الاشتباكات بين القوات الأميركية و«جيش المهدي» تنتقل إلى وسط كربلاء

أنصار الصدر يقصفون مقر الإدارة المدنية في الناصرية ومسؤول عسكري إيطالي يصف الوضع بأنه «مائع جدا»

TT

تجددت الاشتباكات بين قوات التحالف وعناصر ميليشيا «جيش المهدي» بقيادة مقتدى الصدر في كربلاء والنجف والناصرية امس، فيما بدا ان مساعي الهدنة تعثرت مرة اخرى وسط دعوات من جانب المرجعية الدينية الشيعية للأهالي بالتوسط بين الطرفين للتوصل الى حل سلمي للأزمة. وذكر مصدر طبي وشهود عيان ان اربعة عراقيين بينهم ثلاثة مدنيين قتلوا وجرح سبعة اخرون في اشتباكات وقعت صباح امس بين افواج الدفاع المدني العراقي الذي انشأته سلطة التحالف بقيادة الولايات المتحدة والمسلحين التابعين للصدر.

وأكد علي العرداوي مدير مستشفى الطوارئ في المدينة ان «جثث ثلاثة قتلى مدنيين نقلت الى المستشفى اضافة الى سبعة جرحى».

وقال شهود عيان ان القوات الأميركية دمرت مكتب الصدر في كربلاء حيث حوصر مقاتلوه فيما ضربت طائرات هليكوبتر مواقع جيش المهدي بنيران المدفعية. وانتشر قناصة أميركيون على اسطح المباني التي تحيط بمرقدي الامام الحسين والامام العباس وهما من أقدس المزارات الشيعية وشهدا قتالا ضاريا في الايام الاخيرة. واستولى رجال الصدر على مراكز الشرطة والمباني الحكومية في المدن الجنوبية اثناء القتال. ونفت شرطة كربلاء تقارير ذكرت انها فقدت السيطرة على مركز على مشارف المدينة ومخزن السلاح التابع له. ووجه الجيش الاميركي نداء الى اهالي كربلاء عبر مكبرات الصوت لاخلاء وسط المدينة في فترة بعد الظهر مما يشير الى ان القوات الاميركية على وشك شن هجوم.

من جهته، قام احد قادة جيش المهدي وهو الشيخ حمزة الطائي امام المراسلين باطلاق سراح شرطي عراقي كانت الميليشيا التابعة للصدر احتجزته اول من امس بعد هجوم شنته على مركز للشرطة في المدينة. وقال الطائي للمراسلين «انه اخر شرطي نطلق سراحه وكل شرطي آخر نأسره سيتم اعدامه كمتعاون مع المحتلين».

وذكر مصدر في الشرطة العراقية ان مسلحي «جيش المهدي» هاجموا اول من امس احد مراكز الشرطة داخل المدينة واستولوا على آليتين وكمية كبيرة من الرشاشات.

وكانت منطقة المزارات التي تكتظ عادة بالحجاج الشيعة من ايران والدول الاخرى مهجورة بينما اغلقت المتاجر الواقعة عند اطراف البلدة ابوابها حيث تحطم زجاج نوافذ بعضها ونهبت البضائع مع تفجر القتال.

من جهته، دعا ممثل المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني اهالي كربلاء الى «التوسط بين الطرفين لحل ازمة بالطرق السلمية». وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ردا على سؤال عن موقف السيستاني من الاشتباكات في المدينة المقدسة «ادعو اهالي كربلاء الى بذل الجهود الحثيثة والسعي للتوسط بين الطرفين لحل هذه الازمة بالطرق السلمية». وفي النجف، دعت القوات الاميركية اهالي المدينة في بيان وزعته دورياتها اول من امس الى «مزيد من التعاون خلال تطهير المدينة (من عناصر الصدر)».

وقال قائد القوات البرية للتحالف في العراق الجنرال الاميركي ريكاردو سانشيز امس ان التحالف «ملتزم باحترام الاماكن المقدسة» في النجف وكربلاء (وسط) «وبايجاد نهاية سريعة» للازمة مع العناصر الشيعية المتطرفة. وقال الجنرال سانشيز على هامش حفل لتعيين مسؤولين عسكريين في بغداد «امامنا هدفان: علينا الاستمرار الى ان يسلم (مقتدى) الصدر نفسه الى القضاء العراقي وان يفكك ميليشياته». واضاف «من المهم بالنسبة الينا توفير الاستقرار والأمن الى المدن المقدسة. نحن ملتزمون تماما باحترام قداسة الاضرحة (...) وعلينا انهاء المشكلة (التي يطرحها الصدر) سريعا». وتابع «اعتقد انه يوجد هناك نواة لمناصري الصدر، لكنني مقتنع تماما بان الناس في جنوب البلاد، النجف وكربلاء، تعبوا من هذا الوضع. انهم يريدون السلام ويريدون اعادة فتح مدارسهم ومتاجرهم وحياة طبيعية». وكان الصدر اكد في حديث لقناة «العربية» الفضائية الليلة قبل الماضية ان عناصر الميليشيا التابعة له سيتحولون الى «قنابل موقوتة» اذا اقتربت القوات الاميركية من العتبات المقدسة في النجف التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الطرفين.

وبرر الصدر الذي تطالب القوات الاميركية باعتقاله او قتله وتصر على القضاء على الميليشيا التي شكلها، لجوءه الى النجف «بعدم وجود من يدافع عنها ووجود المحتل»، في اشارة الى القوات الاميركية. وقال «اذا خرج المحتل وتشكلت قوة عراقية مثل لواء النجف او ما شابه للدفاع تنتهي مهمتنا والا فجيش المهدي باق لا يمكن لاحد حله او سحبه». واضاف «نحن لا نسيطر على المراقد انما ندافع عنها». وشن مقاتلون من «جيش المهدي» هجوما بقذائف المورتر والقنابل على مكتب الادارة المدنية التي تقودها الولايات المتحدة في الناصرية بجنوب العراق طوال ليلة امس فيما احتمى نحو عشرين من الموظفين الدوليين والصحافيين بالمبني. وقال اندريا انجيلي المتحدث باسم التحالف في الناصرية ان قذائف المورتر والقنابل الصاروخية ونيران البنادق امطرت المبني طوال الليل وحتى السادسة (بالتوقيت المحلي) من صباح امس. وتابع «استمر (القصف) طوال الليل تقريبا»، مضيفا انه ونحو عشرين مسؤولا وصحافيا ومسؤولا أمنيا ايطاليا وبريطانيا وأميركيا سالمون داخل المبني. ومضى قائلا «لحقت بعض الاضرار بالمبنى ولكنه صمد معظم الوقت». واصيب اثنان من الحرس الخاص من الفلبين في معارك مع المقاتلين من «جيش المهدي». وقال متحدث عسكري ايطالي ان قواته تمكنت من نقل المصابين الفلبينيين الى قاعدة عسكرية فيما جرت مناوشات مع المسلحين في جميع انحاء المدينة. وقال ان الوضع في الناصرية «مائع جدا» ولا يمكن الجزم بما اذا كانت القوات الايطالية او المقاتلين الشيعة يسيطرون على المدينة. وقال انه لم يصب اي من الجنود الايطاليين وانه لا تتوافر لديه معلومات عن الضحايا من المقاتلين. وتابع «يوجد مجموعات من المقاتلين حول مركز الشرطة والجسر الرئيسي. هدأ الوضع منذ الليلة الماضية ولكنه لا يزال متوترا ومائعا». ولم تشر الشرطة ومستشفيات المدينة الى سقوط ضحايا لكن المعارك الحقت اضرارا بمتاجر ومنازل وقد دمر احدها بالكامل.

وهاجم اتباع الصدر بعد ظهر اول من امس مركزا للشرطة في الناصرية وافرجوا عن 16 موقوفا بعدما فر عناصر الشرطة امام المهاجمين حسب ما قال ضابط في الشرطة.