المغربية عايدة الصياد تقول لـ «الشرق الاوسط» : تزوجت بعلي الفقعسي في دمشق وزوجي أقسم لي ببراءته وقال إنه لا يؤيد التعرض للأميركيين بالقتل أو الترويع

ذكرت أن ردود فعل الصحافة والناس جعلت زوجها يسلم نفسه.. ويشعر بالراحة

TT

قالت المغربية عايدة الصياد زوجة السعودي علي الفقعسي المتهم، رهن التحقيق، باعتباره أحد المطلوبين الرئيسيين في قائمة اشبيليا، انها تلقت اتصالا مطولا من زوجها عبر هاتف سجن الرياض، مساء الخميس الماضي.

وتربع علي الفقعسي على اهتمام السلطات الأمنية واهتمام وسائل الاعلام على مدى 50 يوما منذ اعلان اسمه كونه المصنف رقم 1 على قائمة خلية اشبيليا التي ضمت 19مطلوبا معظمهم سعوديون، وحتى استسلامه طوعا للامير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الامنية في نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي. وشنت العيادية أحمد محمد الصياد، والتي تنادى بعايدة تحببا، هجوما لاذعا على معلومات تحدثت عن تسليم السعودية الفقعسي للولايات المتحدة الأميركية، وقالت «صراحة يصدمني من يردد هذا الكلام. زوجي رأيته بعيني بعد اعتقالنا، وتحدثت معه هاتفيا الخميس الماضي، وهو بصحة وراحة في سجنه هنا في المملكة».

وتحدثت عايدة، 30 عاما، لـ«الشرق الأوسط»، في حوار صحافي هو الأول من نوعه منذ اعتقالها مطلع يونيو الماضي، ومن ثم افراج السلطات السعودية عنها وتسليمها لعائلة زوجها، عن بدايات علاقتها بزوجها واقترانها به قبل اكثر من عام، وتأكيدها الاستمرار بجانبه طيلة الحياة، وعبرت في الحوار عن دهشتها لمستوى تعامل السلطات السعودية معها.

وعند بدء الحديث الهاتفي معها من منزل عائلة زوجها في محافظة رغدان التابعة لمنطقة الباحة، عبرت بقولها «حسبنا الله ونعم الوكيل على من ادعى بترحيل زوجي الى سجن غوانتانامو. رغم اننا لم نصدق مثل هذا الامر. الا ان الدقائق الأولى لسماع النبأ (الخميس الماضي) كانت سيئة على نفسيتي لأنني اعرف ان علي (زوجها) يكره ترديد اسمه في اخبار كاذبة».

وكانت معلومات صحافية، نسبت اخيرا الى مسؤول أميركي تقول بأن علي الفقعسي اعترف من سجنه في غوانتانامو بقرب تنفيذ تنظيم «القاعدة» لمخططات ارهابية جديدة لشن هجمات جديدة بالطائرات المدنية.

ومنذ اعلان السلطات السعودية نبأ اعتقاله بعد تسليمه نفسه، اعتبر محققون أميركيون ان الفقعسي يعد صيدا ثمينا لمجرى التحقيقات الأمنية لمكافحة الارهاب الدولي الذي تتزعم اعماله شبكة «القاعدة».

وعايدة التي تنتسب الى العاصمة التجارية للمغرب (الدار البيضاء)، تعتقد انها محظوظة باقترانها بعلي عبد الرحمن الفقعسي الغامدي الذي راج اسمه في وسائل الاعلام المحلية والدولية باعتباره عقلاً مدبراً رئيسياً في تنظيم «القاعدة». وتقول عن زوجها «والله علي يستأهل كل خير، ومن حظي تزوجت بانسان مثله يعيش بسلام مع نفسه وكل من حوله يشهد بذلك».

وخضعت عايدة نفسها للاستجواب الأمني على مدى شهر، وتقول عن تلك التجربة «عشت شهرا في زنزانة منفردة لكن يشهد الله على ما اقول انهم (السجانين والمحققين) كانوا على خلق رفيع ولم اتعرض لأية اهانة تخدش كرامتي».

واعتقلت عايدة برفقة عبد المنعم محفوظ الغامدي وزوجته السورية غيدا أحمد محمد سويدة والمغربية حنان عبد الله رقيب زوجة سلطان القحطاني المطلوب رقم 16 في قائمة خلية اشبيليا، اثناء هروبهم من ملاحقة أمنية سعودية في المدينة المنورة لمجموعة كبيرة من المطلوبين امنيا على خلفية تفجيرات الرياض.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» انها اجتمعت بزوجها في سجنه وامضيا داخل السجن اكثر من اربع ساعات منفردين، وأوضحت عايدة بالقول «سمحوا لي جزاهم الله ألف خير بلقاء زوجي في سجنه. جلسنا لوحدنا من الساعة 8 في الليل الى ما بعد الساعة 12 من منتصف اخر ليلة بقيتها أنا في السجن». واضافت تقول «بعد ما خرجت من عنده توجهت بصحبة أبو زوجي العم عبد الرحمن الى الفندق (في العاصمة السعودية الرياض) وبتنا وفي الصباح ذهبنا الى أهل زوجي في الباحة». وعن انطباعها بعد زيارتها لعلي رغم ما يدور حوله من اتهامات كبرى بالتورط في الارهاب قالت «لقيته في احسن حال. وكان مبسوطا ومقتنعا بتسليمه نفسه للأمير الرائع محمد (بن نايف بن عبد العزيز) وحدثني بصراحة وانشراح عن المعاملة الانسانية التي وجدها عندهم».

واضافت عايدة انها «لما رأيته في السجن مرتاحاً وكان حديثه معي منشرحا فتأكدت اكثر ان علي بريء مما يقولونه عليه». وتسمح السلطات السعودية لمساجينها بالالتقاء بزوجاتهم على انفراد داخل وحدات سكنية منعزلة على اطراف السجون.

ورغم ان عايدة لم ترغب خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» في الحديث عن تفاصيل ليلة اعتقالها قائلة «يا أخي تزعجني هذه الذكريات جدا، اتمنى ان أنساها»، الا انها كشفت بالقول «القوا القبض علينا في الليل اثناء هربنا ولجوئنا اسفل جبل في طريق المدينة المنورة ـ مكة المكرمة». وعند إلحاح «الشرق الأوسط» لمعرفة ما اذا كانت تجامل السلطات خشية على مستقبل زوجها ردت بالقول «لا. اقسم بالله اقول لك ان معاملتهم معي كانت طيبة جدا سواء عند لحظة الاعتقال او اثناء التحقيقات». وحول ما إذا رضخت اثناء التحقيقات لعبارات الترهيب قالت «انظر هذا الكلام ممكن كنت اقوله عنهم (رجال الأمن السعوديين) قبل ان يمسكونا. لكن جلست عندهم شهر ما شعرت بأي تهديد اثناء التحقيقات. بالعكس كانوا كل يوم يحضرون لي طبيبا عاما ونفسيا لمتابعة حالتي الصحية من كل الجوانب». وقالت: ان اسئلة المحققين السعوديين اظنها تشبه اسئلتكم، يرغبون التعرف على تفاصيل علاقتي بعلي واين كنا. ولما يشعرون بأني تعبانة يرجونني بمصارحتهم بذلك وتأجيل التحقيق الى ما بعد».

وورد اسم علي الفقعسي في كثير من تسريبات المسؤولين الأميركيين كونه أحد العقول المدبرة لهجمات الرياض. وهو ما تنفيه زوجته بالمطلق وتحذر من ان ذلك «ظلم لانسان يكره العنف ويحب وطنه» وفق تعليقها على مثل تلك الاتهامات.

ومنذ اقتران عايدة بعلي، في دمشق قبل اكثر من عام، لم يفترقا. واختارا المدينة المنورة سكنا الى جانب عبد المنعم الغامدي وزوجته غيدا، وسلطان القحطاني وزوجته حنان رقيب. وقالت عايدة «تفاصيل وصولنا للمدينة المنورة طويلة. انما احنا (القحطاني والفقعسي وعبد المنعم) كنا ساكنين في ثلاث شقق منفصلة في عمارة واحدة في أحد شوارع المدينة المنورة».

وشنت عايدة أيضا هجوما على وسائل الاعلام والمحققين الأميركيين باعتبار انها ترى «علي انسانا احسن بكثير مما وصفوه. كيف يقولون عنه انه كان وراء انفجارات الرياض؟ والله نحن كنا مع بعض بعد الحادث وكان علي منزعجا جدا ومصدوما مما شاهده في التلفزيون (مسرح حوادث التفجيرات في 12 مايو (أيار) الماضي، وقال لي انه يرفض القتل والدمار». وترى عايدة التي ارتبطت بعلي العام الماضي عندما كانت منخرطة في الدراسة الجامعية في احدى جامعات العاصمة السورية دمشق، ان براءة زوجها وخروجه من الاعتقال رهن بمسألة وقت، وتشدد هنا بالقول «أنا اعرفه وعشت معه اكثر من سنة ما افترقنا عن بعضنا. وكان يكره الضرر ببلاده. وعند تفجيرات الرياض كنا في الشقة وقال انه لا يؤيد التعرض للأميركيين بالقتل او ترويعهم». وعما اذا كانت تعرف مصير زميلتيها غيدا وحنان في رحلة القبض على مجموعتها التي جاءت ضمن اطار مداهمة أمنية سعودية واسعة شملت رموز التيار التحريضي في اوساط الشباب اثناء اختبائهم في احياء المدينة المنورة، قالت عايدة «من تلك الليلة لم اراهما. كنت في زنزانة منفردة. ولم اتصل بهما بعد خروجي من سجن الرياض». واضافت عايدة انها تتمنى «اذهب لبيتي في المدينة المنورة وأخذ حاجاتي وشنطي (حقائبها) لأننا في الليلة التي طلعنا منها كنا في سرعة كبيرة لدرجة ما قدرنا نأخذ الا الفلوس والذهب بس». وترى عايدة انها مدينة لمسؤول سعودي، مشيرة بالقول «اتمنى ان يقدرني الله على رد جزء من الشكر والعرفان للأمير محمد، وقبله والده الأمير نايف وزير الداخلية. وأهلي كلهم في الدار البيضاء يدعون له من كل قلوبهم بعد ما حدثتهم عن تعامله مع حالتي التي لم اشعر فيها اني غريبة. هذا انسان لن نوفيه حقه مهما قلنا. الله يحميه يا رب. وعلى أيديه إن شاء الله ما احد يظلم».

وعن خياراتها الحالية بعد سلسلة الظروف التي عاشتها وسط رعب الهروب ودهاليزه المخيفة قالت «قررت نهائيا ان اجلس مع أهل زوجي حتى يطلع علينا علي من السجن. وأنا واثقة من عيشتي معه. انه انسان لا يمكن يفكر بالقتل».

وتقول انها سمعت من زوجها كثيرا عن المعارك الجهادية التي خاضها في أفغانستان، وتقول «هو صحيح سافر أفغانستان وكلمني عن رحلاته للجهاد هناك. لكن علي ما كان يحب يتحدث عن الهجوم على الأميركيين وقتلهم، وكان يرفض قتل الابرياء» وحسب قول زوجة الفقعسي تقول انه بعد ايام من تفجيرات الرياض «مسكته وحلفته بالله العظيم ان يقولي الصراحة. فكان يرد بالقسم الاعظم ان لا علاقة له بأي هجمات لا في الرياض او أي مكان».

وتقول عايدة ان زوجها كان يخشى ان يقتل بعد ان نشرت صورته. وترى ان «الناس والصحافة ساهموا في انه يخاف من القتل. ويمكن هذا اللي خلاهم (جعلهم) يخافوا من القبض عليهم». لكنها اضافت «بعد استسلامه وزيارتي له في السجن، ومن كلامه الخميس معي في التليفون لقيته نادما على انه خايف من الأمن، وما يقولونه عنه. وقالي، والله شهيد على ما اقولك اياه الحين، انه مرتاح كثير لانه سلم نفسه ووجد المعاملة اللي يعيشها في السجن عكس ما كان يتوقعه ويخافه».

ولم تحدد عايدة ما اذا كانت أسرتها في الدار البيضاء ستزورها في السعودية. وبدا من حديثها عن اسرتها ان هناك انزعاجا على مستقبلها، وقالت «ما كنت احب انهم يعرفون ما عشناه. لكن صحيفتكم ما شاء الله كانت قدامهم في أول يوم نشرتم فيه عن خبر اعتقالي مع عبد المنعم وزوجته وحنان». لكنها تقول «اتصلت بهم وطمأنتهم وحدثتهم عن معاملة المسؤولين السعوديين معنا، وقلت لهم اني في بلدي وطلبت منهم ألا يخافوا على مستقبلي ابدا».

=