الأحداث السياسية تصيب سوق الغناء بحالة واسعة من الركود في مصر

TT

أصبح شعار سوق «الكاسيت» في مصر نتاج وفير ومبيعات مخيّبة للآمال، تسعون ألبوماً غنائياً صدرت في مصر العام الماضي ولم يحقّق معظمها مبيعات تذكر، بل بلغت خسائرها نحو 75 مليون جنيه. وواصلت ألبومات نجوم الغناء في هذا العام مبيعاتها المتردية، وإذا كان بعض النجوم قد واجه حال الركود في سوق الكاسيت بمزيد من الدعاية، فإن البعض الآخر تراجع عن إصدار ألبوماته في انتظار التوقيت الأفضل، في حين قرر الآخرون إصدار أغانيهم في إطار ألبومات تضم أغاني لأكثر من مغن، الجماهير تراجعت عن شراء الألبومات الجديدة واكتفت بسماع أنباء حرب العراق وتصاعد الأحداث في فلسطين، والبعض اكتفى برؤية الأغاني الجديدة من خلال الفيديو كليب الذي يعرض على الشاشات المختلفة. أما منتجو الكاسيت فقد اتهموا قراصنة التزوير وإذاعة الأغاني ومواقع الإنترنت واعتبروها المسؤول الأول عن هبوط مبيعات الكاسيت في مصر. عمرو دياب أصدر منذ أسابيع ألبومه الجديد «علم قلبي الغرام» ولكنه لم يلق النجاح المتوقع، بل هاجمه الكثيرون لأنه لم يأت بجديد. أما محمد منير فقد أجل طرح البومه «سلطان الغرام» بانتظار التوقيت الأفضل، وعلى رغم ان خالد عجاج أجل ألبومه «حقيقة واحدة» اكثر من مرة إلا انه تخوف من أن يمر عام كامل من دون أن يقدم شيئاً، فقرر طرحه في الأسواق إلا أنه مني بخسائر فادحة ولم يستمع إلى أغاني الشريط الكثير من الجماهير. أما المغنون والمغنيات الذين خاضوا المغامرة وطرحوا البوماتهم خلال الشهور الماضية متحدين حال الركود في سوق الكاسيت، فقد جاءت أرقام مبيعاتها مخيبة لكل آمالهم، فالبوم سميرة سعيد «يوم ورا يوم» لم تتجاوز مبيعاتهم 80 ألف نسخة، على الرغم من حملة الدعاية الضخمة التي صاحبته، إضافة إلى أن الأغنية الرئيسية فيه عبارة عن دويتو مع المغني العالمي الشاب مامي. ولم يكن حظ البوم نوال الزغبي «اللي اتمنيته» أفضل على رغم أن نوال ظهرت من خلال فيديو كليب هذا الألبوم في شكل جديد تماماً دفع البعض إلى اتهامها بتقليد شاكيرا، ولم يحقق ألبوم «أنت غيرهم» لجورج وسوف المبيعات العالية التي كانت حققتها ألبوماته السابقة وعلى رأسها «كلام الناس».

* أما أعلى المبيعات فكانت من نصيب ايهاب توفيق في البومه «هما كلمتين» وكاظم الساهر في ألبومه «قصة حبيبين»، إلا ان تلك المبيعات تراجعت أيضا مقارنة بمبيعات البوماتهما السابقة، وحاول بعض المنتجين مواجهة حال الركود بألبومات تضم أغاني لمغنين عدة تُعرف في سوق ـ الكاسيت بـ«الكوكتيلات الغنائية»، فصدر كوكتيل «ميوزيكا» الذي شارك فيه ايهاب توفيق وحنان عطية مع مجموعة من المغنين الجدد، بينما كان اكثر الكوكتيلات رواجاً هو الكوكتيل الذي ضم أغنية الأطفال الشهيرة «بابا فين». وفي إحصائية قامت بها جمعية منتجي الكاسيت في مصر تبين ان تكاليف الالبومات التي ستصور حتى نهاية الصيف ستصل إلى 200 مليون جنيه، مشيرة إلى أن الالبومات التي سيتم إصدارها في فصل الصيف مطلوب ان تحقق إيرادات تصل إلى 300 مليون جنيه، وأوضحت الإحصائية أن هناك مخاوف من الخسائر التي ستلحق بشركات الكاسيت بسبب ارتفاع تكاليف الالبومات الغنائية وارتفاع اجور المطربين والمطربات التي ستتراوح بين 20 مليون جنيه ومليوني كحد أدنى.

ويؤكد منتج الكاسيت نصر محروس ان نجوم الأغنية الذين يتمتعون بشعبية ضخمة لم يسلموا من حال ركود سوق الكاسيت، وكان من المفترض ان تـترجم «شعبيتهم» هذه إلى أرقام كبيرة في مبيعات السوق إلا ان هذا لم يحدث، مفسرا ذلك بأن هناك حالة من الركود تمر بها الأسواق عموماً، وإن كانت هناك أسباب أخرى خاصة بسوق الكاسيت أهمها مافيا الالبومات المزيفة الذين يحققون أرباحا سنوية تقدر بالملايين بينما يعاني أصحاب شركات الإنتاج من الخسائر، خاصة ان تلك المافيات صارت تمتلك وسائل تكنولوجية تجعل تقليد الالبومات الأصلية أحيانا دقيقاً جداً، وأوضح محروس إن رواج الفيديو كليب أضر نوعاً ما بسوق الكاسيت , وصار الناس يفضلون سماع الأغنية ورؤية الكليب المرافق لها، كما أن تشابه الأغاني التي تصدر أدى إلى تراجع إقبال الجمهور عليها.

وكانت ظاهرة خطيرة تهدد منتجي الكاسيت بالخسائر الفادحة انتشرت في الآونة الأخيرة وهي طرح الألبومات الغنائية مزورة قبل طرحها بشكل رسمي من قبل منتجيها وكان آخر هذه الألبومات هو البوم «علم قلبي» لعمرو دياب و«جرح تاني» لشيرين، وأخيرا «لعبتك» لمجد القاسم، ويقول د. مدكور ثابت رئيس الرقابة على المصنفات الفنية «ان هذه الظاهرة الجديدة من أخطر ما حدث في مشاكل التقليد والتزوير للأعمال الغنائية وأصبحت تسير في خط متساو مع تسرب أشرطة الأفلام السينمائية والعروض المسرحية»، مشيرا إلى أن بعض الشرائط المقلدة تقدم أصحابها بعد ضبطها للحصول على تصاريح بالبيع والتداول، الأمر الذي يؤكد ان هذه الألبومات قد تم تسريبها إما من داخل استوديوهات الطبع أو من داخل الشركات نفسها، وطالب مدكور أصحاب الشركات المنتجة للألبومات بتقديم محاضر أو شكاوى بتقليد أعمالهم، مع تقديم أي معلومات تفيد عن أماكن طبع هذه الألبومات المزورة.