استبشر السعوديون كثيرا مع إعلان السعودية ميزانيتها لهذا العام، التي تعتبر الأعلى في تاريخ البلاد، حيث يرى كثير من الاقتصاديين، ان هاجس الدين العام من الممكن حله مع استمرار تحقيق اداء اقتصادي جيد في المستقبل.
كما جاءت به الميزانية الأخيرة، التي كشفت عن القفزة الهائلة للعملية الاقتصادية في ظل المعطيات الايجابية التي تعيشها السعودية. وقال المستشار المالي عبد العزيز الحموة، ان ميزانية الدولة تؤكد أن المملكة ستصبح عضواً فعالاً في منظمة التجارة الدولية بعد انضمامها رسميا. ويذهب المستشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الى ان جميع قطاعات التعليم والتدريب والمؤسسات الحكومية المالية الداعمة للقطاع الصناعي تؤكد ايضا جدية السعودية في جذب الاستثمار، في ظل وجود قاعدة بشرية ودعم مالي لجذب الاستثمار الأجنبي، مشددا على أن الاستمرارية في الاتجاه نحو خفض الدين العام سوف يثمر عن رفع معدل التقييم المالي للحكومة والمؤسسات المالية في المملكة ويزيد الثقة بالاقتصاد السعودي. وتوقع ان تشهد الميزانية المقبلة فائضاً كبيرا في حال استمرت أسعار النفط العالمية في الصعود. وأوضح المستشار أنه على الرغم من الإنفاق الكبير على ميزانية هذا العام على القطاع الخاص، استطاعت الدولة أن تبقي التضخم في حدوده المعقولة.
وفي ذات الاتجاه يقول الخبير الاقتصادي خالد الجوهر، ان الموازنة العامة للدولة هذا العام تمثل نقلة تاريخية للسعودية، بعد أن حققت أرقاما قياسية وإنجازات على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية.
واشار الجوهر الى ان القرارات لتحقيق الإصلاح الاقتصادي أتت بثمارها بشكل كبير، مع تحقيق فائض قياسي بلغ 214 مليار ريال (57 مليار دولار) ووصول الإيرادات الفعلية إلى 555 مليار ريال (148 مليار دولار)، بزيادة قدرها 98 في المائة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الناتج القومي 6.5 في المائة بالأسعار الثابتة ونسبة 22.7 في المائة بالأسعار الحالية.
وأضاف الجوهر، ان آثار الإصلاح الاقتصادي ظهر في تطور القطاعات التحويلية غير النفطية ونموها بنسبة 8.4 في المائة مع زيادة مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية في الناتج المحلي، حيث بلغ 44 في المائة بالأسعار الثابتة. وأشار الخبير إلى أن ارتفاع سوق الأسهم السعودية بنسبة تجاوزت 100%، هو محصلة طبيعية لهذه المعطيات، خصوصا ان الودائع المصرفية نمت بنسبة 9 في المائة، مبينا كذلك أن ميزانية هذا العام عبرت عن فعاليات القرارات بانضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية، من خلال أهداف واستراتيجيات، لعل ابرزها تنمية المواطن بزيادة مخصصات التعليم والرعاية الصحية والخدمات العامة، إضافة الى زيادة مخصصات البنية التحتية لزيادة الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية، خصوصا في مجال البتروكيماويات، بتطوير البنية الأساسية للمرحلة الثانية بجبيل وينبع.
وافاد الجوهر بان ميزانية هذا العام أظهرت توجه الحكومة إلى دعم المشروعات التنموية في المجالات الصناعية والزراعية والعقارية ودعم محدودي الدخل من المواطنين وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى استكمال برامج التنمية الاقتصادية، بتحقيق برامج الخصخصة لتحقيق موازنة تنمية مدخرات الدولة وتنمية المواطنين على حد سواء.
ويرى الدكتور يحيى سرحان، أستاذ ادارة الاعمال بجامعة الملك خالد، ان إعلان وزارة المالية السعودية عن ميزانية الدولة للعام المالي 2006 حمل ملامح تعكس الخطوات الصادقة والحثيثة للحكومة، نحو المضي قدما في تحقيق التنمية المستدامة، التي تبنتها سياسة المملكة منذ تأسيسها، مما مكن المملكة من تحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة مكنت المملكة من تحقيق مكانة اقتصادية ذات تأثير عالمي. واشار الى ان من أبرز ملامح ميزانية 2006 الترجمة الواضحة لتفعيل التخطيط الاستراتيجي في برامج الإصلاح الاقتصادي، التي تبنتها المملكة لتحقيق التنمية المستدامة من أجل تحقيق رفاهية المجتمع السعودي والمساهمة الفاعلة في المجتمع العالمي، مضيفا ان ما يميز هذه الميزانية أنها ترجمة فعلية لتخطيط استراتيجي تبنته المملكة في إطار سياستها للإصلاح الاقتصادي، مشددا على أن اقتصاد المملكة العربية السعودية يتأثر بسرعة بالمتغيرات العالمية التي تتسم بالكثير من التذبذب والاضطراب والتي يصعب استقراؤها في كثير من الأحوال، ويؤثر كذلك في تلك المتغيرات. ويذهب سرحان في حديثه لـ«الشرق الاوسط» الى ان أبرز تلك المتغيرات التي أثرت على الاقتصاد السعودي خلال العقد الأخير من القرن الماضي، التذبذب الشديد في أسعار النفط وعدم الاستقرار عالميا، موضحا أن بيئة المملكة اليوم تزخر بالعديد من المتغيرات، التي تشكل للمملكة العديد من الفرص والتحديات، وعلى رأسها انضمامها لمنظمة التجارة العالمية. وهذه الخطوة بقدر ما تزخر به من الفرص لاقتصاد المملكة العربية السعودية بقدر ما تحمل أيضا من التحديات.
ومن أبرز أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي، رفع مستوى قدرة السعودية على التفاعل مع المتغيرات العالمية، للاستفادة مما يتوفر بها من فرص ومواجهة التحديات، موضحا ان من أهم ما يسهم في رفع مستوى تلك القدرة، رفع قدرات المجتمع السعودي فكراً ومعرفة ومهارة وسلوكاً، حتى يستطيع جميع أفراد المجتمع السعودي المساهمة بفاعلية في دفع عجلة التنمية المستدامة، وبالتالي رفع مستوى قدرة المملكة على التفاعل مع المتغيرات العالمية. وقد برز الاهتمام بالمواطن السعودي جلياً في ميزانية هذا العام حيث حظي التعليم بنصيب الأسد.
واختتم سرحان حديثه، بان اطلاق المملكة برنامج الإصلاح الاقتصادي يأتي لضمان استمرار النمو الاقتصادي ومسيرة التنمية المستدامة.