الياور يكسب سباق الرئاسة وسلطات التحالف تعلن حل مجلس الحكم

المنصب عرض على الباجه جي ولكنه اعتذر عن قبوله بعد نصف ساعة منددا بمزاعم قالت إنه «مرشح الأميركيين»

TT

اخيرا، انتهى مخاض الرئاسة العراقية العسير باختيار الشيخ غازي عجيل الياور، الذي فتح انسحاب منافسه عدنان الباجه جي من السباق، الطريق امامه ليكون الرئيس العراقي الأول لمرحلة ما بعد صدام حسين، والأول الذي يتولى المنصب في منافسة ولو داخلية، لا تنطوي على سفك دماء، والأول الذي لا يحمل رتبة عسكرية، والأول الحاصل على شهادة علمية.

فبعد تأجيلين متتاليين لموعد الاعلان عن اسم الرئيس، وبعد مجادلات كلامية بين عدد من اعضاء مجلس الحكم والحاكم المدني الاميركي بول بريمر، اعلن امس عن اختيار الشيخ الياور رئيسا مؤقتا لجمهورية العراق وتعيين الدكتور روز نوري شاويس رئيس برلمان كردستان والدكتور ابراهيم الجعفري زعيم حزب الدعوة الاسلامي نائبين له.

وعلى اثر الاعلان عن اختيار الرئيس والتشكيلة الحكومية، اعلنت مصادر سلطات التحالف عن حل مجلس الحكم الانتقالي، مشيرة بذلك الى بدء مرحلة جديدة ينتظر ان تنهي الاحتلال وتمارس من خلالها السيادة من قبل سلطة وطنية.

وقال مسؤول في ادارة التحالف طلب عدم كشف اسمه انه «تم حل مجلس الحكم هذا الصباح وستتولى الحكومة الانتقالية مسؤولياته ابتداء من اليوم (امس) بانتظار انتقال السلطة بشكل تام في 30 يونيو (حزيران)».

وكان الباجه جي قد عقد مؤتمرا صحافيا قبيل الاعلان عن ترشيح الياور للمنصب، اشار فيه الى تدخلات من بعض الجهات من دون ان يسميها والتي عبرت عن عدم ارتياحها لاشغاله المنصب قائلا «رأيت ان اشغالي هذا المنصب كرئيس، ولو لأغلبية العراقيين، لا يفي بالغرض» معربا عن اعتقاده بان هذا المنصب يجب ان يشغله شخص يحظى بدعم وتأييد من كل قطاعات وشرائح الشعب العراقي، اي ان هذا الرئيس سيكون عامل توحيد وليس عامل تفرقة.

واعلن الباجه جي انه اعتذر عن قبول المنصب بعدما لمس وجود «اكاذيب تقول ان سلطة التحالف تريد ان تفرضني لمنصب الرئاسة».

وقال ان الموفد الخاص للامين العام للامم المتحدة، الاخضر الابراهيمي عرض عليه المنصب «بناء على استطلاعات للرأي والدعم الذي لمسه من كافة شرائح المجتمع العراقي شمالا وجنوبا وشرقا وغربا». واضاف «بعد تفكير، قررت ان اعتذر عن قبول هذا المنصب». واكد الباجه جي «سلطة التحالف لم ترشحني ابدا. بالعكس سلطة التحالف رشحت شخصا آخر وبعد ترشيحه رأت بان هناك غالبية من الشعب العراقي تؤيدني فتبدل موقفها».

وقالت رجاء حبيب الخزاعي عضو المجلس «ان المنصب عرض على الباجه جي لكنه رفضه وتم تعيين الياور بدلا منه. هذا ما حدث والكل راض». وهو ما اكده وزير التخطيط العراقي مهدي الحافظ الذي قال ان الباجه جي «اختير لتولي الرئاسة لكن بعد نصف ساعة على ذلك اعلن انه يرفضه».

واوضح احد مساعدي الباجه جي ان الرفض جاء «لان بعض اعضاء مجلس الحكم اشاعوا ان (الباجه جي) مرشح الاميركيين لحرقه، لكن المرشح الحقيقي للاميركيين هو غازي الياور».

واعلن مجلس الحكم فور اعلان الرفض، انه يدعم غازي الياور لرئاسة الدولة. وقال عضو المجلس نصير الجادرجي ان «التحالف ومجلس الحكم اختارا بالاجماع غازي الياور رئيسا» للبلاد. وقالت هند الشنين احدى المساعدات الرئيسيات لغازي الياور ان «الشيخ الياور عين رسميا رئيسا للجمهورية وبدأ تلقي التهاني من اعضاء مجلس الحكم».

وكانت مصادر في مجلس الحكم قد اشارت في اتصالات مع «الشرق الاوسط» طيلة ليلة اول من امس وصباح امس الى اصرار اعضاء مجلس الحكم على اختيار الياور لمنصب الرئيس باعتباره الشخص المؤهل الذي يجمع عليه العراقيون في هذه المرحلة. مضيفة انه لا يمكن لاحد ان يقلل من مكانة الدكتور الباجه جي او يسيء لنزاهته واخلاصه وحرصه على اخراج العراق من محنته، بالاضافة الى حنكته وحكمته وتجربته الدبلوماسية الغزيرة، «لكن المرحلة الحالية تتطلب رئيسا شابا يمثل جميع الاطياف العراقية حتى يمكن للبلد ان يتجاوز محنته الحالية ويخرج من عنق الزجاجة جراء تعرضه لمخططات من جميع الجهات».

وفي مؤتمر صحافي ضمه والمبعوث الدولي الاخضر الابراهيمي قدم الشيخ الياور شكره والعراقيين لمنظمة الامم المتحدة ممثلة بالامين العام ومبعوثه الابراهيمي، على الجهد الكبير والانساني لمساعدة العراقيين في الخطو نحو استعادة السيادة الكاملة وتشكيل الحكومة المؤقتة التي بذل الابراهيمي جهدا كبيرا بحكمته لتشكيلها. واعرب الياور عن امله في ان يصدر قرار من مجلس الأمن الدولي يعيد السيادة الكاملة للعراق، مثلما يتطلع ابناؤه لبناء وطن حر ومستقل وديمقراطي فدرالي.

وقال الابراهيمي في بيان مؤكدا تعيين الياور «عرض منصب الرئيس على الدكتور عدنان الباجه جي الذي يحظى بالاحترام والتأييد في العراق بموافقة الشيخ غازي، لكنه رفضه لاعتبارات شخصية». واختير اياد علاوي رئيسا للوزراء يوم الجمعة الماضي وهو من الاغلبية الشيعية التي عانت من الاضطهاد لفترة طويلة في العراق.

وفي وقت لاحق اعلن بريمر والابراهيمي أسماء الوزراء في الحكومة المؤقتة التي ستتولى السلطة من ادارة الاحتلال يوم 30 يونيو (حزيران).

وبعد وقت قصير من الاعلان عن اختيار الياور جرت المراسم الرسمية لتنصيب اعضاء السلطة العراقية الجديدة التي ستتولى ادارة البلاد حتى الانتخابات العامة والتي يفترض ان تجري في بداية العام 2005.

وجرت المراسم في قصر للرئيس العراقي السابق صدام حسين في حي الحارثية. وصفق الحضور للرئيس الجديد ونائبيه ورئيس الوزراء الجديد. وقال الابراهيمي في كلمته «أدعو العراقيين ان يعطوا هذه الحكومة العراقية الجديدة التي ستمارس واجباتها في ظل السيادة العائدة، فرصة وساعدوهم واحكموا عليهم بعد الاطلاع على برامجهم». واضاف الابراهيمي ان «البلد بحاجة لوحدة وطنية ولا اعتقد ان شعب العراق عاجز عن تحقيق هذه الوحدة الوطنية وبناء ما تحطم خلال السنوات المظلمة الماضية».

من جانبه، اعلن الياور عن «عزمه على اقامة نظام ديمقراطي فدرالي موحد يعيش فيه الجميع في دولة حرة بعيدا عن اي محاصصة طائفية». وقال «اعاهدكم ان اكون عراقيا مدافعا امينا على تطلعاتكم واستعادة السيادة واقامة نظام فدرالي، وعهدي لكم ان ابذل قصارى جهدي لاعادة بناء العراق وتصفية كل اشكال التمييز وتحقيق المصالحة لجعل بلدنا بلا قتلة ومجرمين وطامعين. وعهدي ان اعيد للعراق دوره الاقليمي والعربي وان يكون عونا لجيرانه». واعلن ابراهيم الجعفري نائب الرئيس العراقي في كلمته ان «الظروف الصعبة ستحول هؤلاء (الحكومة الجديدة) الى رواد طريق ليواصلوا الطريق وليتغلبوا على كل الصعاب ويحققوا الحياة الحرة الرغيدة لابناء الشعب العراقي». واضاف ان «هؤلاء سيعيدون للعراق وجهه المليء بالحب بعد ان حاول نظام صدام حسين تحويله الى اداة رعب وسيعملون على اعادة الأمن والطمأنينة والاستقرار ليس للعراق فحسب بل للمنطقة باسرها». وقال روز نوري شاويس نائب رئيس الجمهورية ان «تشكيلة الحكومة العراقية الجديدة تشكيلة ملتزمة ومعبرة عن الشراكة الحقيقية في الوطن والاتحاد الاختياري بين ابناء هذا الوطن». واضاف «اننا نؤكد على خدمة كل العراق من الجنوب الى اقصى ربوع كردستان ونتمسك بالاخوة العربية ـ الكردية ومع كل الطوائف الاخرى». وقال «لقد حان الوقت الان ان نبدأ العمل ونضع ايدينا يدا بيد من اجل بناء عراق فدرالي موحد».

وتعهد اياد علاوي رئيس الوزراء امس في كلمته العلنية الاولى بعد تعيينه في هذا المنصب، بالعمل لقيام دولة ديمقراطية في العراق. وقال علاوي «بعد 35 عاما من النظام القمعي بدأنا اليوم مسيرتنا نحو السيادة والديمقراطية».

وشكك العضو الكردي في مجلس الحكم العراقي محمود عثمان في مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية بمصداقية الحكومة العراقية الجديدة التي اعتبر ان مصداقيتها «تقترب من الصفر».

وقال عثمان «اذا استمر الوضع على ما هو عليه اخشى ان تكون مصداقية الحكومة الجديدة قريبة من الصفر»، مضيفا «اولا لان نصف الوزراء الذين تم اختيارهم يتسلمون حاليا مناصب في الحكومة وفي مجلس الحكم، وثانيا لان الاميركيين يعطون بالفعل الانطباع للجميع برغبتهم بالسيطرة على كل شيء حتى بعد الثلاثين من يونيو(حزيران)». وتابع «لو كانوا يريدون بالفعل الرحيل لما كانوا تصرفوا كما يفعلون اليوم».

الا ان عثمان عاد واعرب عن الامل بان «يعطى العراقيون بعض الوقت لهذه الحكومة قبل ان يحكموا عليها» معتبرا ان الرئيس الجديد غازي الياور «مقبول اكثر من قبل المجتمع العراقي من عدنان الباجه جي».