قال مسؤول استخباراتي رفيع بوزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان الرئيس العراقي صدام حسين سيلجأ الى انتهاج سياسة الأرض المحروقة لمواجهة الغزو الاميركي المحتمل للعراق. وأوضح المسؤول ان صدام سيلجأ،على الأغلب، الى شن هجمات صاروخية وإرهابية ضد منشآت اسرائيلية واميركية في الخارج وتوجيه ضربات استباقية ضد الاكراد في الشمال «بصورة تكفي لوقف التقدم العسكري».
وقال الادميرال مويل جاكوبي، مدير وكالة استخبارات الدفاع، أمام لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ الاميركي انه يتوقع ان يلجأ صدام الى تدمير إمدادات العراق الغذائية والمائية والمواصلات والطاقة الى جانب بنيات تحتية اخرى.
وكان جورج تينيت، مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية» (سي. آي. أي) تساءل عن جدوى عمليات التفتيش المستمرة التي تجريها الامم المتحدة، وأشار الى ان الفرص ضئيلة في العثور على اسلحة الدمار الشامل المحظورة في العراق ما لم يتعاون صدام حسين مع المفتشين. وأضاف انه يتوقع ان تعثر القوات الاميركية بالتأكيد على مخابئ لأسلحة الدمار الشامل اذا غزت هذه القوات العراق. وأردف تينيت قائلا ان الولايات المتحدة، اذا قررت عدم خوض الحرب ضد العراق وانتظار المفتشين بدلا عن ذلك، فإن الرئيس العراقي صدام حسين سيواصل تطوير اسلحة الدمار الشامل وسيعمل على تقوية نفسه بمرور الزمن. وتحدث تينيت ايضا حول إدارك وكالة الاستخبارات المركزية للعلاقة بين العراق وتنظيم «القاعدة»، وهي مسألة اساسية في قضية الإدارة الاميركية الخاصة بخوض حرب ضد العراق في المستقبل القريب، في مقابل وجهة النظر القائمة على أساس الانتظار لفترة شهور لإتاحة الفرصة لإجراء المزيد من عمليات التفتيش. ووصف تينيت ابو مصعب الزرقاوي، الذي يعتبر شخصية اساسية في قضية الادارة الاميركية لإثبات وجود علاقة بين «القاعدة» وبغداد، بأنه «عنصر بارز في تنظيم القاعدة». وتجدر الاشارة الى ان الزرقاوي تلقى علاجا طبيا في بغداد والتقى بأسامة بن لادن وتلقى دعما ماليا من «القاعدة» و«مساندة» من العراق، بيد ان تينيت اشار الى ان الزرقاوي لا يخضع لسيطرة صدام حسين.
وأوضح تينيت انه لا يعني ان الزرقاوي يتلقى توجيها عملياتيا من العراق او انه يخضع لسيطرتها، لأن الزرقاوي، حصل على مساندة من العراق رغم انه، على حد تعليق تينيت، ينظر الى نفسه كشخص مستقل.
وتحدث تينيت ايضا عن عناصر مجموعة ارهابية يقدر عدد افرادها بما يزيد على عشرين شخصا لجأوا الى العراق غداة حرب أفغانستان ووصفهم بأنهم اعضاء في تنظيم «الجهاد» المصري الذي اندمج مع تنظيم «القاعدة» قبل سنوات. وعلق تينيت قائلا ان هؤلاء «لا يمكن تمييزهم» عن تنظيم «القاعدة».
ومن جانبهم قال مسؤولون ألمان وفرنسيون اطلعوا على المعلومات والتحليلات الاستخبارية الاميركية انهم غير مقتنعين بوجود علاقة مباشرة او حقيقية بين «القاعدة» والعراق، واشاروا الى الفارق الايديولوجي الاساسي بين اتباع تنظيم «القاعدة» القائم على اساس ديني والطبيعة العلمانية للنظام العراقي. كما اشاروا ايضا الى انه ليس من مصلحة صدام في شيء ان يشن هجوما على الولايات المتحدة، اذ يعتبر مثل هذا العمل في نظر واشنطن سببا واضحا ومباشرا لغزو العراق.
صرح تينيت ايضا بأن اجهزة الاستخبارات الاميركية سلمت مفتشي الامم المتحدة في العراق كل المعلومات ذات الصلة بمواقع الاسلحة المحظورة التي من المحتمل ان تحتوي على اسلحة او بقايا لعناصر اسلحة محظورة.
ووصف جاكوبي، خلال اطلاعه لجنة الاستخبارات على سعي كوريا لتطوير اسلحة نووية، بأنه «اخطر تحد لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة». وفيما سعت ادارة الرئيس جورج بوش الى التقليل من شأن لهجة المواجهة من جانب بيونغ يانغ مستبعدة استخدام القوة لحمل كوريا الشمالية على تفكيك برنامجها النووي، اظهر جاكوبي موقفا متشددا تجاه هذه التهديد وعلق قائلا: «المحصلة النهائية للأزمة الحالية ستلعب دورا مباشرا في صياغة العلاقات داخل منطقة شمال شرق آسيا على مدى سنوات مقبلة».
وأشار جاكوبي، الى وجود ثلاثة عوامل اخرى وراء القلق الذي يثيره الوضع في كوريا الشمالية لخصها في نية بيونغ يانغ في تسويق اسلحة كيماوية لإرهابيين ومواصلة تجاربها على الصواريخ الباليستية القادرة على حمل مواد نووية الى داخل اليابان ومستقبلا الى داخل الولايات المتحدة فضلا عن حقيقة ان أي حرب ضد جيش كوريا الشمالية ستكون مدمرة وعنيفة ومن الممكن ان تحدث دون تحذير يذكر.
* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»