يحتفل محبو الطيران في جميع أنحاء العالم بمرور مائة عام على مغامرة الطيران التي قام بها الأخوان رايت. منذ مائة عام انطلق أورفيل رايت جوا على متن أول طائرة تعمل بمحرك في رحلة استغرقت 12 ثانية على ارتفاع 30 مترا عن سطح الأرض. وقد جرت إعادة تمثيل الحدث البطولي مرة أخرى باستخدام نموذج للطائرة حلق من شاطئ كيتي هوك بولاية كارولاينا الشمالية الأميركية التي شهدت الرحلة الأصلية قبل مائة عام. وحضر الرئيس الأميركي جورج بوش الاحتفال. وقال كيفين كوتشرزبرجر الذي تولى قيادة الطائرة قبل التحليق بها «هي بالفعل آلة طيران. وأنا أرغب في اظهار ذلك». غير أنه أضاف أنه يصعب الطيران بتلك الآلة. يذكر أن الاخوين ويلبور وأورفيل عاشا في زمن كان لا يزال من الممكن فيه على مالكي متجر لبيع الدراجات تحقيق تقدم علمي. وفي 17 ديسمبر (كانون الاول) 1903 ارتفعت الطائرة التي صنعها الأخوان رايت عدة أقدام عن سطح الأرض.
وعلى الرغم من ذلك فان تلك تعد هي أول رحلة يقوم بها الإنسان جوا على متن طائرة تعمل بمحرك كان وزنها أثقل من الهواء. وداخل خيمة كبيرة على شاطئ كيتي هوك سيمكن للزائرين مشاهدة نموذج للطائرة الأولى إلى جانب إمكانية فحص جزء من الصخور الموجودة على سطح القمر أو التحدث إلى أحد رواد الفضاء، من الشاطئ إلى النجوم. وتحتفل بريطانيا هي الأخرى بالحدث، فقد نظم اتحاد الطيارين البريطانيين جائزة سنوية لأفضل طيار مدني. وكان نيل أرمسترونج وباز ألدرين أول رجلين يمشيان على سطح القمر والسناتور جون جلن أول أميركي يطوف حول الارض قد حضروا احتفال نظم الثلاثاء الماضي بالقرب من الموقع الذي انطلق منه الأخوان رايت. وقال جلن «ما استطعنا تحقيقه فعلناه لأننا وقفنا على أكتف الآخرين».
تقول الاساطير الاغريقية ان ايكاروس اثبت خطر الصاق الريش على جسده بالشمع محاولا التحليق مثل الطيور، لكنه سقط في المحيط. ولكن قبل مائة عام تقريبا دخل كل من ويلبر واورفيل رايت، هذا الميدان، من دون ان يضيفا كثيرا، فقد نشرا قطعة من القماش الابيض على هيكل خشبي وصنعا محركا يعمل بالجازولين قوته 12 حصانا ونجحا بالكاد في التحليق. إلا ان محاولات الطيران الاربع في 17 ديسمبر (كانون الأول) 1903 التي اجراها الأخوان بالقرب من كيتي هوك بولاية نورث كارولاينا غيرت العالم. وتلك المحاولات التي تراوح طول الطيران خلالها بين 120 و852 قدما كانت اول محاولات للطيران بماكنة اثقل من الهواء الذي تعمل على ازاحته. وهكذا تحققت احلام الاطفال منذ ما قبل عصر الاغريق ومنذ فترة ليوناردو دافنشي على الاقل. اليوم يواصل الطيران المزج بين الفن والعلوم والغموض والرياضيات. وقد نجح في جعل مختلف اجزاء العالم اقرب الى بعضها بعضا وأزال تقريبا العزلة الجغرافية وجعل السياحة في متناول اعداد كبيرة من الناس، فضلا عن توسيع وتسريع النشاط التجاري، كما وسع الطيران من آفاق الجميع ابتداء من الشعراء الى السياسيين والمخترعين. إلا ان الطيران احدث تحولا ايضا في الحروب بجعلها اكثر فتكا، كما بات سلاحا جديدا مرعبا في يد الارهابيين فضلا عن قبضته السحرية على الخيال الانساني. يقول توم كروش، مدير قسم الطيران بمتحف علوم الجو والطيران في واشنطن، ان الطائرة كانت اختراعا حاسما في القرن العشرين أعاد صياغة مسيرة التاريخ الانساني. جدير بالذكر ان نتائج استطلاع اجري بين قراء الجرائد والمجلات عام 1999 اشارت الى ان اختراع الطائرة يحتل المرتبة الرابعة في قائمة اعظم أحداث القرن العشرين. إلا ان الأحداث الثلاثة الاولى ـ القنبلة الذرية التي القيت على اليابان وهبوط اول سفينة فضائية على سطح القمر وقصف بيرل هاربر ـ ربما لم تقع في الاصل لولا اختراع الطيران.