فهد العريفي.. الجبل الثالث لحائل والعمود التاسع في بلاط صاحبة الجلالة

TT

فقدت الصحافة السعودية أول من أمس واحداً من أبرز رجالها، حين توفي الشيخ فهد العلي العريفي، الذي رحل عن 76 عاماً، بعد أن قضى أكثر من ثلثي عمره متنقلاً بين أعمدة الصحف كاتباً وناقداً، وتسنم منصب مدير عام مؤسسة اليمامة الصحافية في الرياض التي تصدر عنها جريدتا (الرياض) و(رياض ديلي) باللغة الانجليزية بالاضافة للمجلة الاسبوعية (اليمامة) و(كتاب الرياض). وظل العريفي حتى بعد أن غادر منصبه يمارس شغفه في الكتابة ويمارس معها إطلالته على هموم الطبقة الوسطى في المملكة، فقد عرف عنه تصديه وبصلابة لمطالب البسطاء ودفاعه المستميت عن حاجاتهم اليومية، ولم تكن مقالاته منذ بدأ ينشر في صحيفة (أخبار الظهران) الصادرة في المنطقة الشرقية إلا كلمات مغموسة بالوعي والألم وهو يلح في التصدي للهموم قارئيه.

وكانت صفحته «حدود المحبة» في مجلة اليمامة الاسبوعية، واحدة من النوافذ التي يطل فيها على قارئيه بروح تعبق بمعاني الوطنية والالتفات الى ابناء بلاده في كل مكان. وتميزت مقالات العريفي بحسّ قومي طافح بالهم العربي، وظل على امتداد عمره الكتابي يدافع عن القضايا القومية لأمته، وطالما انغمست كلماته بالقهر والحزن لحالها، وفي كل الأحوال لم يكن العريفي كاتباً متشائماً، فقد اتسمت مقالاته بشحنة مندفعة بالتفاؤل والتطلع لغد أكثر اشراقاً.

في سيرته الذاتية عُرف العريفي بعشقه لمسقط رأسه (حائل) التي ولد فيها سنة 1928 وكثيراً ما كتب عنها بل أنه ألف كتاباً باسمها، وظل منزله ومكتبه مضيفاً لأبناء منطقته الذين يفدون الى العاصمة لقضاء حاجاتهم، وكتب صديقه عبد الرحمن بن فيصل المعمر تكريما للفقيد أنه كان يزوره «في داره القديمة في حي سكني بين منطقة الشميسي والخزان، وكانت تلك الدار أشبه «بمضافة» أو محطة استقبال أو نزل وخان مسافرين للمقبلين من حايل ومن حولها، أو للضيوف العابرين عبر الرياض يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله».

وكان الراحل يتصدى للمقبلين من الشمال الى العاصمة التي تكتظ بغابات الاسمنت، ليتحول الى مرشد لهم ودليل حتى تقضى حوائجهم، وكثيراً ما تدخل لإصلاح ذات البين أو التوسط لحل مشكلات ابناء منطقته. ويصف المعمر بيت العريفي القديم أوائل الستينات بأنه كان منزلاً بسيطاً توضع فيه الفرش المتواضعة ويستقر في ركن المجلس صندوق من الحديد كان يضم أمتعة العريفي. وفي مراحل تالية رفض ابو(عبد العزيز) منصباً لعضوية مجلس منطقة حائل، وظل بعيداً عن المناصب الرسمية، وزاهداً في حفلات التكريم التي تعرض عليه.

اهتم العريفي بالأدب والشعر وحوّل بيته إلى منتدى ثقافي تجتمع فيه ثلة من الأدباء السعوديين لتداول الشعر والنقد وقراءة السير، وظل حتى أطاح به المرض ملاذاً للادباء والشعراء والكتاب السعوديين.