قليل منهم من يستغني عن تصاميمه الرشيقة، ونقصد هنا النجوم والمشاهير، الذين نخص بالذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر مغنيي الروك اند روك، ميك جاغر وديفيد بوي، النجم براد بيت الذي تزوج في بذلة من تصميمه، لاعب الكرة البريطاني، ديفيد بيكام، وكذلك قيصر الموضة، كارل لاغرفيلد، الذي حسبما يقال، نحف جسمه خصيصا حتى يتمكن من ارتداء تصاميمه لفرط إعجابه بها. كما يعتبره المخضرم إيف سان لوران اهم مصمم للأزياء الرجالية على الساحة حاليا، بل حتى النجمتان انجلينا جولي ونيكول كيدمان والعارضة ليندا إيفانجليستا وغيرهن من الجميلات، شوهدن في بذلاته رغم أنها مصممة اساسا للرجال، والحقيقة انه منذ عهد إيف سان لوران لم تبدو المرأة رائعة في «توكسيدو» رجالي حتى جاء هو وخلصه من غبار الكلاسيكية المملة. فكيف يشعر مصمم شاب تجاه هذه الإطراءات من قبل نجوم من هذا العيار؟ هذه وأسئلة أخرى حملناها لمصمم دار كريستيان ديور للرجال، هادي سليمان وكانت الحصيلة ممتعة ومثيرة تؤكد أن الصدفة حقا كما يقال خير من ألف ميعاد، في حالته خير من ألف تخطيط، فهو لم يحلم يوما بأن يكون مصمما ولم يجعل من النجاح يوما هدفا او هاجسا، لأن الذي يهمه هو الساعة الآنية وما يمكن ان يستثمره فيها ويمتصه منها من جمال وإبداع. قبل هايدي سليمان لم تكن هناك أزياء فرنسية للرجال بالمعنى العريق والتجاري في الوقت ذاته، عكس ملابس الرجال الرياضية التي ازدهرت في امريكا، أو الخياطة الكلاسيكية في بريطانيا أو البذلات الرسمية في إيطاليا، لكنه في عام 1998 غير كل هذا، وأهدى الرجل الانيق أسلوبا خاصا لا يمكن ان تخطئه العين العارفة: جاكيتا ضيقة بشكل لافت، وبنطالا لا يتجرأ على ارتدائه سوى الرجل العصري الذي يتمتع برشاقة الغزلان، بعبارة اخرى اخذ الكثير من جمالية الأزياء النسائية ليكمل بها خزانة أبناء جنسه من المتذوقين امثاله، الذين يريدون التميز والتفرد مع الاحتفاظ ببعض الغموض والكلاسيكية. «عندما بدأت كان قليل من الرجال يقبلون على الجاكيت وحدها، لانها كانت بالنسبة لهم جزءا من كل، تلبس كبذلة متكاملة في المناسبات الرسمية فقط، أما الآن فقد اصبحت جزءا من مظهره اليومي يلبسها في كل المناسبات». وهو الأمر الذي يعترف له به كل المصممين وخبراء الموضة، بل ويمكن القول بكل ثقة ان جمال ازيائه كانت إلهاما واضحا في عروض الازياء النسائية الأخيرة في كل عواصم الموضة حيث شكل التايور «النسائي» المكون من جاكيت وبنطلون أو تنورة، قطعا اساسية. لم يكن هادي يتصور يوما انه سيصبح مصمما، فقد كان يحلم منذ صغره بأن يكون مهندسا أو صحفيا أو مصورا، لكن الأقدار دفعته لدراسة فن التاريخ، وبتشجيع من بعض اصدقائه وجد نفسه يساعد في بعض عروض الازياء. على غير العادة، لم يجذبه هذا العالم في البداية، فقد شعر بما يشبه «الاستفزاز» منه ومن سطحيته، لكنه بالتدريج، وحسب قوله «بدأت اقابل اشخاصا مهمين ورائعين، فقلت مع نفسي إنه عالم لا بأس به ويمكن ان اندمج فيه». ثم وبمحض الصدفة تم اختياره للعمل مع مجموعة إلفي.إم. ايتش، وبالذات في قسم الاكسسوارات في لوي فيتون، حيث كان وراء تشجيع مصممين كبار امثال فيفيان وويستوود ومانولو بلاهنيك على تصميم حقائب خاصة للدار. ولم يمر عام واحد، حتى عين كمصمم للملابس الرجالية لدى إيف سان لوران، لم يكن عمره آنذاك يتعدى الـ27 عاما. كان الأمر تحديا كبيرا بالنسبة لشاب مثله، فالملابس الرجالية في فرنسا لم تكن تحظ بنفس اهمية الأزياء النسائية، كما لم يكن لفرنسا اسلوب معين «فدور الازياء الفرنسية لم تكن تعتقد انه بإمكاننا خلق بصمة فرنسية خاصة بأزياء الرجال، ولم تكن لهم أدنى فكرة كيف يمكن ان تدر عليهم الأرباح، لذلك عندما بدأت مع إيف سان لوران لم يكن يتوقع الكثيرون نجاحي، لكني سعيد لانهم بعد العرض الأول، او إن صح القول، في سنة 1998 غيروا رأيهم، وبدأوا يفهمون جمالية واهمية هذه الأزياء، خصوصا ان ازدهار الاكسسوارات أتاح لباقي اقسام الصناعة الانتعاش نظرا لتوفر الجانب المادي». لكن علاقة العمل الجميلة التي ربطته بصديقه إيف سان لوران لم تدم طويلا، إذ ان شراء مجموعة غوتشي لدار هذا الاخير كان يعني شيئا واحدا بالنسبة لهادي سليمان: فقدان استقلاليته الفنية، لان توم فورد لا يمكن ان يترك له الميدان من دون اي تدخل منه، لذا فضل ان يغادر الدار بكرامته، حسب قوله. ورغم انه تلقى عدة عروض يسيل لها لعاب أي مصمم شاب، إلا انه اختار دار كريستيان ديور لأنها قدمت له ما يريد: التخصص في مجال الأزياء الرجالية. تشكيلته الاولى تركزت على بذلة «التوكسيدو» والخياطة الغنية بالتطريزات، والأهم على الخياطة المفصلة على الجسم لتعانقه برقة حتى تترك له المجال للحركة والتحرك بحرية، وربما هذا ما جعلها تروق للمرأة ايضا. ومما لا شك فيه أن الفضل في نجاح عرضه الأول لدار ديور يعود لرؤيته الفنية الفريدة، لكن حضور المخضرم إيف سان لوران العرض، وهو ما لم يقم به منذ عام 1950 كان رسالة واضحة انه يؤمن بموهبة هذا الشاب، كما كان تحديا كبيرا لتوم فورد، الذي لم يكن راضيا عنه منذ البداية وقال عنه في عدة مناسبات انه لم ينجح في التقاط روح دار إيف سان لوران. كان رهانا كبيرا من قبل دار ديور، ونجحت فيه، كما نجحت من قبل عندما سلمت قيادة الأزياء النسائية لجون غاليانو. لكن هل فكرة تصميم أزياء خاصة بالمرأة، خصوصا بعد حجم الإقبال الكبير منها على تصاميمه الرجالية، تخطر بباله؟ ربما لكنه حسب قوله يريد التركيز على الجنس الخشن لان التصميم له «رائع لانه يعتمد على دراسة دقيقة نظرا للقواعد التاريخية الصارمة التي يجب التقيد بها والتي لم تتغير منذ 200 عام تقريبا». لكن إذا كانت رشاقة بذلاته تحسب له وتجعله قبلة المشاهير والنجمات ايضا، إلا انها ايضا قد تحسب ضده، لأنه يلغي شريحة مهمة تمتلك القدرات المادية العالية لكنها لا تمتلك مقاييس عارضي الأزياء، ولا عزيمة كارل لاغرفيلد الذي اتبع حمية تخسيس صارمة لإنقاص وزنه حتى يتمكن من ارتداء تصاميمه، رده على هذا كان بسيطا «ظلت المورفولوجيا لعدة سنوات تركز على كل ما هو كبير، وأنا لا أستطيع ان انتقد تلك الفترة، لكن ما يمكنني أن اتكلم عنه هو زمني الحالي. فالمورفولوجيا تغيرت وأصبحت اكثر طولا ورشاقة، وأصبح الرجل، مثل المرأة، يرى من واجبه أن يعتني بمظهره وشكله الامر الذي انعكس على الأزياء، ثم انا بصراحة لا اهدف ان أغازل اي احد، لأنني اجري وراء فكرة.. وراء رؤية، ولا اتحكم في ردود الأفعال التي تثيرها او تخلفها.. أنا مثلا لا أطيق عملية التسويق، لأني اعتقد ان التسويق عموما قد وجد أساسا للتابعين».
* أقواله: ـ سر النجاح هو أن لا تفكر فيه اصلا، بل فقط أن تركز على وجهة نظرك، وان تؤمن بمبادئك وأفكارك.
ـ نفقد الكثير عندما نبدأ في تصديق دعايتنا والهالة التي ابتدعناها ونحيط انفسنا بها.
ـ اقضي معظم الاوقات اشكك في نفسي واحارب اي شكل من اشكال الغرور.
ـ لم افكر يوما ان اكون مصمم ازياء، وما زلت الى الآن لا أرى اني مصمم، انا فقط العب بالموضة كوسيلة ثقافية تعكس روح العصر وثقافته.
ـ ازيائي مميزة لأني اصممها بنفسي ولا اعتمد على مساعد يقوم بهذه المهمة بدلا عني، كما انني انا من يصمم العروض واختار العارضات، وغيرها من الامور وهذا ما يساعدني على التطور.. فأنا لا اؤمن بالاستسهال.
ـ صناعة الموضة الرجالية مختلفة عن النسائية، فهذه الأخيرة محافظة، في بعض الأحيان اكثر من الرجل الذي أصبح اكثر جرأة.
ـ الفرق بين الإثارة والجاذبية مثل الفرق بين السماء والأرض. فالأولى سهلة ويمكن الحصول عليها بخدع بسيطة من خلال الازياء والاكسسوارات، الامر الذي لا يروق لي، أما الجاذبية فليس لها أي تفسير لانها تنبع من الداخل لذلك فإن فاقدها لا يمكنه الحصول عليها بمساعدة الأزياء وحدها.