سورية: إقفال الأسواق والمدارس مستمر في القامشلي وتطويق اشتباكات بين عرب وأكراد في رأس العين

TT

تلقى مكتب «الشرق الأوسط» بدمشق تقارير تشير إلى أن الحياة الطبيعية تعود إلى محافظة الحسكة ولكن بصورة بطيئة، في ظل أجواء تكتنفها حالة من الحذر، فيما نقل مراسل وكالة «رويترز» من بلدة جيلانبينار الحدودية في تركيا عن سكان سوريين محليين أمس ان 11 شخصا قتلوا في اشتباكات جديدة بين العرب والاكراد في بلدتين في شمال شرق سورية في اعقاب أعمال شغب مطلع الاسبوع. وأضافوا أن قوات الأمن السورية فرضت حظر تجول في بلدة رأس العين بالقرب من بلدة جيلانبينار التركية بعد مقتل 5 في شجار هناك أول من أمس. وقالت مصادر سورية محلية في اتصال هاتفي من تركيا ان عضوا بارزا في قبيلة محلية كان بين القتلى، وأصيب 30 آخرون في الاشتباكات. وأضافت المصادر أن جماعة كردية هاجمت مركزاً للشرطة في بلدة العامودة، أول من أمس، مما أسفر عن مقتل قائد شرطة وأربعة ضباط وجندي، وقالوا إن الجيش السوري أرسل قوات اضافية للمنطقة لتهدئة الوضع، كما ان السلطات التركية شددت اجراءات الأمن على جانبها من الحدود. الا ان «الشرق الأوسط» علمت، في تقرير لاحق تلقته هاتفياً من محافظة الحسكة، أن ما حدث أول من أمس في بلدة رأس العين كان محصوراً ضمن عائلة واحدة تضم أفراداً عرباً وأكرداً وأسفر عن وفاة شخص (كردي) وجرح أربعة (عرب) جميعهم أقرباء، واعتبر هذا الشجار من تداعيات أحداث القامشلي. وفي مدينة القامشلي نفسها فضل الاهالي التزام منازلهم إلى أن تهدأ النفوس، وهذا ما جعل أصحاب معظم المتاجر في المدينة يحجمون عن فتح متاجرهم إلى حين احتواء الوضع بشكل تام ونهائي، في حين لا تزال أبواب جميع المدارس مغلقة.

وفيما أكدت أحزاب وطنية وهيئات مدنية سورية (غير مرخصة) أن تداعيات وتطورات أحداث مدينة القامشلي تثير مخاوف عامة لدى المواطنين الحريصين على اللحمة الوطنية للشعب السوري في الظروف العصيبة الراهنة في المنطقة، أبلغ المحامي انور البني، عضو جمعية الدفاع عن حقوق الانسان في سورية، وكالة الصحافة الفرنسية ان «مئات السوريين من اصل كردي اوقفوا منذ اندلاع الاضطرابات يوم الجمعة الماضي في شمال شرق سورية»، وقال انه توجه الاحد الماضي الى دمر حيث توجد تجمعات الاكراد لتهدئة النفوس، واضاف ان السكان الذين بلغتهم انباء الاضطرابات في القامشلي والحسكة كانوا في حالة غليان وتظاهروا في الشوارع ودمروا سيارة شرطة وأعمدة كهربائية فيما ارسلت قوات مكافحة الشغب الى المكان.

وقال ان قوات الشرطة دخلت ليل الاحد ـ الاثنين الى احياء جبل الرز في دمر واوقفت عددا كبيرا من الاشخاص. وتابع ان اعتقالات جرت ايضا في شمال شرق سورية، ولكنه لم يعط ارقاما بعدد الموقوفين.

ومن جانبه، دعا القيادي الشيوعي السوري رياض الترك القيادة السورية الى اتخاذ تدابير سياسية انفراجية، ليس بسبب أحداث القامشلي بل بسبب مجمل الوضع سواء في المنطقة لقطع الطريق على الأميركيين أو لحل المشاكل الداخلية أو تلك المرتبطة بالصراع مع إسرائيل.

وقال الترك إن جميع الأحزاب الكردية، باستثناء حزب أو حزبين، «مفعمة بالموقف القومي الكردي المتعصب» ودعا الى طرح المسألة في الإطار السوري وضمان حقوق الأكراد كمواطنين سوريين وإلى حل مشكلة المكتومين والمحرومين من الجنسية، بيد أنه أوضح أنه سيختلف مع الأكراد في حال تم بحث القضية الكردية على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

وبدورها طالبت الأحزاب السورية والهيئات المدنية (غير المرخصة)، في بيان أصدرته امس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، بوقف حملة الاعتقال وكل أشكال العنف وأعمال الشغب واطلاق سراح المعتقلين، كمقدمة لا بد منها لوأد الفتنة، والمسارعة إلى تشكيل لجنة تحقيق وطنية نزيهة تتقصى حقيقة ما جرى وتحدد المسؤولية عن سبب وقوع هذه الأحداث وتطورها، وانصاف أسر الضحايا والمتضررين ورأب الصدع بمعالجة أسبابه السياسية ودانت الإساءة إلى علم البلاد أهم رموز وحدتها الوطنية.

ووُقِع البيان من قبل: التجمع الوطني الديمقراطي، الجبهة الوطنية الديمقراطية الكردية، التحالف الوطني الديمقراطي الكردي، لجان إحياء المجتمع المدني، جمعية حقوق الانسان، منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي، حزب العمل الشيوعي، لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان، هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي والضمير، مجموعة مناهضي العولمة، حزب الاتحاد الشعبي الكردي».