ما هي الدول العربية التي تهدف إسرائيل لإقامة علاقات معها قبل نهاية العام ؟

شالوم أعلن عن 10 دول والقائمة يمكن أن تشمل 12

TT

منذ ان تولى سيلفان شالوم مهامه كوزير للخارجية في حكومة أرييل شارون، وهو يضع نصب عينيه مهمتين أساسيتين: الاولى تحسين العلاقات بين اسرائيل واوروبا، والثانية اعادة العلاقات مع الدول العربية التي كانت قد انقطعت في فترة الانتفاضة. ومع وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وانتخاب الرئيس محمود عباس (ابو مازن) مكانه، وضع شالوم نصب عينيه هدفا وهو ان ينهي العام الجاري وقد تمكن من اقامة علاقات علنية بين اسرائيل وعشر دول عربية.

بطبيعة الحال راح الكثيرون يحاولون فك لغز الدول العشر، فالعرب يريدون معرفة هذه الدول ولماذا حدد شالوم عددها الدقيق، فهل بدأت اتصالات مع هذه الدول وهل هناك وعود ام انها مجرد رقم رماه في الملعب العربي بهدف اثارة البلبلة؟!. وما الدافع لهذه العلاقات، فهل هو انفراج حقيقي في العلاقات مع الفلسطينيين يقود بالضرورة الى انفراج شامل مع الدول العربية؟!. وما الهدف من هذه العلاقات في هذا الوقت بالذات؟!. ففي وزارة الخارجية الاسرائيلية، لم يفاجأوا بتصريحات شالوم، فهم الذين بدأوا تلك الاتصالات، لكنهم لم يرتاحوا للكشف عنها، اذ يفضلون ان تتم على نار هادئة، حتى لا يؤدي النشر الى احباط الجهود. وليسوا هم وحدهم، بل ان الدول العربية المعنية تطلب وتصر على ان تبقى هذه الجهود طي الكتمان وان يكشف عنها في اللحظة المناسبة، وبشكل مشترك وليس من الطرف الاسرائيلي.

وكان دبلوماسي عربي قد أسر لـ«الشرق الاوسط» عدة مرات بأن النشر الاسرائيلي الفردي عن عودة سفير بلاده الى تل ابيب قد تسبب في تأجيل عودته غير مرة السنة الماضية.

الا ان الوزير كان قد أعلن هدفه المذكور حتى يغطي على شيء آخر. فهو عندما تسلم مهامه كوزير للخارجية أبلغ من رئيس الحكومة ان العلاقات مع الولايات المتحدة لن تكون تابعة لوزارته. وانها ستكون من اختصاص مكتب رئيس الوزراء، أرييل شارون ومن ينوب عنه. وأخذ شارون لهذه المهمة محاميه الخاص، دوف فايسغلاس، الذي يعمل وكأنه وزير لشؤون الولايات المتحدة. وواشنطن، أيضا، تعامله على هذا الأساس. وكل ذلك على حساب مكانة شالوم.

لذلك، ولكي يعطي لوظيفة وزير الخارجية معنى، وضع شالوم أمامه عدة أهداف خاصة به، تعتبر أهدافا كبيرة جدا اذا أخذنا في الاعتبار ان العلاقات السيئة بين اسرائيل واوروبا من جهة وبينها وبين العرب من جهة أخرى، ناجمة عن السياسة الاسرائيلية عموما وسياستها تجاه الفلسطينيين بشكل خاص وان هذه السياسة لم تتغير بعد بشكل جوهري بل بالعكس فانها بالمقارنة مع السياسة الفلسطينية في عهد الرئيس محمود عباس (ابو مازن)، تعتبر أشد سوءا. فهي لا تتجاوب مع الرجل وسياسته المعتدلة وتحاول ان تفرض عليه شروطا قاسية بعضها تعجيزية، لدرجة ان ابو مازن نفسه صار يشكو في الغرف المغلقة ويتهم شارون بأنه يحاول افشاله. والوزير شالوم، على عكس وزراء الخارجية السابقين الذين كانوا يظهرون اعتدالا أكبر من رؤساء حكوماتهم (شيمعون بيريس وموشيه دايان وغيرهما)، يتخذ موقفا متطرفا حتى بالمقارنة مع شارون. فهو يعارض خطة الفصل، ويشارك في معظم المؤامرات ضد تطبيقها وحاول قيادة المعركة من أجل طرحها على الاستفتاء الشعبي العام، الذي كان هدفه الحقيقي تأجيل تطبيق الخطة لوأدها في مهدها.

ورغم ذلك كله فان شالوم متفائل جدا بامكانية تحقيق هدفه مع نهاية العام، ولدى كبار موظفيه قناعة بأنه سينجح في ذلك. وكما قالت الوزيرة المفوضة، أميرة اورن ـ سلطاني، مسؤولة العلاقات مع الصحف العربية ونائبة الناطق بلسان الوزير، فان العلاقات مع اوروبا تحسنت بشكل كبير جدا وبلغت أوجها في مارس (اذار) الماضي حين تجمع في اسرائيل رؤساء ووزراء خارجية جميع الدول الاوروبية للمشاركة في افتتاح المتحف الجديد في القدس الذي يخلد ضحايا النازية. وقالت ان كل الدلائل تشير الى ان الهدف سيتحقق أيضا بالنسبة للعالم العربي.

* من ستكون هذه الدول

* هناك 4 دول عربية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل في الوقت الحاضر، هي: مصر والاردن وموريتانيا واريتريا (يعتبرها الاسرائيليون دولة عربية). فلهذه الدول توجد سفارات في تل أبيب، ولمصر توجد قنصليتان واحدة في تل أبيب وأخرى في ايلات في الجنوب. ويوجد لاسرائيل في عواصم هذه الدول سفارات، اضافة الى قنصلتين في مصر واحدة في القاهرة وأخرى في الاسكندرية. ورغم الصعود والهبوط في هذه العلاقات، يمكن القول انها طبيعية. تتسم بالتعاون في العديد من المجالات، خصوصا الاقتصادية.

الاردن مثلا يستفيد من هذه العلاقات من خلال مشروع جمركي أميركي، يتيح له ان يصدر الى الولايات المتحدة منتوجات معفاة من الجمارك بلا حدود، شرط ان تكون مصنوعة بشكل مشترك مع اسرائيل (بشراكة حد أدنى 20 %). ووصلت قيمة هذه الصادرات في السنة الماضية حوالي 600 مليون دولار. ويحصل الاردن من اسرائيل على 50 مليون متر مكعب من المياه في السنة (في فترة نتنياهو تنكرت اسرائيل لهذا الاتفاق لبعض الوقت). وهناك تعاون اردني ـ اسرائيلي سياحي في منطقة العقبة ـ ايلات. كما يوجد تعاون أمني بين الطرفين. والجسور على نهر الأردن تشهد حركة دائمة بين البلدين، وتشكل معبرا أساسيا للفلسطينيين الى الأردن خصوصا فلسطينيي 48، الذين يعتبرون الأردن (ومصر) منفذهم الى العالم العربي الذي طالما حنوا اليه.

وموريتانيا واريتريا تفيد من العلاقات مع اسرائيل في المجالات الاقتصادية، حيث تجمع بينهما مشاريع لتطوير الزراعة المحلية في البلدين، اضافة الى «الخدمات الأمنية». واضافة الى الفوائد الاسرائيلية الأمنية والاقتصادية، فان اسرائيل تفيد سياسيا بمجرد التسجيل بانها تقيم علاقات مع دول عربية.

يضاف الى هذه الدول الاربع، فلسطين، التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل الا انها ترتبط معها بعلاقات في معظم المجالات. ولعل أهم ما يفيد اسرائيل في هذه العلاقات انها كانت البوابة الاسرائيلية الى العالم العربي منذ اتفاقات اوسلو عام 1993. ففي حينه بدأت العلاقات مع عدة دول عربية في الخليج والمغرب العربي.

وما يجري الحديث عنه اليوم هو استئناف العلاقات مع هذه الدول، التي كانت قد انقطعت على اثر الانتفاضة في سبتمبر (ايلول) 2000, بقرار من القمة العربية. وهذه الدول هي:

ـ تونس: وهي التي تبادلت المكاتب التجارية مع تل ابيب. واجتمع شالوم مع وزير الخارجية السابق مستشار الرئيس الحالي الحبيب بن يحيى، مرتين خلال السنة المنصرمة. ومن المتوقع ان يقوم شالوم بزيارة رسمية الى تونس في القريب لاستئناف العلاقات بشكل رسمي. وفي مايو (ايار) المقبل سيتم فتح خط طيران مباشر اسبوعي بين تونس وتل أبيب تديره شركة الطيران التونسية.

ـ المغرب: أيضا مع المغرب كانت العلاقات بمستوى مكاتب تجارية. واجتمع شالوم مع نظيره المغربي محمد بن عيسى في اوروبا في مارس (اذار) الماضي كما اجتمع نائب رئيس الحكومة الأول، شيمعون بيريس، مع العاهل المغربي الملك محمد السادس ومع أحد شقيقيه. وكل هذه اشارات تدل على انهما يمهدان الطريق الى استئناف العلاقات في القريب.

ـ قطر: أغلقت قطر مكتب مصالحها التجارية في تل أبيب، التزاما بقرار القمة العربية اثر الانتفاضة، لكن اسرائيل لم تغلق مكتبها في الدوحة، الذي ما زال يعمل كالمعتاد والطريق أمام الاسرائيليين مفتوحة الى قطر طوال الوقت. واللقاءات بين المسؤولين من الطرفين لم تنقطع. ومن المتوقع ان تستأنف العلاقات بشكل رسمي وعلني في وقت قريب.

ـ سلطنة عمان: الوضع هنا شبيه بوضع العلاقات الاسرائيلية مع تونس والمغرب، لكن بفارق ان هناك مصالح تجارية بين سلطنة عمان واسرائيل لم تتوقف مع اغلاق المكاتب التجارية بين البلدين، أحدها وأهمها مشروع مركز الأبحاث لتحلية مياه البحر. فهذا المركز يعمل بشراكة اسرائيلية ـ عمانية ـ فلسطينية ـ اردنية ـ يابانية. وهدفه، كما قال يعقوب كيدار، مدير دائرة مسيرة السلام المتعدد الأطراف في وزارة الخارجية الاسرائيلية والمسؤول عن قضايا المياه والبيئة، هو التوصل الى اقامة مشروع لتحلية مياه البحر. ويفيد من هذا المركز عدد كبير من الخبراء العرب في دول الخليج وشمال أفريقيا، بينها الجزائر التي لا تقيم اية علاقات ثنائية خاصة مع اسرائيل. هذه الدول الأربع مرشحة لاستئناف العلاقات مع اسرائيل خلال الأشهر المقبلة، وهي تنتظر فقط ايجاد الفرصة السياسية المواتية. فاذا تحسنت الأجواء مع الفلسطينيين ستعلنها، واذا تصاعد التوتر مع سورية ستؤخرها وهكذا..

تبقى الدولة العاشرة التي يتحدث عنها شالوم. الدولة العاشرة المرشحة لاقامة العلاقات مع اسرائيل ليست معروفة بعد وليست مؤكدة، لكن هناك عدة دول مرشحة لذلك. وهي: - البحرين: فهي الدولة التي كانت مرشحة لاقامة علاقات أولية مع اسرائيل منذ سنة 2000، حيث بدأت اتصالات سرية وتبادل بعض المسؤولين الزيارات، لكن الانتفاضة جمدت المشروع. واستؤنفت الاتصالات أخيرا. وحسب مصدر اسرائيلي فانه لا حاجة للكثير من التحضيرات للاعلان عن علاقات، فكل شيء جاهز لذلك.

ـ ليبيا: هي أيضا تقيم اتصالات مع اسرائيل عبر عدة قنوات، أهمها قناة اليهود الليبيي الأصل الذين هاجروا الى اسرائيل في الخمسينات والستينات ويفاوضون طرابلس اليوم على تعويضات عن ممتلكات خلفوها وراءهم. ويقال في اسرائيل ان أحد ابرز المهتمين بهذا الموضوع هو احد انجال العقيد معمر القذافي. وحسب المصادر الاسرائيلية، فان ليبيا كانت تنوي استخدام اسرائيل واسطة للوصول الى الولايات المتحدة حتى تلغي الحظر والعقوبات عنها، الا انها وجدت سبلا آخر أجدى في حينه ولجأت الى الواسطة البريطانية. ومع ذلك فان اسرائيل تطمح في ان تواصل ليبيا مسارها نحو الغرب باقامة علاقات صريحة معها (أي اسرائيل).

ـ الامارات العربية المتحدة: دولة الامارات العربية اتخذت حتى الآن موقف الرفض لاقامة علاقات مع مباشرة مع اسرائيل، الا انها تبدي ليونة في التعامل مع الاسرائيليين. فهي تقيم العديد من المؤتمرات والمعارض الدولية في شتى المواضيع. ولم تعد تمانع في مشاركة اسرائيليين في هذه النشاطات، حتى لو لم يكونوا شركاء في شركات اوروبية. وقد وجهت في السنة الماضية دعوة الى وزير المالية الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو للمشاركة في مؤتمر اقتصادي دولي. لكنه اعتذر وأرسل مندوبا عنه. ويعتقد ان المخابرات الاسرائيلية هي التي منعته من السفر، لأنها لا تستطيع ضمان أمنه في هذا البلد الغريب عنها.

ـ العراق: العراق أيضا من الدول العربية التي تطمح اسرائيل باقامة علاقات معه، خصوصا في هذه المرحلة التي يتم فيها اعادة الاعمار. فهي معنية بالمشاريع الاقتصادية الكبرى هناك. الا ان الاحتمالات هنا بعيدة وفي الخارجية الاسرائيلية يستبعدون ان تقوم علاقات كهذه خلال السنة الجارية.

ـ اليمن: هنا أيضا توجد طموحات اسرائيلية عالية، اذ ان الاعتقاد السائد هنا هو ان اليمن معني جدا بتحسين صورته لدى الولايات المتحدة الأميركية وان اسرائيل تعتبر اليوم أقصر الطرق الى واشنطن. وقد تفاءلت اسرائيل خيرا، في هذا المجال، عندما سمح اليمن لليهود من أصل يمني ان يزوروا اليمن باعتباره وطنهم.

ويعتقد شالوم اذن ان احدى هذه الدول ستنضم الى قائمة الدول التسع، حتما، وتعلن عن اقامة علاقات مع اسرائيل. بل انه لا يستبعد ان يرتفع العدد الى 11 أو 12 دولة عربية في غضون هذه السنة. فهو واثق من ان هذه الامكانية واردة لأنه مقتنع بان العلاقة مع اسرائيل تخدم مصالح تلك الدول أيضا وليس فقط مصالح اسرائيل، ان كان ذلك في العلاقات مع الولايات المتحدة أو في «الحاجة الماسة الى الخبرات الاسرائيلية التقنية، خصوصا في مجال تطوير الزراعة ومكافحة التصحر أو تحلية المياه». ومع انه لا يكشف على الملأ سبب هذا التفاؤل، الا ان أوساطا مقرية منه تؤكد انه يبني طموحاته على وعود قدمها له بعض المسؤولين العرب.

وردا على تساؤل حول كيف يستطيع شالوم بالذات ان يكسب الود في العالم العربي وهو الذي يتخذ موقفا سلبيا حتى من المشروع المتواضع الذي يطرحه شارون للانسحاب من غزة، فأجابت سلطاني: الوزير شالوم صوت ضد هذه الخطة في الحكومة ولكن في اللحظة التي اتخذت فيه الحكومة قرارا، فانه التزم به. ورفضت سلطاني القول ان هذا الموقف يسجل ضده ويثير لدى العرب تساؤلات وشكوكا. وقالت «الواقع ليس كذلك. وهو التقى مع الكثير من المسؤولين العرب، فلم يصطدم بموقف سلبي منهم. وهو يؤكد لهم ان العلاقات بيننا وبينهم تساعد على تسوية الكثير من الأمور على الصعيد الفلسطيني ويفيد في التأثير على الرأي العام الاسرائيلي وتشجعه على تعزيز أفكار السلام ودعم العملية السلمية. وجدير بالذكر ان العديد من اللقاءات الاسرائيلية العربية تعقد على هامش النشاطات الدولية المختلفة التي تجمع المسؤولين والخبراء من الجانبين، بعضها تتم أيضا مع دول عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، مثل المنظمات الدولية ولقاء برشلونة ومؤتمر دافوس الاقتصادي ومؤتمر حماية البيئة لدول الشرق الأوسط وغيرها. ويؤكد الجانب الاسرائيلي انه في هذه اللقاءات تبحث العديد من قضايا التعاون المستقبلي.