انسحاب عسكري واستخباراتي سوري من لبنان نهاية الشهر الحالي

لارسن يتوصل في دمشق إلى اتفاق حول تطبيق القرار 1559

TT

أعلن تيري رود لارسن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة من دمشق امس، أن سورية ستنجز انسحابها الكامل من لبنان في 30 ابريل (نيسان) الجاري، فيما أكد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع أن لا أحد مهما بلغ قوة وعنجهية يمكن أن يفرض سلاماً منفرداً على سورية أو على لبنان لأن المسارين السوري واللبناني متلازمان بحكم التاريخ والجغرافيا والواقع الاجتماعي وأن لبنان لن يقدم على عملية سلام منفرداً وسورية خارج هذه العملية مشدداً على أن توازي المسارين ليس مجرد شعار بل حقيقة ستثبتها الأيام في المستقبل القريب والبعيد.

وقال الشرع في مؤتمر صحافي مشترك مع لارسن، أن بيان مبعوث الامين العام للامم المتحدة اكد أن أمن لبنان من أمن سورية وأن العلاقات بين البلدين مترابطة. وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول خلفية وتوقيت الدعوات الإسرائيلية لتوقيع اتفاق سلام مع لبنان في حين ترفض مبادرة القمة العربية في بيروت للسلام، وتزامن هذه الدعوات مع انسحاب القوات السورية من لبنان، امتنع لارسن عن الإجابة في حين قال الشرع إن مبادرة السلام العربية تحظى بدعم عربي كامل وإذا جرت محاولات في قمة الجزائر لتغيير جزء بسيط منها او تغيير مفهومها العام، فقد اخفقت تلك المحاولات معرباً عن اعتقاد سورية بان هذه المبادرة مهمة جدا في المرحلة المقبلة لانها الصيغة الوحيدة الموجودة بين يدي الاطراف المعنية لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة، مؤكداً أن دعم سورية لهذه المبادرة ليس موضوع شك او تساؤل «لأننا دافعنا عنها كثيرا في قمة بيروت العربية عام 2002 ودافعنا عنها في قمة شرم الشيخ وفي قمة تونس واخيرا في الجزائر واعتقد ان دفاعنا لم يكن وحيدا فقد كان هناك زخم عربي تجاه هذه المبادرة التي رفضتها اسرائيل انطلاقاً من رفضها لمفهوم السلام وليس لانها مبادرة عربية، حتى أن اسرائيل رفضت مبادرات أميركية، مذكراً بأنها سبق أن رفضت مؤتمر مدريد لكنها ذهبت اليه عنوة. واضاف «إننا الآن لا نلمس جدية كافية لاقامة سلام عادل وشامل في المنطقة لان الحكومة الاسرائيلية هي التي تحول دون تحقيق هذا الهدف النبيل».

وتابع الشرع قائلاً «أما بالنسبة لتوقيت الدعوة الى سلام منفرد اخر بعد تنفيذ الانسحاب السوري من لبنان فهذا يؤكد تلك الشكوك الموجودة في لبنان بان اسرائيل تحرض الآخرين على اتخاذ قرارات من شانها تفريق العرب وخلق الفتن داخل القطر العربي الواحد لكي تبتعد عن السلام وليس لتحقيق سلام تحت عنوان متطلبات السلام الحقيقة التي يريدها لبنان او تريدها سورية، ولا أستطيع ان اتصور واقعيا ان هناك امكانية مهما بلغت قوة وعنجهية الطرف الاخر، ان يفرض سلامً منفرد مع سورية او لبنان فالمساران السوري واللبناني متلازمان بحكم التاريخ والجغرافيا والواقع الاجتماعي للبلدين. ولا احد يستطيع ان يتخيل ان لبنان يمكن ان يقدم على عملية سلام منفردا وسورية خارج هذه العملية، ولذلك كنا نقول دائما بتوازي المسارين وهذا ليس مجرد شعار بل حقيقة ستثبتها الايام في المستقبل القريب والبعيد».

وعن كيفية سير العلاقات بين سورية ولبنان بعد تنفيذ اتفاق الطائف قال الشرع انها ستسير كما هو متفق عليه بين الحكومتين السورية واللبنانية وإذا جرى أي تعديل في الاتفاقات المنبثقة عن اتفاق الطائف على سبيل المثال اتفاقية التعاون والتنسيق بينهما، فإن مثل هذا التعديل يجب ان يتم بموافقة الحكومتين.

وذكَّر الشرع بفكرة مهمة تضمنها اتفاق الطائف وهي ان أمن البلدين مترابط في كل الاحوال، وان لبنان لن يُستخدم من قبل أي قوى سياسية او غير سياسية معادية لسورية وكذلك ان لا تستخدم الاراضي السورية من قبل قوى معادية للبنان، وأنه لا يزال هناك اهتمام بالاجزاء الاخرى المتبقية من اتفاق الطائف وليس فقط ما يتعلق بالانسحاب وتنفيذه.

وعن الانتخابات اللبنانية قال الشرع «نحن بالتأكيد ندعم هذه الانتخابات وإجراءها في موعدها المتفق عليه بين اللبنانيين».

وعما إذا كانت المرحلة المقبلة ستشهد تحسناً في العلاقات بين سورية وكل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، قال الشرع «نحن في سورية من اكثر الدول التزاما بالشرعية الدولية والبعض يتساءل ما هذه الشرعية الدولية التي لا تطبق الا على العرب ولماذا لا تطبق على اسرائيل؟ واعتقد ان الامم المتحدة بالنسبة لذلك تشاطرنا بذلك سواء صرحوا بذلك او لم يصرحوا بان ميثاق الامم المتحدة ومبادئ واغراض الميثاق تؤكد ذلك كما تؤكد اهمية احترام القانون الدولي والبعد عن التعسف واستخدام مجلس الأمن لغايات اخرى غير التي حددها الميثاق».

واضاف الشرع: بكل الاحوال اود ان اكون متفائلاً واعتبر ان هذه الذرائع الاخيرة يجب ان تزول ويزول أي سوء فهم بيننا وبين الولايات المتحدة او اي تحريض على سورية من قبل الاخرين لاننا نشعر بان ما قامت بها سورية في مجالات مختلفة وفي مواضيع شتى تهم استقرار وأمن الشرق الاوسط، كان عملا صحيحا وصادقا وعبر عن مصداقية».

وتوقع الشرع انفراجا في المنطقة بعد انسحاب القوات السورية من لبنان، اذا ما احترمت الشرعية الدولية من قبل جميع الاطراف خاصة القوى العظمى وفي حال التزمت الولايات المتحدة ومجلس الأمن، وفي حال كانت هناك رغبة سياسية عامة بتطبيق كامل قرارات مجلس الأمن والامم المتحدة في ما يتعلق بالصراع العربي ـ الاسرائيلي والقضية الفلسطينية، وعندها لن تكون هناك حجة للتقليل من اهمية الاستقرار في الشرق الاوسط بل على نقيض من ذلك سيكون هناك شرق اوسط جديد مزدهر وآمن ومستقر.

وشكر الشرع المبعوث الدولي على انجازاته الممتازة التي حققها اليوم وقال: إنني اعتقد ان هذا سيساعدنا على تحسين المناخ ليس في المنطقة بل في منطقة الشرق الاوسط.

من جانبه قال لارسن انه نقل رسالة من الامين العام كوفي انان إلى الرئيس الاسد، وأنه بناء على اللقاء الذي سبق أن تم بين الرئيس الاسد وانان في الجزائر أخيرا وبناء على لقاء لارسن نفسه مع الرئيس الأسد في حلب في 12 مارس (اذار) الماضي، «توصلنا الى اتفاق حول متطلبات الالتزام الكامل بتطبيق قرار 1559 في ما يتعلق بالانسحاب العسكري والاستخباراتي السوري من لبنان.

وأضاف لارسن إن الرئيس الأسد والوزير الشرع أعلماه بان سورية قامت كخطوة اولى باعادة انتشار قواتها من لبنان الى وادي البقاع بشكل ينسجم مع ما توصلنا اليه في 12 مارس وستسحب قواتها الى الأراضي السورية، وأنه علم من الشرع أن القوات السورية والاستخباراتية ستنسحب بشكل كامل وتام في 30 الجاري، وإن هذا الالتزام يتضمن ان يتم سحب كل القوات العسكرية والاستخباراتية والتجهيزات السورية بما ينسجم مع روح اتفاق الطائف وقرار الامم التحدة 1559، مشيراً إلى أن سورية اتفقت معه على قبول ارسال فريق من الامم المتحدة للتحقق من الانسحاب السوري الكامل من الاراضي اللبنانية.

واوضح ان هناك تفاهما تاما بين الامم المتحدة وسورية على تطبيق القرار بما ينسجم مع استقرار ووحدة كل من سورية ولبنان.

وعن احتمال حدوث فراغ أمني في لبنان بعد انسحاب القوات السورية وما إذا كانت الامم المتحدة سترسل قوات لحفظ السلام من لبنان، قال لارسن ان الامم المتحدة تتابع الوضع في لبنان بحرص شديد والامين العام للامم المتحدة عبر عن مخاوفه الكبيرة فيما يتعلق بالتفجيرات الاخيرة التي حصلت في بيروت ولكن «كما قلت فان مهمتي هي التوصل الى اتفاق مع الاطراف المعنية بتنفيذ القرار 1559» واضاف «ان اهم عنصر سيساهم في استقرار لبنان هو ان تتم الانتخابات في الموعد المحدد لها وبطريقة عادلة.

وفي ما يتعلق بمهمة الامم المتحدة قال لارسن ان اسرائيل انسحبت بشكل كامل من لبنان عام 2000 وان مجلس الأمن الدولي اصدر قرارا بالإجماع بان مزارع شبعا هي اراض سورية وليست لبنانية.

وردا على سؤال حول الاطراف الاخرى التي سيجري معها محادثات لتطبيق قرار 1559 بشكل كامل خاصة بما يتعلق بنزع اسلحة الميليشيات وهل ايران احد هذه الاطراف، قال لارسن ان «القضايا التي عالجناها في محادثاتنا اليوم (أمس) مع الرئيس الاسد والوزير الشرع كانت بشكل اساسي هي قضية الانسحاب السوري العسكري والاستخباراتي، وبالنسبة للقضايا الاخرى فاننا سنعالجها في مرحلة اخرى وطبعا سنعالج هذه القضية مع الاطراف المعنية».

واعتبر لارسن ما يشاع عن استبدال قوات اجنبية اخرى بالقوات السورية، ان هذا الاحتمال نظري «ولم يكن على برنامج عملنا لا في مقر الامم المتحدة ولا في تشاوراتنا في الاطراف المعنية في هذه المرحلة».

واضاف لارسن ان القرار 1559 يتطلب جملة من العناصر في ضوء وجود قلق حول سيادة لبنان واهتمام بانسحاب القوات السورية من لبنان وبنزع اسلحة الميليشيات اللبنانية وغيرها الموجودة في لبنان، وبالطبع فان الامين العام للامم المتحدة بناء على هذا القرار، سيعمل على «تنفيذ كامل هذه المتطلبات وسنتابع هذه القضايا والقضايا الأخرى التي لم يتم تطبيقها بعد مع كل الاطراف المعنية».

وهنا تدخل الوزير الشرع قائلا «اود ان ادلي بملاحظتين; الاولى انني اوافق على ما تلاه السيد لارسن في بيانه والثانية هي أن سورية في انسحابها الكامل من لبنان تعني انها طبقت الجزء المتعلق بها بالقرار 1559».