البدو.. أصولهم وأنسابهم وحكاياتهم المختلطة بين الأسطورة والتاريخ في خمسة مجلدات

TT

تصدر قريبا الترجمة العربية لكتاب «البدو» لمؤلفه البارون ماكس فون اوبنهايم، بمساعدة ارش برونيلش وفرنر كاسكل. حقق الكتاب وقدم له ماجد شبر. وترجمه محمود كبيبو. وهو حصيلة سنين طويلة من العمل والملاحظات والتسجيلات الشخصية التي قام بها المؤلف ومساعدوه.

وهنا مقتطفات من المقدمة التي كتبها ماجد شبر محقق الكتاب:

إن كتاب البدو هذا يعدُّ من أهم الدراسات وأكثرها عمقاً في فهم القبائل البدوية ودراستها دراسة تاريخية اجتماعية واقتصادية وسياسية وأنثروبولوجية. وهو يقدم معلومات شاملة وفريدة من نوعها عن تاريخ القبائل وأصولها وأنسابها وهجراتها والترابط القائم بينها.

يقول المؤلف: «إنّ هذا الكتاب حصيلة أربعين عاماً من العمل والملاحظات والتسجيلات الشخصية التي قمتُ بها في عين المكان». وقد صدر الجزء الأول والثاني من الكتاب في حياة مؤلفه أوبنهايم، ومساعده بروينلش، أما الجزء الثالث والرابع، فقد أخذا عشرين سنة أخرى لكي يُبصرا النور، بعدما اشرف عليهما ونقحهما، وأضاف إليهما إضافات مهمة البروفسير فرنر كاسكل.

ذكر المؤلف أنه سار باتجاهين في إعداد الكتاب. الأول: إنجاز دراسة وافية للحياة المادية والثقافية للبدو. والثاني: متابعة أعرافهم وعاداتهم ومراقبة حياتهم داخل الأسرة والقبيلة وحيال المنتسبين إليهم وتدوين مأثورات وأساطير قبائلهم. وكذلك تدوين ملاحظات مهمة حول الحياة الداخلية لهذه القبائل، من سلطة الشيوخ والأعراف البدوية وعادات الأعراس والزواج وحق الضيافة والحماية (الإجارة) وكذلك الاهتمام بالحياة الدينية.

وعلى وفق هذين الاتجاهين، قام المؤلف بدراسة عادات وتقاليد القبائل البدوية في المناطق التي توجد فيها تلك القبائل كمنطقة سيناء، والأردن. حيث سجّل بعض العادات والتقاليد البدوية والتي منها على سبيل المثال اجتماع أفراد إحدى القبائل حول قبر أحد الأشخاص وسبه سباً مقذعاً، أو ذبح بعض الأضاحي ورمي أجزائها في البحر، بالإضافة إلى قيامه بتسجيل الحكاوى المتعلقة بأصول بعض القبائل، فسجّلها كما رويت له مختلطة بها الأسطورة والتاريخ. لقد قام المؤلف بتسجيل تلك الحكايات، لكنّه وقف منها موقف الباحث الذي يتوخى الجانب العلمي. كمثال على ذلك، إن الحكاية التي تدعيها قبيلة البقارة في سورية لإثبات نسبها إلى الإمام محمد الباقر، هي من تلك الحكايات الأسطورية التي يقوم بتحليلها ومن ثم تفنيد علة ربط ذلك النسب.

ومن خصائص هذا الكتاب أيضاً، قيامه بمعالجة القبائل من الناحية الجغرافية، فهو يقوم بتصنيف القبائل المختلفة إلى مجموعات بحسب المناطق الجغرافية المختلفة على خلاف ما هو متبع بكتب الأنساب. إن المساحة الجغرافية التي يشملها البحث كبيرة حيث أنها تتوزع بين العراق، سورية، المملكة العربية السعودية بأقاليمها (الحجاز ونجد والإحساء) وبين الكويت، قطر، البحرين، الإمارات، الأردن، فلسطين، سيناء بالإضافة إلى قسم من القبائل التي تعيش داخل تركية الحالية، وكذلك قبائل وعشائر عربستان أو ما يطلق عليه خوزستان إيران. بل يمكن القول إنه يتناول كل القبائل العربية في آسية.

لقد صدر عدد من الكتب التي تبحث في موضوع القبائل والعشائر بأسلوب أكاديمي ولكن أغلبها يقتصر بحثها على قبيلة واحدة، أو جزء من قبيلة كحال دراسة قبيلة الرولة أو يشمل منطقة جغرافية محدودة. وما قام به الباحث الكبير البروفسير موزيل في كتبه المهمة والتي تندرج تحت نفس العنوان العلمي الرصين فإنها أقرب إلى كتب الرحلات التوثيقية منها إلى الأنساب، لكنها لا تخرج عن هذا المسار كمناطق (وسط الفرات) و(شمال الحجاز) و(شمال نجد) و(عادات وتقاليد الرولة) والصحراء العربية.

هناك ناحية مهمة أخرى في تاريخية البحث ألا وهي الفترة الزمنية التي بحث فيها المؤلف «البدو» حيث تعد فترة فاصلة ومهمة في تاريخ البدو بشكل خاص والمنطقة العربية بشكل عام. وهي الفترة الزمنية التي بدأت قبل عملية توطين القبائل البدوية، وقبل أن ينتشر نفوذ وسلطة الدولة التي قامت بعد الحرب العالمية الأولى.

* مكونات كتاب البدو

* يتألف الكتاب من أربعة أجزاء، أُرفق بكل جزء منه مجموعة من الخرائط الجغرافية تظهر توزع وانتشار ووجود القبائل المذكورة في ذلك الجزء، وكذلك أرفق المؤلف بعض شجرات أنساب القبائل ووضع بعض الصور في الجزء الأول والثاني.

وفي بداية أي جزء أو قسم يقدم لنا فيه تمهيداً كبيراً يتناول ذلك الجزء، ثم يقدم مقالاً لكل قبيلة. إن المقالات والمقدمات الفرعية هي في الواقع دراسة تاريخية جغرافية سياسية واقتصادية تغطي كل جوانب القسم أو الفصل المبحوث، وفيه يتناول القبائل من حيث تكويناتها وتطورها ودورها السياسي وتاريخ هجراتها. إنَّ بحثه يتناول القبائل على ضوء المناطق الجغرافية أي اعتمد على التقسيم الجغرافي للقبائل. الجزء الأول (المجلد الأول) صدر باللغة الألمانية عام 1939 . ويتكون هذا الجزء من قسمين: القسم الأول: ما بين النهرين (العراق الشمالي) وتناول المؤلف فيه كل القبائل والعشائر الرحل، ونصف الرحل والفلح (الفلاليح). كما تناول المؤلف الحديث عن القبيلتين عنزة وشمر في قسم بلاد ما بين النهرين «العراق الشمالي» الذي يقع جزء منه الآن في سورية (منطقة الجزيرة)، والقسم الآخر ضمن العراق الحالي بشكل مفصّل. هنا نجد أنَّ المؤلف نفسه لم يقسم عنزة إلى عنزة سورية، وعنزة عراقية، بل جعل الفصل الذي يبحث حول قبائل وعشائر عنزة وشمر قائماً في جزء بلاد ما بين النهرين. إن أهمية هاتين القبيلتين ودورها في تاريخ المنطقة، جعل المؤلف يستغرق في بحث عن تاريخ وأصول هاتين القبيلتين بشكل يغطي تاريخها من عصر ما قبل الإسلام إلى الوقت الذي تمَّ فيه البحث. مضافاً إلى البحث في قبائل طي وعشائرها، وزبيد بقبائلها ألبو شعبان، وعقيدات، وجيس، وحرب، والنعيم، والحديدين، وغيرها من القبائل والعشائر.

القسم الثاني: سورية وتناول المؤلف فيه القبائل الساكنة في المنطقة الجغرافية التي تختلف بعض الشيء عمَّا هو معروف حالياً باسم سورية، حيث تعد منطقة الجزيرة ضمن التقسيم الجغرافي لمنطقة بلاد ما بين النهرين (العراق الشمالي)، وتشمل سورية في هذا الجزء كل سورية الحالية ما عدا منطقة الجزيرة. ويشمل البحث القبائل حول حلب المستقر والرحّل وكذلك قبائل حماة، وقبائل ريف دمشق، والجولان، وقبائل عرب الجبل، والموالي، فضل، عمرو، وبني خالد وغيرها.

الجزء الثاني (المجلد الثاني) صدر باللغة الألمانية عام 1943م ويتكون من أربعة أقسام القسم الأول: قسم فلسطين يتناول هذا القسم القبائل الفلسطينية الموجودة شمال وجنوب وبعض مناطق وسط فلسطين. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن المؤلف قد استعمل التعابير التوراتية في تسمية بعض المناطق الفلسطينية فمثلاً يسمي صحراء يهودا، ويقصد صحراء الخليل، وقد أشرت في الهوامش إلى التسمية العربية الفلسطينية لتلك المناطق المختصّة بالقسم الفلسطيني الذي لم يهود، ولم تفتهُ الإشارة إلى موضوع الدور الصهيوني في فلسطين.

بعد المقدمة التاريخية التي ابتدأت من العصر القديم إلى العصر الحديث عن فلسطين وجغرافيتها. تناول أوبنهايم القبائل الفلسطينية، والأحداث التاريخية التي حدثت في القرنين الأخيرين، فقد بدأ بقبائل شمال فلسطين ثم عرّج على قبائل أريحا والساحل، ومن ثم تحدث عن قبائل الداخل من الشمالنه، والكعابنة، والمساعيد، والرشايدة إلى القبائل المجاورة لسيناء، كالتياها وغيرها من القبائل والعشائر.

القسم الثاني: قسم سيناء سار المؤلف على النسق نفسه من حيث السرد التاريخي والوصف الجغرافي للمنطقة، ثم متناولاً القبائل الساكنة فيه، وعلاقاتها مع بعض القبائل المصرية حيث يثبت انتقال بعض القبائل من مصر إلى سيناء والأردن كحال الحويطات. ومن القبائل التي يتناولها في البحث الترابين والسواركة والجبالية والتياها، وغيرها.

القسم الثالث: الأردن تناول فيه إمارة شرق الأردن وسار على النسق نفسه من حيث السرد التاريخي والوصف الجغرافي للمنطقة، متحدثاً عن القبائل الساكنة فيه ومنها سرحان وبني خالد والعدوان وقبائل الكرك والعمرو والشوبك وغيرها.

القسم الرابع: الحجاز تناول المؤلف الجانب التاريخي، وتأثير الإسلام في هذا الإقليم، ودور قريش، ومن ثم دور الأشراف فيه والصراعات التي حدثت في تاريخ المنطقة، مشيراً بتفصيل إلى القبائل البدوية كهذيل، وحرب، وعنزة، وبني فهيم، وعدوان، وحرب وبنو عطية.

الجزء الثالث (المجلد الثالث): صدر باللغة الألمانية عام 1953م وتولى هذا الجزء مسؤولية الإشراف عليه بعد موت المؤلف مساعده كاسكل لوحده وهنا نجد أنَّ الكتاب تضّمن بعض المعلومات التي كانت غير متوفرة في حياة أوبنهايم، وقد شمل منطقة شمال ووسط الجزيرة العربية وتشمل (نجد والكويت، وقطر، والحسا، والإمارات والبحرين). وقد سار على النسق نفسه من حيث السرد التاريخي والسياسي والوصف الجغرافي للمنطقة، وينقسم هذا الجزء إلى قسمين:

القسم الأول: يتناول شمال ووسط وشرق الجزيرة العربية، حيث تتجلى البداوة بأجلى صورها، عند شمر، وحرب، وضفير، والدواسر، وبني خالد، وبني هاجر.

القسم الثاني: العراق (العراق الجنوبي).

يشكل هذا القسم ثلثي الكتاب لكونه يشمل منطقة ذات كثافة سكانية عالية قياساً إلى كل الأجزاء التي يتناولها الكاتب قبائل وعشائر العراق (العراق الجنوبي)، مثل عقيل، وخفاجة، والجبور، والحميدات، والخزاعل، وفتلة، وبني تميم، وغيرها من القبائل والعشائر الصغيرة والكبيرة.

الجزء الرابع (المجلد الرابع): صدر باللغة الألمانية عام 1966م وسار المؤلف على النسق نفسه، كعادته، من حيث السرد التاريخي والوصف الجغرافي للمنطقة، لكن في القسم الثاني من هذا الجزء سلط الضوء على نواح مهمة في فهم النظرة الاجتماعية الدونية لعشائر هتيم وصلبه والخضير.. ولا بد من الإشارة إلى أن الفصل الثاني والثالث من هذا الجزء يختلف عن الأجزاء الأخرى من الكتاب في معالجة جغرافية القبائل والعشائر «هتيم، شرارات، حوازم، صلبة، والخضير» ويعالجها ليس ضمن التقسيم الجغرافي الذي اتبعه في معالجة القبائل والعشائر في أجزاء الكتاب الأخرى بل عالجها بشكل وحدة واحدة. أي عندما يتحدث عن هتيم فيتحدث عن هتيم العراق، وشمال الجزيرة، والحجاز، وهكذا عن صلبه. وقد استعمل المؤلف كلمة غير أصلاء. أما البرفسير كاسكل (معد ومنقح الكتاب) فقد استبدل كلمة «غير أصلاء» بكلمة المنبوذين، أي الباريا، وقال إنه يجدها أكثر تعبيراً من كلمة «غير أصلاء».

لقد وضع المؤلف مشجرات أنساب وخرائط جغرافية في كل جزء، تبين مكان انتقال وانتشار ووجود القبائل التي هي موضوع البحث، حيث قمنا بجمع هذه الخرائط، وقسم من مشجرات الأنساب في هذا المجلد.

كما عمدتُ لرسم مشجرات الأنساب لعدد من القبائل معتمداً بالأساس على مادة الكتاب بالإضافة إلى بعض المصادر الأخرى لأنَّ وجود هذه المشجرات، والخرائط في الكتاب يضيف مادةً أخرى إلى هذا العمل الكبير.

* البدو

* المؤلف: ماكس فون اوبنهايم، بمساعدة ارش برونيلش وفرنر كاسكل

* تحقيق وتقديم ماجد شبر

* الناشر: دار الوراق

* ترجمة: محمود كبيبو