يندفع كريم راشد عبر مدخل الفندق ويمد يده بالتحية، ويبدأ في الحديث على الفور وبلا توقف. وراشد أكثر المصممين نجاحا في الولايات المتحدة، رجل صاخب.
«أقول لك قبل افتتاح مكتبي في نيويورك كان التصميم غير ذي أهمية، ولقد حولته الى موضوع شعبي. لقد زرت كل مركز تسوق في أميركا وتحدثت مع الجميع. وصممت الكثير من الاشياء الناجحة بطريقة لا يصدقها العقل. لقد غيرت الولايات المتحدة بدرجة ما». وهو ينوي القيام بنفس الشيء في بريطانيا. فقد بدأ العمل في اول مشروعاته بفندق في برايتون وآخر في حي بادنغتون في غرب وسط لندن. ويقول مرة اخرى «لقد اقمت في آلاف من الفنادق واؤكد لك ان 90 في المائة منها غير عملية. ولكني أشعر بحساسية زائدة عن الحد للطريقة التي يتحرك بها الناس ويتصرفون ويتعاملون مع الفراغات، ولذا فإن المشاريع التي نفذتها حققت نجاحا غير عادي». وقد قام مكتبه «كريم راشد انكوربوراشن» بتصميم مئات من الاشياء، تشمل زجاجات عطر وأثاثا لمصنع ايطالي شهير ومعدات كهربائية وملابس وأقلام حبر. وأعماله التي تتميز بالألوان البراقة والمنحنيات الحسية سهل التعرف عليها. فسلة المهملات ذات الانحناءات الحسية متكاملة الاستدارة التي صممها عام 1996 واطلق عليها اسم غاربو هي واحدة من انجح التصميمات في العالم وقد تم بيع مليوني سلة منها حتى الآن.
غير ان اعظم انجازاته هي ذاته: فطوله يصل الى 190 سنتيمترا ورشيق للغاية ويرتدي بذلة بيضاء (قدم ملابسه السوداء الى جمعيات خيرية عام 2000). وقد ولد راشد في القاهرة عام 1960 لأب مصري وام انجليزية ونشأ في كندا، وبالرغم من ذلك فهو غير معروف في بريطانيا. فقطاع التصميم في بريطانيا ينظر الى اعماله وذاته المتضخمة على انها تفتقر الى الذوق، وقد استفز راشد نقاده قبل عامين عندما اصدر كتابا يمتدح فيه ذاته بعنوان «أريد تغيير العالم».
ويعترف راشد الذي يشغل منصب استاذ التصميم الصناعي في جامعة فيلادلفياب أن عنوان الكتاب كان متغطرسا. ولكنه يرد بغضب على الاتهامات انه مصمم استعراضي، «لدى قطاع التصميم مشكلة عميقة ألا وهي الغيرة».
ويعتقد كريم راشد ان التصميم وسيلة يمكن ان تحسن العالم. «ان العديد من الاشياء التي صممتها باعت بالملايين، مما يعني ان الناس يحبون عملي. ولذا فلست في حاجة لحكم قطاع التصميم».
ويقول راشد ان مبيعات الاثاث المنزلي في اميركا، بلغت في العام الماضي 220 مليار دولار وزادت على مبيعات الملابس لأول مرة في التاريخ، مما يشير الى شهية ضخمة للتصميم. وقال انه حسب ذات مرة ان المواطن العادي يتعامل يوميا مع 520 تصميما. ولكنه يشعر بالاحباط للافتقار الى الفكر وراء العديد من هذه الاشياء، والافتقار الى نقاش عام حول اهمية التصميم. ان التصميم السيئ يخذل الناس.
هل تريد معرفة لماذا اريد تغيير العالم؟ انظر الى الهاتف الموجود في الركن هناك، مشيرا الى هاتف تقليدي: «هو شيء سيئ للغاية، فمنذ ولادتي لم يتطور الهاتف الثابت. فلا يمكن وضع السماعة على القاعدة بطريقة سليمة في كل مرة. لقد كنت اجلس في مكتبي وكثيرا ما كنت اكتشف ان السماعة غير موضوعة على القاعدة. الا تعتقد ان مثل هذه الاشياء يجب ان تكون انسيابية وسهلة؟ وهو ما انوي فعله.
ويبدو ان الفنادق هي مشكلة راشد الحقيقية فلم يعجبه الفندق الذي كان يقيم فيه في لندن «منذ اللحظة التي استيقظ فيها وارقد على السرير الذي به مسند رأس في غاية الغباء واذهب الى الحمام وانظف اسناني، افكر اننا نعيش في عالم يقبل فيه الناس ما هو موجود الموجود».
ويضيف «طولي يصل الى 190 سنتيمترا وقضيت حياتي كلها اصطدم بالاشياء. ولذا اريد ان تصبح كل هذه الاشياء انسيابية وسهلة».
ويتعهد كريم راشد ان يعيد التفكير في كل شيء فيما يتعلق بفندقيه الجديدين المتوقع افتتاحهما في اواخر العام القادم.
ويوضح وجهة نظره المميزة بقوله «ان معظم المعماريين ومصصمي الديكور يفكرون من منطلق ماذا سنفعل هنا وكيف سنغطي هذا الحائط؟ وماذا سنضع على الارضية؟ غير ان راشد ينظر للامر من وجهة نظر المستهلك».
ويوضح راشد «عندما اصمم غرفة، أعمل من وجهة نظر الراقد على السرير، ثم اتحرك نحو الخارج بدلا من التفكير بطريقة معمارية واضعا في الاعتبار المبنى ثم اتحرك الى الداخل. واعتقد وجود فارق كبير في التفكير. أنت تضع شخصا ما في فراغ ـ محدود ـ لفترة من الوقت، ولذا يجب ان تضيف شيئا لحياته. الأمر الواضح في هذا المجال هو الفراغ المحيط بك ليس هو الاثاث الفاخر او الالوان المتناسقة او السجاد المناسب. بل هي الخبرة المادية ستكون سلسلة. فعلى سبيل المثال ستوجد اشياء اتوماتيكية في غرفة الحمام، الاضواء ستعمل عبر التعرف الصوتي، ولن توجد زاوية حادة في أي مكان».
ويعتقد راشد ان ظاهرة الفنادق الصغيرة التي ظهرت في السنوات الاخيرة هي رد فعل ضد توحيد الخبرة الناتجة عن العولمة: فالفنادق والمحلات والمقاهي اصبحت موحدة حول العالم. اشرب نفس القهوة في محلات ستاربكس في جميع أنحاء العالم. واصبحنا في امس الحاجة الى ايجاد خبرات جديدة. ان نجاح فكرة الفندق الصغير التي يطلق عليها «الفندق البوتيك» هي تعبير عن الحاجة الى خبرات جديدة.