الصيدليات تصرف أدوية بدون وصفة طبية بسبب عجز المرضى عن دفع تكلفة الاستشارة الطبية

TT

قدر عاملون في الصيدليات الخاصة في السعودية كميات الأدوية التي تصرف من غير وصفة طبية «روشتة» بأنها تزيد عن نسبة 40 في المائة من حجم الأدوية التي تباع بشكل يومي في مجمل الصيدليات، مشيرين إلى أن هناك عددا لا يستهان به من العملاء هم من أصحاب الأمراض المزمنة كالضغط والسكري والأمراض النفسية وغيرها مما يصعب مطالبتهم بوصفة طبية كلما انتهت كميات الأدوية التي بحوزتهم.

وكشفت جولة لـ«الشرق الأوسط» عدم تقيد معظم الصيدليات بقرار وزارة الصحة القاضي بوضع لافتة جديدة في مكان بارز في الصيدلية توضع عليها عبارة تنص على أنه «يحظر على الصيدلي صرف أي دواء إلا بموجب وصفة طبية محررة من طبيب مرخص له بمزاولة المهنة بالبلاد، وعلى وجه الخصوص المضادات الحيوية».

ويرى عدد من العاملين في الصيدليات أن هناك صعوبات تعترض تطبيق مثل هذا القرار نظرا لاستعمال فئة كبيرة من الأشخاص أدوية بعينها لمدة طويلة مما يصعب عليهم مراجعة الطبيب كلما انتهت كميات الأدوية التي بحوزتهم لأن ذلك سيشكل لهم عبئا ماليا كبيرا، بالإضافة إلى أن معظم هؤلاء الأشخاص لديهم علاقات وثيقة بالعاملين في تلك الصيدليات التي يترددون إليها بشكل منتظم وبالتالي هناك ثقة متبادلة بين الطرفين.

وأشار العاملون إلى أنه إذا ما حاولت أي من الصيدليات تطبيق هذا القرار بالنص كاملا، فسوف تخسر كثيرا من عملائها خاصة أصحاب الأمراض المزمنة لأنهم قد يجدون من يتعامل معهم في صيدليات أخرى بصرف احتياجاتهم من الأدوية لكسبهم كعملاء، فيما نوهوا إلى إمكانية تفعيل هذا القرار في حالة تطبيق نظام التامين الطبي الشامل، بالإضافة إلى تكثيف التوعية وسط الجمهور لأن هذا النظام متعارف عليه منذ مئات السنين، وأنه من الصعب تعود الناس عليه في هذا الوقت الوجيز.

وأكد العاملون أن الأدوية التي تم استثناؤها من هذا القرار وسمح بصرفها من دون وصفة طبية وهي الأدوية المنصوص عليها في الدليل السعودي للأدوية اللاوصفية «الأدوية الدستورية» والتي تستخدم لعلاج الأمراض القصيرة الأجل، مثل الفيفادول والبنادول والأسبرين، لا تشكل سوى 2 في المائة من مبيعات الصيدليات لأنها متوفرة من دون قيود وسهل الحصول عليها. وفي الوقت الذي اعترف فيه عدد من الصيادلة بوجود تجاوزات من قبل بعض العاملين في هذا القطاع من خلال استجابتهم لضغوط المرضى خاصة الأطفال بصرف دواء لهم من دون استشارة الطبيب، أكدوا أن هذه التجاوزات محدودة ولا تعتبر ظاهرة منتشرة بشكل كبير في هذا الوسط، موضحين في الوقت نفسه أن الأدوية سلعة حيوية ترتبط ارتباطا وثيقا بصحة الإنسان ولا ينبغي التعامل مع الدواء على أنه سلعة تجارية بل يجب توخي الحيطة والحذر في التعامل مع مختلف أنواع الأدوية حيث من المعروف أن جميع الأدوية لها أضرار ومضاعفات تتفاوت من دواء إلى آخر. وفي ذات السياق، أكد الدكتور الأمين قاسم، متخصص أمراض جلدية وتناسلية، أن أي دواء يستعمل في غير موضعه بغض النظر عن نوعيته يكون ضارا بصحة الإنسان وينطبق هذا الكلام حتى على الفيتامينات، ومن هنا ينبغي عدم تناول الأدوية إلا بعد مراجعة الطبيب المختص لتجنب الأعراض الجانبية والمضاعفات، لذلك تأتي أهمية صرف الأدوية أيا كان نوعها إلا بوصفة طبية، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال يوجد كثير من الناس يستسهلون الذهاب إلى الصيدلية ويصفون أعراض المرض للصيدلي خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال وبمجرد ورود اسم الحرارة يقوم الصيدلي على الفور بصرف مضاد حيوي للطفل وعندما لا تتحسن حالته بعد 3 أيام أو أسبوع يؤخذ إلى الطبيب ليكتشف أن المضاد الحيوي لم يكن العلاج المناسب. وبذلك يكون قد أضر الطفل وخسر ثمن الدواء وعانى من مرض الطفل طول تلك الفترة، علما بأنه كان بإمكانه اختصار الطريق ومراجعة الطبيب العام للوقوف على الحالة المرضية والدواء المناسب.

وأضاف الدكتور قاسم أنه فيما يتعلق بصرف الوصفات الطبية يجب أن تحدد نوعيات الأدوية المسموح لأطباء القطاع الخاص بصرفها، بمعنى أنه يجب تحديد الوصفات الطبية لكل من الطبيب العام والمتخصص والاستشاري، فمن الناحية الطبية والعلاجية مثلا لا يجوز للطبيب العام أن يصف علاجا لمرض الصدفية لأنه من اختصاص متخصص أو استشاري الأمراض الجلدية لأنه الأدرى بطبيعة المرض وبتركيبة الدواء وأعراضه الجانبية والمضاعفات التي قد يسببها، ونفس الكلام ينطبق على أمراض القلب والكلى والربو وغيرها.