في الوقت الذي تدرس فيه إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش صفقة أسلحة كبيرة لتايوان، يظهر انقسام واضح في أوساط الحكومة التايوانية وخبراء الأمن، حول ما إذا كان من الضروري ان تضم الصفقة نظام رادار «آيجيس»، الذي أثار الكثير من الجدل. فوزير الخارجية التايواني تين هونج ماو قال في لقاء اجري معه في الآونة الأخيرة ان مساعي حكومته للحصول على «آيجيس» أصبحت «مسيّسة بصورة لا تصدق». ورغم تأييده لشراء نظام الرادار، فان الوقت قد لا يكون مناسبا الآن بسبب ما قد يترتب من نتيجة الصفقة على العلاقات بين بكين وواشنطن وتايبيه. من جانبه، لم يخف الرئيس التايواني تشين شوي بيان تأييده المطلق لشراء نظام «آيجيس»، غير ان الجدل لا يزال محتدما داخل القوات المسلحة التايوانية. كما عارض وزير سابق للدفاع صفقة الأسلحة، لانها تكلف تايوان اموالا طائلة، إذ تقدر جملة الصفقة بحوالي 23 مليار دولار أميركي. وطبقا لمصادر تايوانية رسمية، ليس هناك اتفاق رسمي داخل البحرية، فهناك جانب يؤيد شراء «آيجيس» وآخر يسعى لحصول تايوان على غواصات وأسلحة مضادة للغواصات بدلا من «آيجيس». ويقول المحلل الأمني آندرو يانج، ان «تايبيه تفتقر إلى الإجماع». فتايوان والصين تعتقدان ان لصفقة «آيجيس» أهمية سياسية كبرى بسبب صلتها بخطة أميركية لإقامة نظام دفع صاروخي في المنطقة. كما ان السياسيين التايوانيين والمسؤولين الصينيين على السواء سيفسرون أي قرار لبيع «آيجيس» كإشارة الى ان الولايات المتحدة تتحرك باتجاه ضم تايوان إلى النظام الأمني الأميركي في آسيا، ونتيجة لذلك فان صفقة شراء «آيجيس» تجد تأييد السياسيين التايوانيين وليس بالضرورة تأييدا كاملا من الجيش.
وقال مسؤولون حكوميون تايوانيون انهم يخشون حدوث ربكة حول كيفية الاستمرار مع احتمال رفض الإدارة الأميركية بيع أسلحة محددة، بما في ذلك نظام «آيجيس» للرادار. ويرى مسؤولون غربيون ان تايوان ليست عاجزة فقط عن استيعاب تكنولوجيا «آيجيس» بل لا تدرك ما إذا كانت في حاجة إليها. وطبقا لتقارير من واشنطن، فان مساعدي الرئيس الاميركي جورج بوش للأمن أوصوا بعدم بيع «آيجيس»، لكنهم حثوا على تزويد تايوان بمعدات أخرى تشتمل على مدمرات. ومن المنتظر ان يتخذ بوش قرارا قبل نهاية الشهر الحالي بهذا الشأن. ويلاحظ ان أمن تايوان ظل خلال العقود الخمسة السابقة في نطاق سلطات دائرة صغيرة من عسكريي الحزب الوطني الذي ابدوا اهتماما وثيقا بالولايات المتحدة. وبدءا من انتخابات العام الماضي، التي فاز فيها تشين شوي بيان، اصبح الأمن قضية أكثر أهمية من أي وقت مضى، منذ فرار الوطنيين من تايوان عقب خسارتهم الحرب الأهلية أمام القوات الشيوعية لماو تسي تونج عام 1949. وثمة مواقف متباينة بين الخبراء والمحللين ابتداء من اتحاد تايوان مع الصين إلى عدم الحاجة إلى تخصيصها ترسانة عسكرية كبرى للدفاع عن نفسها، كما ان هناك من يرى وسط مفكري الشؤون الاستراتيجية الشباب ضرورة إضعاف العلاقة الأمنية بين تايوان والولايات المتحدة.
ووفقا لقانون مبهم تعهدت الولايات المتحدة بمساعدة تايوان في الجانب الدفاعي، غير انه ليس من الواضح ماذا كانت تنوي ارسال قوات عسكرية إلى هناك لصد أي هجوم صيني. ويذكر ان هناك وفدا تايوانيا في واشنطن لشراء أسلحة للبحرية، اما في مجال القوات الجوية، فتايوان منشغلة الآن بطائرات «اف 16» الأميركية و«ميراج 2000» الفرنسية وطائرة من تصميم تايوان نفسها. وتقول مصادر تايوانية ان قائمة الأسلحة التي يسعى الوفد للحصول عليها تعكس جزءا من الربكة الاستراتيجية داخل البلاد. وتأتي في صدارة هذه القائمة نظام «آيجيس» لإدارة المعركة الميدانية الذي يكشف ويتتبع اكثر من مائة صاروخ وطائرة ومركبة في وقت واحد. وتحتوي القائمة كذلك على غواصات وتجهيزات مضادة للغواصات مثل طائرة «بي 3 أوريون» لتعقب الغواصات. ويساند الجيش التايواني شراء غواصات ومعدات حربية مضادة للغواصات، غير ان الخبير الاستراتيجي يوان آي يرى ان نظام «آيجيس» مكلف ماليا ويعني الاعتماد على واشنطن ويعتقد ان الغواصات خيار افضل بالنسبة لتايوان.
* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»