أول مدرسة حكومية في الأحساء

هيئة السياحة تحوّل «المدرسة الأميرية» إلى مركز حضاري لمدينة الهفوف

TT

تبرع طلاب مدرسة ثانوية في الأحساء بمبلغ 364.5 ريال دعما لمكتبة المدرسة، والمبلغ عبارة عن أرباح الطلبة من المقصف المدرسي الذي يحصلون عليه نتيجة استثمار ما دفعوه للمقصف عند بدء الدراسة في الفصل الأول، كما تبرع الطلبة للنادي الأدبي والنادي الرياضي في المدرسة نفسها.

كان ذلك في عام 1955 في مدرسة الهفوف الأولى، التي تم إنشاؤها في عام 1940، كمدرسة ابتدائية، ثم ضم المبنى لاحقا، الذي يعد نموذجا معماريا، الى المرحلتين: المتوسطة والثانوية. وتعتبر المدرسة «المرحلة الثانوية» مدرسة نموذجية في التعامل الأمثل بين المعلم والطالب وفي الحماس غير الطبيعي على الإقبال على التعليم والرغبة الجامحة في التزود بالكثير من المعرفة والعلم وفي برامجها وأنشطتها والحيوية التي تتمتع بها المدرسة ـ حسب كتاب أصدرته المدرسة الثانوية في عام 1375هـ يحوي ألوانا من أنشطتها المدرسية.

وبأمر من الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العليا للسياحة أصبح المبنى حاليا مركزا حضاريا لمدينة الهفوف، بعد أن خضع مبنى المدرسة خلال العامين الماضيين لإعادة ترميم وتأهيل، وقد كان في العشرين سنة الماضية حالة من التدهور، وأشرف على إعادة تأهيل المبنى فرع جمعية علوم العمران بالأحساء، الذي كان يتخذ من المبنى مقرا له منذ العام 1996، ويشمل نشاط المركز الحضاري على أنشطة ذات علاقة بالعمران والتراث من محاضرات وندوات ثقافية ومعارض فنية، بالإضافة إلى أنه سيكون مقرا لجمعية علوم العمران ومتاحا لإقامة أنشطتها داخل المبنى.

ويشير المهندس عبد الله عبد المحسن الشايب مدير فرع جمعية علوم العمران بالأحساء إلى أن هذه المدرسة التي تبلغ مساحتها 1200متر مربع، تم إنشاؤها تلبية لإرادة تنموية لنشر التعليم النظامي، تحت مسمى المدرسة «الأميرية» كأول مبنى مدرسي حكومي في الأحساء في العهد السعودي، وقد شهد المبنى تدهورا في العقدين الماضيين بعد هجره، وتوقفت صيانته بعد انتشار المباني المدرسية الحكومية، ونتيجة إهمال صيانته تمت إزالة الدور العلوي ثم إزالة البوابة عام 1987، ويتابع الشايب: «تم تسليم المبنى لفرع جمعية علوم العمران بتعاون مع وكالة الآثار، وفي عام 1998 جاءت فكرة ترميمه وتأهيله، وتبنى الأمير سلطان بن سلمان رعاية مشروع الترميم».

ويعدد الشايب مزايا المبنى قائلا:«يتميز بموقعه الحيوي وسط مدينة الهفوف، وأنه يرتبط بالذاكرة التاريخية لأهالي الأحساء والسعودية والخليج نظرا لتلقي العديد من الشخصيات في السعودية والخليج تعليمهم في هذه المدرسة، كما أن تصميمه الفريد يعطي شواهد على مدى رقي العمارة المحلية وارتفاع الثقافة المعمارية في شبه الجزيرة العربية، خاصة وأنه يعد نموذجا في نشأة المباني التعليمية، باستخدام مواد البيئة المحلية بدقة وإتقان كأسقف الكندل والجص والحصى وجذوع النخل ونبات الأسل والأبواب والنوافذ، وهو نموذج للعمارة الإسلامية، حيث روعي في عمارته المقياس الإنساني الذي يحفظ النسبة بين الارتفاعات والعروض»، مضيفا:«ينظر إلى المبنى من الجانب التاريخي كإحدى المنشآت التي تمثل تراث الأحساء والسعودية بشكل عام، ومن الجانب العمراني فهو يمثل تكاملا ونضوجا لمدينة الهفوف مع مفردات التراث العمراني سابقا وحاضرا مع سوق القيصرية وبيت الأمير سعود بن جلوي ومسجد الجبري وقصر إبراهيم الأثري وبيت الملا أو ما يعرف بــ «بيت البيعة».

وللاستفادة من إمكانيات المبنى، يقترح عبد الله الشايب أن يستثمر جزء منه لإقامة مركز يتعلق بالدراسات الخاصة للمبنى من حيث العمران والتاريخ والمجتمع وعرض النتائج للزائرين والباحثين، تخصيص جزء لمشروع مركز للصناعات الحرفية وتخصيص حوانيت للعرض والبيع، إقامة المهرجانات والأنشطة الخاصة بالتراث والعمران والثقافة. وأشار الشايب إلى دور المهندسين محمد الكليب وحسين الحرز وخالد المغلوث بما قاموا به في هذا المشروع.

ويشار إلى أن مجموعة من الطلبة ـ آنذاك ـ تلقوا تعليمهم في أروقة مدرسة الهفوف الأولى، وأشهرهم: الأمير خالد الفيصل، والشيخ عبد الرحمن عبد الله الملا وعبد الرحمن اليمني وعبد العزيز الظفر وعبد الله صالح جمعة، رئيس شركة أرامكو السعودية، ويوسف محمد الجندان، مدير جامعة الملك فيصل، وعبد اللطيف الشعيبي، وسليمان الصويغ، ومحمد عبد الله الملا، أمين عام اتحاد الغرف الخليجية، وصديق جمال الليل، وعبد العزيز العفالق، وعبد الله إبراهيم الراشد، وعبد الرحمن الشهيل، وراشد عبد العزيز المبارك، والدكتور المعروف صاحب الأحدية في مدينة الرياض، ومحمد عبد اللطيف الملحم، وزير الدولة وعميد كلية التجارة بجامعة الرياض عام 1970، وعمران محمد العمران عضو مجلس الشورى، وعبد الرحمن بن عثمان الملا المؤرخ المعروف، وعبد اللطيف بن عثمان الملا ـ يرحمه الله ـ أحد مؤسسي المسرح المدرسي ورجل الأعمال ياسين الغدير ـ يرحمه الله ـ وغيرهم.