فارس آل شويل كان الركن الثاني في «اللجنة الشرعية» لـ«القاعدة»

مواجهة المقرن ضربت الجانب العسكري.. والعوشن الجانب النظري.. والقبض على فارس (أبو جندل الأزدي) خطوة أخرى

TT

بإلقاء القبض على فارس آل شويل الزهراني (ابو جندل الازدي) أول من امس في جبال «ابو خيال» قرب مسرح المفتاحة الشهير في الموسم السياحي الصيفي في مدينة أبها جنوب السعودية، تكون «القاعدة» في السعودية قد تلقت ضربة اخرى قاسية، في أقل من شهر، بعد مصرع عيسى بن سعد آل عوشن الذي قتل في مواجهة بالرياض في 20 يوليو (تموز) الماضي.

فارس آل شويل الذي لمع نجمه في «القاعدة» من خلال تولي المسؤولية التنظيرية وإصدار الأبحاث والدراسات الداعمة لـ«القاعدة» وعملياتها، وإكسابها الغطاء الفقهي، كان قد نشط في الفترة الاخيرة، خصوصا بعد انباء التفاوض التي كان الدكتور سفر الحوالي وبعض زملائه يقودونها بين السلطات السعودية والملاحقين، لكن الزهراني رفض هذه الوساطة، واصدر بيانا نفى فيه قبوله لمبدأ التفاوض، وعرض فيه تفاصيل العرض الذي قدم له.

قيمة فارس الأساسية تكمن في صرامته الواضحة في الانحياز لخيارات «القاعدة»، وتكفله بـ«النضال» النظري ضد خصوم «القاعدة» من الشيوخ الدينيين.

آل شويل الذي كان يكتب باسم آخر ووقع بهذا الاسم عددا من رسائله وابحاثه، كشف عن اسمه الصريح وبدأ يوقع به اصداراته بعد أن ضم الى القوائم المطلوبة.

وبعد ان كان يكتب بلقب «ابو جندل الازدي»، وبهذا الاسم الف كتابه الشهير والمبكر «الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث» شرع يكتب باسمه الصريح، وكانت البداية من كتاب «الله أكبر خربت أميركا» حيث نجد تقديما للكتاب من قبل الموقع الأصولي «مركز الدراسات الاسلامية» الذي اعتنى بكتاب آل شويل ونشره على شبكة الإنترنت، ويرد في هذا التقديم التالي «يسرنا أن نقدّم لكل متابعٍ لإصداراتنا وموقعنا هذا الكتاب النفيس (...)، وقد كتبه أخونا الفاضل الشيخ فارس بن أحمد آل شويل الزهراني حفظه الله من كل سوء، والمعروف باسم (أبي جندل الأزدي)». وقد كان الشيخ يكتب باسمه المستعار ليسهل تحركه وخدمته للجهاد والمجاهدين. ولكن لما اشتد التضييق عليه (...) ولمَّا نشر اسمه وصورته في الصحف، رأى أن الوقت المناسب للكتابة باسمه الصريح قد حان.

كتابه الأول او الأشهر «الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث» كتبه بعد بواكير المواجهات بين جماعات «القاعدة» والسلطات السعودية، خصوصا حادثة مواجهة استراحة حي الشفا جنوب غربي الرياض صباح 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2002 .

وقبل ذلك بقليل، كانت قد تمت مواجهة بين عزيز العمري، احد المشتبه فيهم، وقوات الأمن في مدينة جدة الساحلية على البحر الأحمر، اطلق فيها العمري النار على قوات المباحث والأمن السعودية.

هذا السلوك في المواجهة كان جديدا حينها، فالأمور لم تصل الى القتل واطلاق النار، ولحظتها استنكر البعض ذلك، رغم انه منحاز لفكر وخط «القاعدة» وزعيمها أسامة بن لادن.

وفي معمعة هذا الجدل، اصدر ابو جندل الازدي كتابه عن «رجال المباحث» مسوغا قتلهم. وقد صرح فارس آل شويل بهذه الحيثيات بوضوح في مقدمة كتابه هذا. تتبع عناوين وخط مؤلفات رموز «القاعدة» الفكريين، يؤشر لمنحنيات الأزمة ومحطاتها. ومع مضي الأحداث، تصاعد نجم ابي جندل، وتصلبت ارادة المواجهة لديه، وألف خلال ذلك مجموعة اخرى، مثل «وجوب استنقاذ المستضعفين من سجون الطواغيت والمرتدين» و«تحريض المجاهدين الأبطال على إحياء سنة الاغتيال».

ومن ضمن مؤلفاته كتاب «قصص تاريخية للمطلوبين» فيه يسرد الزهراني حكايات وقصصا من التاريخ الاسلامي لمن سبق ان وقع تحت طائلة الطلب والملاحقة في سعي منه لتقوية الجانب المعنوي للمطاردين على ذمة «القاعدة»، عبر خلق نموذج تاريخي وقدوة نفسية. الملاحظ بخصوص فارس آل شويل هو كثافة ظهوره بعد مقتل زعيم التنظيم عبد العزيز المقرن في يونيو (حزيران) الماضي، في محاولة للتعويض المعنوي ربما. وبالفعل كان الزهراني اكثر الاسماء القاعدية ترددا وأكثفها نشاطا. وبلغ ذلك النشاط ذروته بعد ان نشر آل شويل رسالة في الإنترنت يعلن فيها براءته من الجنسية السعودية بحجة ان الدولة مرتدة عن الاسلام.

وكبقية اسماء التنظيم النشطة، كان فارس مستغلا للإنترنت بكفاءة عالية، وأشيع انه كان يكتب بأسماء مستعارة في موقع الساحة السياسية مثل «متحرك».

وبعد ان سقطت ورقة فارس آل شويل من شجرة «القاعدة»، ماذا بقي من الاسماء التنظيرية؟

المراقب يلاحظ ان «القاعدة»، او المكشوف منها حتى الآن، تتحرك بجوانب متعددة في نفس اللحظة، فهناك اللجنة العسكرية واللجنة الاعلامية واللجنة الشرعية; وكل منها تتمتع بفاعلية خاصة. ومع ان اللجنة العسكرية او القيادة العامة قد تضررت ضررا بالغا بمصرع المقرن وزميله فيصل الدخيل (ابو ايوب) إلا أن لجنتها الشرعية بقيت بعيدة عن مرمى النار، حتى سقط عيسى العوشن قبل ايام، ثم كرت السبحة ووقع فارس في قبضة السلطات السعودية. وهما مع عبد الله الرشود وسلطان العتيبي (ابو عبد الرحمن الأثري) وعبد المجيد المنيع، أهم من بقي من أسماء اللجنة الشرعية، المكلفة التحريض والوعظ الديني لصالح «القاعدة»، مع إصدار الدراسات اللازمة حول شرعية أعمالها.

هذا التقسيم للعمل بين العسكري والشرعي والإعلامي، ليس محصورا في تنظيم «القاعدة» في السعودية، بل هو سمة عامة في هذه التنظيمات الاصولية المسلحة، كما في الجماعتين الاسلامية والجهاد المصريتين، والسلفية للدعوة والقتال الجزائرية والليبية، ومن ثم تنظيم «القاعدة» الأم، وكذلك تنظيم «التوحيد والجهاد» في العراق بزعامة الزرقاوي. فهناك لجان شرعية واعلامية وعسكرية. وفي بعض الحالات يصبح الهيكل اكثر تركيبا وتعقيدا، فيصبح هناك مجلس شورى أعلى، ولجنة مالية، بحسب ظروف كل تنظيم وملابسات العمل الميداني.