الناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين في العراق: أميركا تمارس لعبة الطائفية والمقاومة مشروعة في إطار القوانين الدولية

محمد بشار الفيضي لـ«الشرق الأوسط»: الشيعة جزء من العراق ولكنهم يخدمون القوات الأميركية ويقدمونها على أنها «قوات محررة»

TT

بدا الناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين8 التي تمثل الطائفة السنية في العراق، واضحا وصريحا في معارضته لاجراء الانتخابات المبكرة التي يطالب بها المرجع الشيعي الأعلى، اية الله علي السيستاني، واصفا للحالة بانها «طبخة على نار سريعة ستؤدي الى افساد الطعم»، وقال ان الهدف منها «تهميش السنة»، متهما الولايات المتحدة بممارسة «لعبة الطائفية» ومشيرا الى ان اميركا تحاول باهتمامها المتزايد بالشيعة الذين «قدموا لها مكسبا كبيرا بالمحافظة على هدوء الشارع والنظر الى القوات الاميركية بانها قوات محررة» ان توغر صدورنا وتثيرنا ضد الشيعة.

وتساءل الدكتور محمد بشار الفيضي، الناطق باسم الهيئة ونائب عميد كلية الدراسات الاسلامية في بغداد، عن اسباب ترك القوات الاميركية ابواب معسكرات النظام السابق ومخازن اسلحته امام الناس لينهبوا جميع الاسلحة الخفيفة والثقيلة فيها على مرأى الدبابات الاميركية التي كانت تقف عند ابواب تلك المعسكرات متفرجة على سلبها ونهبها، مشددا على ان الشيعة والسنة والاكراد فوتوا الفرصة على اميركا لقيام حرب طائفية من خلال ضبط النفس والتحلي بالحكمة.

واعترف الفيضي بتهميش متعمد من قبل ادارة التحالف للطائفة السنية رغم ان ابناءها يشكلون الاغلبية «على عكس التقديرات المعروفة عن الواقع السكاني في العراق»، وسرب معلومات تقول انه كان هناك توجه اميركي لاعطاء الاغلبية للطائفة السنية في المجلس القادم الذي يخلف المجلس الانتقالي الحالي، لكن مبادرة السيستاني كانت بمثابة رسالة موجهة الى اميركا يقول فيها «حذار ان تفعلوا ذلك».

وفيما يلي نص الحوار:

* نبدأ بالقضية الاهم وهي مسألة الانتخابات، التي اصبحت الشغل الشاغل لجميع الاطياف السياسية العراقية، فهناك دعوة من المرجع الديني علي السيستاني تدعو الى اجراء انتخابات مبكرة، وهناك وفد اممي يزور العراق الان لبحث امكانية تحقيق ذلك، فاين انتم مما يدور حول هذا الموضوع؟

ـ الانتخابات لا ينكرها احد، لانها التعبير الوحيد والصادق لرأي الشعب، لكن بشرط ان تتوفر الاجواء والمناخ المناسب لذلك. والان لا توجد في العراق لوائح انتخابية، والشعب العراقي غير مثقف بهذا الاتجاه، فقد مررنا بعقود طويلة والشعب العراقي لا يعرف سوى نظام الحزب الواحد، وفجأة تفتح علينا ابواب الانتخابات من غير تمهيد او توعية او بيان اهميتها، لكل ذلك نجد ان الانتخابات تطبخ على نار سريعة ستؤدي الى افساد الطعم.

* انتم بذلك تلتقون مع الموقف الاميركي حول هذا الموضوع؟

ـ هدفنا الاول والاخير هو خدمة مصلحة الشعب العراقي ككل، نحن لا نبحث عن مصلحة طائفة معينة، صحيح اننا كهيئة علماء المسلمين نعتبر انفسنا مرجعية للسنة، لكن ثق ان طروحاتنا تصب في مصلحة المجموع. والانتخابات ربما تحقق فوائد للاخوة الشيعة، ونحن نعتب عليهم ان تكون نظرتهم بهذه الحدود الضيقة. نعلم يقينا ان الانتخابات تنفعنا كعراقيين، ولكننا كسنة لم نتمكن من اعداد انفسنا كما فعل الاخوة الشيعة. هناك شعور بضرر كبير عندنا، فصدام حسين لم يتح لنا فرصة ظهور سياسي وكان يضرب بقسوة كل شخصية سياسية تظهر بيننا، وفي الوقت ذاته لم تكن هناك دولة مجاورة تحتضننا لانها كانت توافق على سياسات صدام حسين ضدنا، بينما الاخوة الشيعة تهيأت لهم فرص كثيرة، مثلا كانت هناك الدولة الايرانية التي احتضنت الاحزاب الشيعية وسخرت لها امكانيات كبيرة فاستطاعوا ،خلال فترة قصيرة من سقوط صدام، ان ينقلوا الهيكلية (التنظيمية) كاملة الى العراق وان يعدوا انفسهم بصورة جيدة، اما نحن اهل السنة فنشكو من التبعثر فيما للشيعة اكثر من عشرة احزاب وتنظيمات اخرى في طور التكوين، اما السنة فليس لهم سوى حزب اسلامي واحد ممثل في مجلس الحكم، وقد تسبب دخوله الى المجلس مشكلة مع القاعدة الشعبية، اذن القضية معروفة سلفا وهي ان الانتخابات تصب في مصلحة الشيعة وحدهم.

* اذن انت تفسر الدعوة الشيعية الى اجراء الانتخابات المبكرة بانها نابعة من مصلحتهم الخاصة؟

ـ نعم، نعتقد ذلك، بدليل ان السيد عبد العزيز الحكيم صرح قبل ايام انه اذا تم الاتفاق على مجلس حكم ذي سيادة، بمعنى ان يكون التمثيل الشيعي في المجلس القادم على ما هو عليه في المجلس الحالي او مساويا للاخرين فهذا امر مقبول. اذن فهو بدأ يتراجع، وكأنه يقول ان الانتخابات ليست هي الهدف بل التمثيل الشيعي هو الهدف، حتى ان احد المحللين السياسيين من الشيعة هو كاظم جواد عندما سئل من قناة «الجزيرة» عن تفسيره لفتوى السيستاني قال انها «رسالة»، وهي كذلك فعلا، رسالة موجهة الى الرئيس بوش والامم المتحدة بان يحسبوا حسابا للطائفة الشيعية، هنا بانت الحقيقة وهي ان الانتخابات هي من مصلحة الشيعة فقط، ونحن بالطبع لسنا ضد مصلحتهم ولكن لا ينبغي تغليب مصلحة العراقيين على مصالحهم فهم جزء من العراق وليسوا العراق كله.

* قلت انكم ،كطائفة، مبعثرون وتشعرون بالغبن ولم تقدروا على تشكيل احزاب وتنظيمات سياسية تمثلكم، لكن بالمقابل هناك تصور بان صدام حسين كان يمثل السنة في العراق؟

ـ هذا الكلام تم تسويقه كثيرا في الاعلام، لكنه خال من الحقيقة تماما، فكلنا نعلم بان الرجل كان يعبد ذاته ولا تهمه طائفة او غيرها، فهو ضرب السنة والشيعة والاكراد معا، ولو كان حكمه يمثل السنة لما جرت عشر محاولات انقلابية قادها السنة ضده، ابتداء من محمد فرج وانتهاء بمحمد مظلوم، فاذا كان يمثل السنة لماذا ينقلبون عليه، هذا كلام اريد به إضعاف السنة لا اكثر ولا اقل.

* الحزب الاسلامي العراقي بقيادة الدكتور محسن عبد الحميد هو الحزب السني الوحيد في مجلس الحكم، الا تعتقدون بان انعدام المرجعية مسألة تضر بطائفة السنة خاصة ان للشيعة مرجعيتهم وللاكراد قائدين يمتلكان نفس الرؤية في التعامل مع الوضع السياسي بالعراق؟

ـ وجود المرجعية امر مفروض، لكن جناية صدام على السنة كانت اكبر من جنايته على الشيعة، وحتى على الاخوة الاكراد، ليس بالمفهوم السائد للظلم، فنحن لا ننكر بان الاكراد لحق بهم ظلم كبير وكذلك الشيعة، لكننا تضررنا من زاوية اخرى، فهو قام باستئصال العقول المفكرة منا واستئصال القيادات التي كان بامكانها ان تقود الطائفة او تعبر عنها، نحن بحثنا عن قيادة نسير خلفها فلم نجد. الحزب الاسلامي العراقي هو الوحيد الان على الساحة، لكن بصراحة فهو لا يمثل الجميع، هناك جزء كبير من الشعب العراقي لا يرى بان الحزب الاسلامي يمثله، لذلك نحن بحاجة الى اعادة بناء صفوفنا وتشكيل اكثر من حزب يمثل تيارات اهل السنة، بناء على ذلك فنحن لسنا مع الانتخابات بهذه العجالة ونرى الحاجة الى اتاحة الفرصة لاعادة بناء انفسنا مثل الشيعة والاكراد، عندها سنتمكن من خوض الانتخابات بحيث لا نشعر باننا ظلمنا مرتين، الاولى اثناء حكم صدام حسين، والثانية بعد سقوط نظامه.

* قبل ايام قدم وفد الجامعة العربية، الذي زار العراق، تقريرا الى الامين العام عمرو موسى يحذر فيه من وقوع فتنة داخلية بسبب تقوية دور الشيعة والاكراد، هل تعتقدون بان تهميش دوركم في الواقع السياسي سيؤدي الى احداث فتنة طائفية فعلا؟

ـ التهميش امر واضح، وليس هناك حاجة للتدليل عليه، ابتداء من صياغة مجلس الحكم الحالي على اساس طائفي وعرقي غير معهود في اي مكان بالعالم، في حين انه كان من المفترض ان يقوم المجلس إما على اساس عرقي كعرب واكراد، او على اساس طائفي كشيعة وسنة، وإما على اساس ديني كمسلمين ومسيحيين. اما التقسيم الحالي فهو تقسيم غريب جاءت به اميركا مخالفة بذلك كل التقسيمات المعروفة، فهو قائم على اساس ديني عرقي طائفي مذهبي في آن واحد فجعلت منا بذلك شلة ممزقة، وهذا شيء لم يحدث من قبل.هُمشنا نحن اهل السنة ليس على صعيد الحكم بل حتى على الصعيد الاعلامي، فانت تلاحظ ان الاميركيين عندما يصرحون بشيء حول العراق لا يأتي ذكر السنة على لسانهم وكأننا غير موجودين على الخارطة العراقية رغم اننا نعتقد باننا اكثرية. فاذا كنا كعرب مع الشيعة فنحن اكثرية، واذا كنا كطائفة سنية مع الاكراد فنحن اكثرية ايضا، واعتقد باننا بمفردنا نشكل اكثرية ايضا، فكما تعرف لم تجر لحد الآن اية احصاءات على اساس التمييز بين الشيعة او السنة، اقرب احصاء رسمي جرى عام 1997 ولو تأملت الارقام جيدا ستجد ان الكثافة السكانية في المحافظات السنية في العراق تعادل ضعفيها في المحافظات المقفلة على الشيعة، فعلى سبيل المثال كان عدد سكان الموصل حسب الاحصاء المذكور مليونين ونصف المليون فيما كان عدد السكان في النجف 900 الف فقط، وفي الرمادي مليونا ونصف المليون مقابل 700 الف في الناصرية، لكن تجاهل هذه الارقام كان مقصودا من اميركا فهي ارادت ان تلعب اللعبة الطائفية فركزت على الاخوة الشيعة، الذين اعطوها بصراحة كسبا بالمحافظة على هدوء الشارع والنظر الى القوات الاميركية كونها قوات محررة، وحاولت اميركا بابداء اهتمام اكبر بالشيعة ان توغر صدورنا وتثيرنا ضد اخواننا الشيعة.

* كان حكم الدولة العراقية، منذ بداية تأسيسها اوائل العشرينات من القرن الماضي، بيد ابناء الطائفة السنية، والان نلمس اهتماما استثنائيا باعطاء الدور الاكبر للشيعة، هل يمكن تفسير ذلك بانه انتقام اميركي من الطائفة السنية؟

ـ لا اعتقد ذلك، فاميركا تبحث دوما عن مصالحها، مصلحتها في العراق كانت في اثارة النعرة الطائفية، انا وزملائي في الهيئة نؤمن بهذه الحقيقة، ونعتقد بان افضل طريقة لاثارة الطائفية هي في تهميشنا كسنة وتقديم دعم لا محدود لاخواننا الشيعة، فاميركا لعبت لعبة اصبح كل عراقي يفهمها الان. فبعد ان دخلت قواتها الى العراق تركت جميع المعسكرات ومخازن الاسلحة امام الناس لينهبوها، هل ان اميركا لا تدرك خطورة وقوع السلاح بيد الاهالي؟ لماذا تركت ابواب مخازن السلاح لثلاثة اسابيع مفتوحة على مصراعيها امام الناس ينهبوا الاسلحة الخفيفة والثقيلة ايضا؟ انا كنت عند سقوط بغداد في الموصل وانا من اهلها ورأيت بأم عيني كيف كانت الدبابات الاميركية امام معسكر الغزلاني بالمدينة تتفرج على الناس وهم ينهبون مخازن اسلحته. وعندما دخل الاكراد الى الموصل قال فاضل ميراني، وهو وزير داخلية حكومة السيد (مسعود) بارزاني، ان قوات حزبه دخلت المدينة بالاتفاق مع القوات الاميركية، وابدى الرجل فيما بعد اسفه بالقول: ليتنا لم نفعل. فعرفنا بانها لم تكن رغبتهم، وبالفعل كادت ان تشتعل فتنة بعد مقتل عدد من الاكراد، لكن للامانة اقول ان القادة الاكراد تحلوا بمنتهى الصبر وضبط النفس ولدينا معلومات بان السيد بارزاني عندما ابلغوه بمقتل عدد من بيشمركته قال: نحن لا نطالب بدمائهم ما داموا اعتدوا على اخواننا العرب. وايضا في الجنوب والوسط فعل الاخوان من مراجع الشيعة نفس الشيء بتفويت الفرصة على الاميركيين، وعندما فشل الاميركيون في هذه اللعبة لجأوا الى خطوة مجلس الحكم واعطاء الاغلبية للشيعة لتهميش السنة، لكننا ايضا تحلينا بضبط النفس رغم حدوث الاغتيالات ضدنا، فقد ادركنا انه في حالة الرد بالمثل ستكون الخسارة اكبر لوطننا. اما فيما يتعلق بالمجلس القادم فقد كان هناك توجه اميركي بجعل الاغلبية فيه لأهل السنة، هذه معلومات تسربت الينا، لكنها عندما وصلت الى الاخوة الشيعة ارادوا ان يبعثوا برسالة الى الاميركيين مفادها «حذار ان تفعلوا هذا»، فاطلق السيد السيستاني مبادرته، حينما شعر بان القضية ستخرج من ايدي الشيعة. ونحن نسأل اذا كان السيد السيستاني يرفض تشكيلة المجلس المقترح، باعتباره لا يمثل الشرعية، فلماذا لا يرفض المجلس الحالي الذي اختاره بريمر ويخضع لفيتو اميركي وهو في احسن الاحوال اضعف من المجلس المرتقب؟ ولماذا سكت سماحته وغيّر رأيه الان؟ نحن نسمع همسات الناس وهم يقولون: طبعا لان المجلس الحالي فيه اكثرية شيعية، وسماحة السيد رضي بهذه الحصة، لكن في تقديري علينا ان ننظر الى هذه المسائل بمنظار الوطنية لا بمنظار الفئوية او الطائفية.

* تتحدث عن تهميش متعمد من الاميركيين بحق السنة، والعراق يقف الان بمفترق طرق سيحدد بالتالي وضعه السياسي المستقبلي، الا يدفعكم ذلك الى البحث عن نوع من التحالف مع الاكراد طالما انت تقول انكم معهم ستشكلون اغلبية سكانية من السنة؟

ـ نعم واغلبية ساحقة. ورغم اننا ننظر الى الاكراد كعمق ستراتيجي لنا ونحن نؤمن بذلك، سواء على المستوى الديني او الشعبي، لكني لا اكتمك باننا في البداية شعرنا وكأن اخواننا الاكراد قد تخلوا عنا. كان احد قادتهم قاسيا علينا عندما وصف السنة بانهم ساندوا صدام، وهذا مخالف للحقيقة، فنحن في هيئة علماء المسلمين لو تقرأ سيرنا ستجد ان الكثيرين منا تعرضوا للسجن والتعذيب والتشريد، ولكن رغم ذلك نعتبر انفسنا قريبين اكثر من اخواننا الاكراد لاعتبارات كثيرة ربما لطبيعة التفكير او الخطوط العامة التي تجمعنا بل وبالانتماء الطائفي المشترك، وبناء عليه لا نشعر بان هناك حواجز بيننا وبينهم، فاذا تقدموا لا مانع لدينا.

* هذا يقودنا الى سؤال حول موقفكم من الفيدرالية التي يطالب بها الاكراد كإطار لحل قضيتهم القومية في العراق؟

- هناك قضية متفق عليها من اعضاء هيئة علماء المسلمين، الذين يعكسون رأي الشارع الاسلامي، وهي اننا نعتقد بان اخواننا الاكراد لا بد ان يعاملوا معاملة خاصة لاعتبارات كثيرة اهمها انهم قومية ينبغي ضمان حقوقها اسوة بقوميات العالم، كما انهم تعرضوا الى مظالم كثيرة لا ينكرها عاقل، لكن عندما سئلنا عن الفيدرالية قلنا ان المسألة حساسة وخطيرة تمس مجمل الوضع العراقي وسيادته وتمنينا على الاخوة الاكراد ان يرجئوا هذا الموضوع لما بعد عودة السيادة والاستقلال لبلدنا ومن ثم طرح الموضوع على الشعب العراقي، ونحن مثلما نرفض ان يستغل اخواننا الشيعة الوجود الاميركي لقطف الثمار في ظل الاحتلال ونعتبر قطف الثمار هكذا غير شرعي، لانه يحدث في ظل الاحتلال، نرفض ايضا ان يستغل اخواننا الاكراد الوجود الاميركي لقطف ثمارهم لان ذلك يعتبر نوعا من الاستغلال. ينبغي التريث لحين عودة السيادة والاحتكام الى رأي الشعب.

* تبنى تنظيم يطلق على نفسه «جيش انصار السنة» العمليتين الانتحاريتين اللتين وقعتا في اربيل اول ايام العيد، انتم كهيئة علماء المسلمين تمثلون السنة، هل تعتقدون بمشروعية مثل هذه العمليات؟

ـ نحن تألمنا كثيرا لوقوع الهجومين لانهما حدثا في اول ايام العيد وراح ضحيتها الكثير من الابرياء، ونرى بان الاسلوب الذي استخدم في الهجومين غير مشروع من وجهة نظر الشريعة الاسلامية، اذا كان للانسان عدو فليقابل عدوه، اما قتل الاطفال والشيوخ بهذه الطريقة فقد اثار امتعاضنا وحزننا، ونحن لا نستطيع ان نتهم احدا رغم ان هناك من اعلن مسؤوليته عن ذلك، فربما يكون الامر غير ذلك لكن اي جهة فعلت ذلك نعتبره انها قد ارتكبت خطأ.

* إذن ما هي حدود شرعية المقاومة التي نجدها حاليا في العراق خاصة ان هناك تطورا نوعيا في الاساليب المستخدمة في المواجهة؟

ـ نحن نعيش في دولة تنضوي ضمن منظومة عالمية تحكمها قوانين دولية. واذا تركنا وجهة نظرنا الدينية جانبا نجد انه في ضوء القوانين الدولية فان اميركا دولة محتلة للعراق، والمقاومة ضد الاحتلال عمل مشروع، وهذا امر لا نختلف فيه، لكن المشكلة هي ان هناك خلطا في الاوراق، حدودنا مفتوحة وكل من لديه حساب مع اميركا يستخدم اراضينا للانتقام وتصفية الحسابات معها، بالاضافة الى ان هناك دولا لها مصلحة ايضا في اثارة الفوضى في العراق. البلد مفتوح امام «الموساد» (جهاز المخابرات الاسرائيلي) وجميع اجهزة الاستخبارات في العالم، فاختلط الحابل بالنابل كما يقولون. اما المقاومة فانها عندما بدأت لم تستأذن هيئة علماء المسلمين قبل ان تقوم بشيء، لكننا لا نستطيع ان نلومها اذا هي سلكت هذا الطريق لانها تمارس دورا طبيعيا منحته لها القوانين الدولية بمقاومة الاحتلال، رغم اننا نفضل المقاومة السلمية ونجدها افضل وأنفع لتجاوز العقبات، اما قتل افراد الشرطة ومواطنين ابرياء والعمليات الاخرى فاننا نعتقد بانها لا تصدر عن رجل يدافع عن بلده، انا شخصيا اعتقد ان ذلك دسيسة من دسائس اجهزة المخابرات العالمية. اخي الفاضل جهاز «الموساد» يسرح ويمرح في العراق وهذه حقيقة موجودة، فقبل اكثر من شهر التقت الـ«بي بي سي» بمدير مركز الدراسات الاستراتيجية الاسرائيلية في بغداد وسألته: انت فتحت هذا المكتب هل اخذت اذنا من احد، فقال: انا لا احتاج الى اذن من احد فهناك اكثر من 100 صحيفة تصدر في العراق من غير إذن. هكذا اصبح بلدنا مستباحا من اجهزة مخابرات العالم.