شريط المغربي مصطفى الدرقاوي «غراميات الحاج المختار الصولدي»: إثارة «مقرفة» ونهاية على طريقة افلام الكاوبوي

TT

بعد غياب دام خمس سنوات عاد المخرج المغربي مصطفى الدرقاوي ليقدم للجمهور المغربي شريطا سينمائيا جديدا يعرض حاليا في القاعات السينمائية المغربية بعد عرضه للمرة الاولى في المهرجان الخامس للسينما المغربية الذي انعقد بمراكش مابين 27 يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين وحصد ثلاث جوائزهناك ، هي جائزة الاخراج وجائزة التصوير وجائزة افضل ممثل، وهي جوائز تحفظ الكثيرون حول مشروعية منحها لهذا الشريط، ويواجه شريط «غراميات الحاج المختار الصولدي» اسوأ اختبار له امام الجمهور العريض بعد ان انطفأت اضواء حفل اختتام المهرجان وبهت بريق الجوائز، فمند اليومين الاولين لبداية العرض في مختلف القاعات عبر الجمهور عن احتجاجه بلغة صريحة بالانسحاب قبل نهاية العرض وهو يتمتم بعبارات التذمر بسبب المستوى الهزيل للشريط على مستوى القصة والتشخيص.

تدور احداث الفيلم في مدينة الدار البيضاء بشوارعها الواسعة وبريق اضوائها الليلية وداخل احيائها الفقيرة ايضا وهي فضاءات تجزئ المجتمع الى طبقتين. يظهر «الحاج المختار الصولدي» يقوم بدوره الممثل البشير سكيرج في سيارة فارهة يتحدث في هاتفه المحمول ومن خلال هذه المكالمة يتبين انه مرشح للانتخابات بصدد التهيؤ لحملته الانتخابية، رجل يرمز الى الفساد بمفهومه الشامل فهو يتمتع بسلطة ونفوذ كبير واموال كثيرة جمعها بطرق غير شرعية يمارس مختلف انواع التجاوزات الاخلاقية. حياته موزعة بين الحانات والملاهي الليلية وممارسة الدعارة و«اصطياد» الفتيات الصغيرات واغرائهن بالمال لاشباع نزواته وشذوذه، وهي مشاهد تتكرر اكثر من مرة في هذا الشريط لدرجة يشعر المشاهد معها بالغثيان والاشمئزاز. فقد وضفت باثارة «مقرفة» ساهم فيها بشكل كبير اداء السكيرج بحركاته «السخيفة» والالفاظ «البذيئة» والحوار المرتجل، وتسيطر شخصية السكيرج بهذه الملامح على مختلف مراحل الشريط لدرجة تضيع معها ملامح الشخصيات الاخرى التي اصبحت مجرد «كومبارس» امامه، فرشيد الوالي الذي يلعب دور عميد الشرطة «رابح» ظهر باداء باهت، ونفس الشيء بالنسبة للممثلة سهام اسيف «اسماء» المفترض انها احدى الشخصيات المحورية في الشريط، يتعرف عليها «الصولدي» ويقرر الارتباط بها الا انها كانت مغرمة بـ«عادل»، الممثل رفيق بكر، والعميد «رابح» مغرما باسماء، لكنهما يفكران معا في انقاذ اسماء من الصولدي واخفائها في قرية بعيدة لكن الصولدي يعرف مكانها فيفاجئهم بمجيئه الى القرية وتحصل مشادة كلامية بينهم فيشهر الصولدي سلاحه ويقتل اسماء عن طريق الخطأ، فما كان من عميد الشرطة الا ان وجه بدوره رصاصات قاتلةالى صدر الصولدي ليتخلص منه على طريقة افلام الكاوبوي،وقبل هذه النهاية المفرطة في الماساوية يكتشف الصولدي ان له ثلاثة ابناء غير شرعيين هم عادل الذي يحترف اللصوصية، ورابح عميد الشرطة، وهما ابناء خالات، وابنة اخرى هي العرافة «رقية» التي تجسد دورها الممثلة منى فتو، وهذا التداخل في العلاقات وتشابكها غير مبرر مطلقا في سياق تسلسل احداث الشريط الذي اعتمد مخرجه على سيناريو مفكك تتلاشى معه اي رؤية نقدية او خطاب فكري اراد المخرج تبليغه من خلال اقحام عدة مواضيع بطريقة فجة ومن دون اي مصداقية او بعد فني للشريط.

يذكر ان احد اعضاء لجنة التحكيم وهو الكاتب ادريس الخوري كان قد صرح ان اداء السكيرج في هذا الشريط كان اقرب الى «التهريج» الا ان منحه جائزة افضل ممثل عن دوره في الفيلم كان من باب التكريم فقط.

وللاشارة فالدرقاوي سبق ان قدم عددا من الافلام السينمائية لم تلق اي نجاح يذكر نظراً لضعف مستواها موضوعا واخراجا، وهي: «احداث بدون دلالة» 1974 و«ايام شهرزاد الجميلة» و«عنوان مؤقت» 1984 و«قصة اولى «1992 و«انا لعبة في الماضي» 1995.