعا اليها اصدقاءه واقرباءه. وحاول في الاسابيع الماضية خطبة فتاة كويتية، لكن يبدو ان النصيب لم يحدث، ويعتقد ان جاسم هو ابن شقيقة أبو غيث، وابرز اعجابه الشديد بين المقربين اليه بشخصية أسامه بن لادن. ومال جاسم الى رياضة رفع الاثقال لبناء جسم مفتول العضلات. وقرر في الاشهر القليلة الماضية اكمال دراسته في مصر.

وتوالت بيانات الاستنكار من جمعيات النفع العام والتيارات السياسية الليبرالية والاسلامية الذين اجمعوا على رفض العملية الارهابية واعتبر التجمع الوطني الديمقراطي والمنبر الديمقراطي الليبراليان في بيان مشترك ان العمل الارهابي الذي شهدته جزيرة فيلكا ليس فرديا كما سيحاول البعض تصويره. وركزا على انه لا يمكن عزل العمل عما يشهده العالم من اعمال ارهابية يقودها تنظيم القاعدة باسم الاسلام، بينما الاسلام والمسلمون منها براء.

واكد البيان ان العمل من ثمار ثقافة التزمت والتطرف التي ابتليت بها الأمة ومنها الكويت التي يصدع بها خطباء المساجد وتعززها ندوات الجمعيات الاسلامية ومخيماتها ومنتدياتها، وانه من ثمار ما تروج له كتب واشرطة البغضاء والكراهية والتجهيل في معارض الكويت والمكتبات وكتب المدارس المحشوة بجرعات ثقيلة من ثقافة الكراهية والغاء الغير.

واتهم البيان السياسات الحكومية بالفشل في مواجهة اشارات تنامي المد الارهابي في الكويت. واشار الى ان السلطات تهاونت في السابق مع حملات كثيرة من الارهاب وحمل السلاح وتكديسه واستخدامه لاخراس المعارضين وتجاهلت المنتسبين الى تنظيم «القاعدة» من الكويتيين الذين شاركوا في افغانستان والبوسنة وغيرها وتدخل لصالحهم عدد من نواب مجلس الامة وزعماء الاحزاب الاسلامية ومشايخها.

وحمل التياران في بيانهما المشترك اطرافا عدة من وزراء ونواب وجمعيات ومشايخ وخطباء وكتاب مسؤولية هذا العمل الارهابي وآثاره على المستقبل. وطالبا الحكومة بالاتعاظ من الحادث والبحث عن ذيوله والتصدي له دون رهبة او مهادنة.

من جانبها استنكرت جمعية احياء التراث الاسلامي حادث الاعتداء واكدت في بيان لها ان ما تم امر لا تقره تعاليم الدين الاسلامي «ولقد اسفنا ان تشهد الكويت الآمنة حادث اعتداء ارهابيا ضد مقيمين على ارضها لهم مع الكويت عهود ومواثيق».

واضاف البيان ان «لهؤلاء (الجنود الأميركيون) عهدا عندنا وقد اعطوا الأمان من قبل الحكومة الكويتية بموجب اتفاقيات مشتركة، والذين ارتكبوا هذه الاعمال اساءوا الفهم والتصرف واستغلوا ابشع استغلال في ارتكاب هذا العمل الاجرامي، لأن هذا العمل ضد مصلحة الكويت واهلها وانه افتئات على حكومتها وولاة امرها.

وقال البيان انه «لو ان كل من اراد ان يعترض امرا او يغير منكرا حمل السلاح لذهب الامن ولاصبحنا في فوضى عارمة لا يعلم مداها الا الله. فالكويت دولة لها قانون يحكمها ولها معاهدات ومواثيق تنظم علاقتها مع غيرها والواجب على من يعيش على هذه الارض ان يحترم قوانينها ومعاهداتها ومواثيقها».

ودعت الحركة الدستورية (الاخوان المسلمون) القوى كافة الى التلاحم للعمل الجاد حفاظا على الوحدة الوطنية. واشارت الى «براءة» مسيرة العمل الاسلامي في الكويت من مثل هذه الممارسات الفردية المرفوضة.