كشفت دراسة حديثة للباحث الأثري السعودي عبد الله بن سعد الراشد عن وجود موقع في منطقة عروى في محافظة الدوادمي (270 كم غرب الرياض) يحوي رسوماً صخرية يعود تاريخها الى الألف الأول قبل الميلاد تقريباً، بالاضافة الى كتابات ونقوش كوفية تعود الى بداية العصر الاسلامي.
وأوضح الراشد في دراسته أن هذه الرسوم الصخرية اكتشفها في منطقة صحراوية نائية وفي مكان يعرف بـ«ضليعات بن ناصر» وهو يبعد 11كم الى الغرب من منطقة عروى. وهذه الرسوم الصخرية تمثل ثلاث مراحل حضارية مختلفة بداية من عصر ما قبل الميلاد بألف سنة وحتى بداية العصر الاسلامي.
ثم أشار الى أن المرحلة الحضارية الأولى من هذه الرسوم تشتمل على أشكال آدمية وحيوانية، حيث تظهر الأشكال الآدمية على هيئة خطوط عودية، والاشكال الحيوانية تمثل الجمال والوعول، وهذه المرحلة تعود الى ما قبل 500 ـ 1000سنة قبل الميلاد تقريباً. أما المرحلة الثانية فتمثل أشكالاً آدمية وخاصة النساء، ورسم النساء بهذه الصورة يكثر في منطقة جنوب الجزيرة العربية، وفي نجران بصفة خاصة. وظهور هذا الشكل في وسط نجد يترك عدة استفسارات تحتاج الى دراسة دقيقة حول وجود هذه الرسوم في تلك الجهة من نجد، اذ لم تظهر أو ترصد تلك النقوش في مواقع أخرى، وكانت نهاية حدود انتشارها في أطراف المنطقة الجنوبية من الجزيرة العربية. وقد رسمت هذه الأشكال بطريقة النقر وتعود الى ما قبل 500 سنة قبل الميلاد تقريباً. أما المرحلة الثالثة فتمثلها رسوم الوسوم وهي عبارة عن أشكال جديدة وعلامات القبائل التي كانت تسم بها حيواناتها كي يسهل التعرف عليها.
ثم يتطرق الراشد في دراسته الى الرسوم الصخرية الثانية التي اكتشفها في الموقع، مبينا أنها تمثل مرحلتين: الاولى تميزها أشكال صغيرة رسمت عن طريق النقر وهي عبارة عن أشكال حيوانية لظباء وغيرها وهي أقدم الأشكال في تلك الرسوم. أما المرحلة الثانية فتمثل أشكالا اكبر حجماً وهي كذلك رسمت بطريقة النقر ويظهر لون الرسوم فيها أفتح من لون الرسوم في المرحلة الأولى.
ونصل الى الرسوم «الوسمية» العائدة للمرحلة الصخرية الثالثة، وهي بدورها تعكس مرحلتين: تمثل الأولى منهما أشكالاً آدمية وحيوانية لوعول وظباء ونفذت عن طريق النقر، بينما تمثل المرحلة الثانية رسوم مختلفة تمثل اشارات القبائل وعلاماتها وهناك عدة أشكال لرسوم آدمية عودية تأتي في بعض الأحيان مع رسوم حيوانية. وباقي الرسوم غير تصويرية ووجدت في عدة مواقع من مناطق تبوك وتيماء والعلا». أسلوب تبسيطي.. عبر الفصل ويتابع الباحث الراشد كلامه فيقول «.. ويلاحظ أنه في كل شكل من هذه الأشكال يكون موضع الاطراف بالنسبة للأشكال الآدمية مختلفاً عن الأخرى، اضافة الى أن بعضها قد نقص أو غُير او اختفى. وحيث أن الاشكال الآدمية والحيوانية الصورية يتعذّر تبسيطها، اقدم فنان ما قبل التاريخ على فصل الاطراف واستخدامها علامات ورموزاً. وقد سجل في شمال المملكة العربية السعودية اثنان وسبعون شكلا مختلف الاوضاع من الاشكال الآدمية وأشكال مختلفة من الرسوم الصخرية».
ثم يزيد «... بالأضافة الى الرسوم الصخرية فان هذا الموقع يشتمل أيضا على نقشين في صخور بركانية مكتوبة بالخط الحجازي، وهو أقدم الخطوط العربية ومنه اشتقت الأقاليم العربية خطوطها في ما بعد. ويحمل النقش الاول اسم منصور بن أوف مقروناً بالبسملة والصلاة على الرسول (محمد صلى الله عليه وسلم). وقد انجز هذا النقش على صخرة كبيرة من الصخور البركانية وحفر بشكل غائر وسطحي بالخط الحجازي المزوى. أما النقش الثاني فيحمل الشهادتين وهو ايضاً نقش على صخرة كبيرة من الصخور البركانية وحفر بشكل غائر وسطحي بالخط الحجازى المزوى».
وتناول الباحث في دراسته موقع عروى، الذي اكتشفت فيه هذه الرسوم والنقوش الأثرية، فذكر أنه موقع معروف تاريخياً، وورد ذكره في العديد من الكتب التاريخية «فقد ذكر صاحب كتاب «معجم ما استعجم» بأن عروى قارة في بلاد بني ذهل، وقال الاصمعي «هي هضبة..»، وقال ياقوت «عروى وهي هضبة بشمام»، وقال آخرون «عروى ماء لبني أبي بكر بن كلاب». وقيل جبل في ديار ربيعة بن عبد الله بن كلاب، وجبل في ديار خشعم. أما محافظة الدوادمي فهي تحتوي على الكثير من الرسوم الصخرية والكتابات القديمة والاسلامية، وخاصة موقع ماسل الذي لا يبعد عن موقع عروى سوى بضعة كيلومترات.
=