نجح فريق علمي دولي في وضع خريطة للاختلافات الجينية لدى سلالات من البشر، الأمر الذي سيسرع الابحاث الموجهة لمعرفة اسباب حدوث الامراض لدى مجموعات من مختلف الأعراق والسلالات، مثل امراض القلب والسرطان والزهايمر والربو.
وتمكن باحثون من الولايات المتحدة واوروبا وكندا واليابان والصين ونيجيريا، شاركوا في المشروع الدولي لـ «هاب ماب» (خريطة الاختلافات الجينية)، من استكمال خريطة أولية لأنماط الاختلافات في الجينات البشرية بين سكان العالم يقطنون في الولايات المتحدة ونيجيريا واليابان والصين.
ودرس الباحثون 3.8 مليون من الاخطاء الجينية الشائعة في حروف الشفرة الجينية لدى الانسان، التي تسمى «هابلو تايبس» haplo types (ومن هنا جاءت تسمية مشروع «هاب ماب»). ويتشارك الانسان في أي موقع على الكرة الارضية بنسبة 99.9 في المائة من نفس الجينات مع أي انسان آخر يختلف عنه في اللون والجنس والسلالة والعرق، وفقا لما أظهره العلماء الذين أنجزوا مشروع الجينوم (الاطلس الوراثي) البشري قبل عامين، بعد ان وضعوا خريطة للمليارات الثلاثة من الحروف التي تشكل الشفرة الجينية البشرية.
ونقلت صحيفة «يو إس إيه توداي» الاميركية عن ديفيد ألتشولر العضو في مجلسي هارفارد ومعهد ماسوشوسيتس للتكنولوجيا العلميين، ان «فكرة المشروع تتمثل في جمع هذه الاخطاء الجينية ومعرفة اي منها الذي يقود الى حدوث الامراض لدى السكان». ووصف الدكتور بانوس ديلوكاس من معهد «ولكام ترست سانجر» البريطاني في مقابلة مع «رويترز» البحث بأنه «حدث علمي بارز لانه يرتبط الآن بصورة مباشرة بتسلسل العوامل الوراثية عند البشر ويوفر أداة لاجراء دراسات جينية منتظمة».
وقال فرانسيس كولينز مدير المعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري الذي ساهم في تنسيق ابحاث المشروع وتمويله في مؤتمر صحافي عقد في مدينة سولت ليك الاميركية، إن نتائج البحث ربما ستغير القطاع الطبي اكثر من أي جهود بذلت حتى الآن للكشف عن الشفرة الجينية للانسان. واضاف: «لقد ظللت احلم بحلول يوم نستطيع فيه تطبيق أدوات التحليل الجيني في التشخيص والعلاج والوقاية من كل تلك الامراض التي تشهدها مستشفياتنا، وهذا البحث يقودنا خطوة اخرى لتحقيق هذا الحلم».
وقال بيتر دونيلي من جامعة اوكسفورد البريطانية إن «تسلسل الخريطة الجينية للبشر يعطينا قائمة بالعديد من الاجزاء التي تكون الانسان، و«هاب ماب» تعطينا مؤشرات يمكننا أن نركز عليها في البحث عن جينات لها دور في امراض شائعة».
وتمكن الاتحاد العالمي لـ «هاب ماب» الذي يمول بمبلغ 80 مليون جنيه استرليني (نحو 143 مليون دولار) ويشترك فيه اكثر من 200 عالم من بريطانيا والولايات المتحدة وكندا واليابان ونيجيريا والصين من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، من تطوير خريطة الاختلافات الجينية باستخدام عينات من الحمض النووي من مئات الاشخاص في آسيا وافريقيا والولايات المتحدة. وقارن الباحثون الاختلافات الجينية بين مجموعات عرقية متنوعة، فدرسوا افرادا من ولاية يوتا الاميركية يتحدرون من سلالة اوروبية، وآخرين من قبيلة يوروبا في نيجيريا ومن مجموعات الهان القاطنين في مناطق مجاورة لمدينة بكين في الصين، ومجموعات في اليابان.
وفي بريطانيا جمع الباحثون في المشروع عينات من الحمض النووي (دي ان ايه) الذي يحمل المادة الجينية للانسان، من 11 الف شخص، 3 آلاف منهم كانوا بصحة جيدة. وقارنوا بين 670 الف اختلاف جيني لدى المجموعتين بأمل التعرف على الاختلافات التي تقود الى ظهور الامراض. وفي اليابان فحصت عينات لـ 300 شخص للتعرف على الجينات المسببة لـ 47 نوعا من الامراض. وفي كندا استخلصت عينات من 12 الف شخص مصابين بسرطان القولون و1200 آخرين من الاصحاء للتعرف على الجينات المسببة للمرض.
وتتضمن المرحلة الاولى من خريطة «هاب ماب» التي نشرت في دورية «نيتشر» العلمية اكثر من مليون من الاختلافات الفردية، فيما ستضيف المرحلة الثانية مليونين اخرين.
* جين الحياة
* على صعيد آخر اكتشف علماء بريطانيون الجين المسؤول عن «ولادة الحياة»، الذي يتحكم في أول الخطوات لظهور الجنين. وقال فريق من الباحثين بجامعة باث البريطانية برئاسة تيم كار، ان الجين الذي يرمز له HIRA يسمح للحمض النووي لكلا الوالدين بالاندماج معا، في حال اختراق الحيوان المنوي للرجل بويضة المرأة، الأمر الذي يجعل دوره جوهريا خلال الدقائق الخمس عشرة دقيقة الاولى من الحياة.
واضافوا ان اختفاء هذا الجين، أو تحوره، يفسر اخفاق بعض البويضات في عملية التكاثر وتكوين الجنين، رغم انها تعرضت فعلا لعملية تخصيب بحيوان منوي اخترقها. ومع ان العلماء درسوا هذا الجين على ذبابة الفاكهة، فانهم يعتقدون انه يلعب نفس الدور لدى الانسان.
* اختراعات جينية
* من جهة اخرى قالت مجلة «ساينس» العلمية إن باحثين في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا وجدوا ان نحو 20 في المائة من الجينات البشرية في الجينوم البشري سجلت كبراءة اختراع، واستحوذت الشركات الخاصة على اكثر من نصف براءات الاختراع لـ 4382 جينا من اصل 23 الفا و688 جينا بشريا معروفا (بنسبة 63 في المائة)، بينما سجلت الجامعات 28 من براءات الاختراع.
واستحوذت شركة واحدة هي «إنسايت للصيدلة / إنسايت للابحاث الجينية» على براءات اختراع لـ 2000 جين. واظهرت الدراسة وجود «مواقع ساخنة» في الجينوم البسري ترغب الشركات في احتكارها، والكثير منها يرتبط بظهور الامراض. وتمنح براءات الاختراع لصاحبها الحق في استخدامها وحده او اجازة استخدامها لطرف آخر مقابل مكاسب مادية.