تمثل سيرة المهندس رائد عبد الكريم العقيلي، المدير العام المكلف في شركة المهيدب للمقاولات، احدى تجارب الشباب السعوديين الذين جازفوا بترك الوظيفة الحكومية المغرية بمسؤولياتها ونفوذها للانتقال للعمل في القطاع الخاص، وهو القرار الذي وصفه العقيلي برغم مرور حوالي 12 سنة على اتخاذه القرار السليم.
بدأ المهندس رائد مسيرته المهنية بعد تخرجه من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في عام 1986، حاملا شهادة بكالوريوس في الهندسة المدنية، حيث باشر عمله في الإدارة العامة للمشاريع والصيانة في وزارة الصحة، وذلك في منتصف الثمانينات الميلادية التي شهدت طفرة توسعية أفقية في عدد المستشفيات الجديدة بسعات سريرية متفاوتة بين 30 سريرا إلى 500 سرير في بعض المستشفيات. وعمل في إدارة الدراسات والتصاميم لمدة عام لينتقل بعدها لإدارة الصيانة العامة التي أشرف خلال عمله فيها لمدة خمس سنوات على عمل مقاولي الصيانة الذين يفوزون بعقود المستشفيات التي كانت تطرح مجزأة.
وأضاف أنه لم يكن يرغب العمل في هذا القطاع، وذلك نتيجة لوجود اتجاه عام في حينها لقطاع التصميم والإنشاءات والذي كان يمر بنهاية طفرته الكبيرة مع الطفرة الاقتصادية في حينها، ولكن بتشجيع من المهندس محمد القويحص، مدير عام المشاريع والصيانة آنذاك، توجه للعمل فى هذا القطاع (الصيانة والتشغيل)، والذى كان يعكس صحة رؤيته المستقبلية لأهمية هذا القطاع، خاصة خلال فترة التسعينيات الميلادية، حيث انخفض حجم قطاع البناء والتشييد وأصبح التركيز على تشغيل وصيانة المنشآت والمرافق القائمة أو التي انتهت أعمال البناء فيها.
وأضاف أنه قام بعد ذلك بالعمل مع إدارة تنسيق تشغيل المستشفيات، وهي إدارة كان يرأسها أحمد بن حسن آل الشيخ، وكانت إدارة تابعة لمكتب وزير الصحة، وهي الإدارة التي كانت مسؤولة عن إعداد وطرح وترسية ومتابعة تنفيذ جميع عقود تشغيل مستشفيات الوزارة الكاملة والشاملة.
وجاءت الفترة التي قرر فيها ترك العمل الحكومي، حيث قال العقيلي انه قدم استقالته من العمل الحكومي وذلك لعدة أسباب، بينها أن الخبرة العملية في القطاع الحكومي لا توازي تلك التي يحصل عليها العامل في القطاع الخاص. وقال انه لاحظ في حينها مدى التشجيع حينما أدرك ما يتميز به هذا القطاع من تحفيز للكفاءات، ووصف قرار انتقاله بالسليم، خصوصا أن الهندسة هي أحد التخصصات الفنية التي تتطلب العمل في قطاعات تبرز القدرات وتشجع على تطويرها.
وحول عمله في القطاع الخاص، قال العقيلي ان عمله الحالي كمدير عام مكلف في شركة المهيدب للمقاولات جاء بعد العمل في عدة شركات، بينها المؤسسة السعودية للتموين والتعهدات، وشركة القسي العالمية، ومجموعة زهران للصيانة والتشغيل. وقال ان عمله في شركة المهيدب عاد به لقطاع الإنشاءات الذي يشهد طفرة جديدة في السوق السعودي، موضحا أن المهندس يجب أن يجاري اتجاهات السوق، إلا أنه قال ان المهيدب تركز حاليا على المشروعات ذات القيمة المضافة، فإلى جانب نشاطها في مجال الإنشاءات العمرانية عبر عقود مهمة، إلا أن هناك تركيزا على مشروعات تنعكس على البيئة بشكل إيجابي، مثل مشروعات الصرف الصحي في جدة والتي تنشط الشركة فيها عبر إقامة أنفاق وقنوات للصرف الصحي، كما تنشط المهيدب في قطاع تنقية المياه، سواء المالحة أو مياه الصرف الصحي. كما تعمل الشركة حاليا على مشروعات البنية التحتية وتسعى للدخول في مشروعات تعود لأرامكو السعودية، والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، كما تنشط عبر شركات شقيقة في قطر والجزائر ودول أخرى في المنطقة في مجال الإنشاءات والنفط والغاز.
وحول الإضافات التي قدمتها هذه المسيرة لرائد العقيلي، كمهندس، قال ان التخصصات الفنية تتطلب مواصلة للتعلم والتحديث، وهو ما تفتقده الساحة السعودية، وان تخصصات مثل العمل الهندسي المتقدم في مشاريع الصرف الصحي التي تعتمد الحفر المثقبي لتمديد أنابيب الصرف تتطلب تقنيات ومعارف هندسية متقدمة غير متوافرة لدى الغالبية العظمى من المهندسين السعوديين، مما يخلق أرضية خصبة لهم للاستفادة وفرصة كبيرة لاكتساب الخبرة في هذا المجال النادر والمهم.