الآثار الدماغية لإصابات الرأس في الحوادث

كدمات الجمجمة وارتجاجاتها قد لا تظهر مباشرة ويجب ملاحظة أعراضها لدى المُصاب

TT

حينما لا يثبت راكب السيارة أحزمة آمان الجلوس فيها، فإن نسبة احتمالات تعرضه لإصابات الرأس ترتفع، أثناء حصول حادث سير مفاجئ بأي شكل كان. كما أن حوادث السقوط أثناء ركوب الدرجات النارية وحتى الهوائية سبب آخر في إصابات الرأس البليغة، في حال عدم اتخاذ وسائل الأمان منها بلبس خوذات وقاية الرأس بنوعيها الصلب لراكب الدراجة النارية، والخفيف لراكب الدراجة الهوائية. هذا بالإضافة إلى حوادث السقوط من المرتفعات كالشرفات أو الأبنية للكبار أو الصغار، أو الحوادث المنزلية للأطفال والمتقدمين في العمر، كالتعثر بالسجاد أو غيره من قطع الأثاث، أو التزحلق على الأرضيات المبتلة في دورات المياه أو غيرها.

وتقول نشرات الرابطة الأميركية لأطباء الأسرة إن إصابات الرأس قد تكون ذات تأثير مؤذ جداّ للإنسان. وتعلل الأمر بأن حصول النزيف عبر أحد الأوعية الدموية داخل الجمجمة، أو حصول أنواع من التهتك مختلف الدرجات لمناطق ذات أهمية بالغة في تراكيب الدماغ، أو الانتفاخ مع مرور الوقت في تلك الأنسجة نتيجة نشوء عملية التهابية كردة فعل للتهتك أو الرض الذي يعتريها.. كلها عوامل تؤدي إلى تأثيرات بالغة الأذى والضرر على سلامة الإنسان. لكن لدى الغالبية العظمى من المُصابين بهذا النوع من حوادث إصابات الرأس، فإن الأمر يمر بسلام، من دون حصول أي تأثيرات آنية مهددة لسلامتهم، وأيضاً بدون أي تأثيرات مرضية دائمة أو عواقب مستقبلية تنشأ في مراحل زمنية تالية.

* ملاحظة المصاب

* ويعتمد على تقويم الطبيب مدى حاجة المصاب إلى البقاء في المستشفى للملاحظة، أو لإجراء مزيد من الفحوصات. وتتم بسؤال الطبيب للمصاب أو سؤال مرافقيه أو مشاهدي الحادث الذي تعرض له عن كيفية حصوله أو إصابة الرأس فيه إن أمكن. وعن التاريخ المرضي السابق له، كوجود مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو أي أمراض عصبية أو أدوية يتناولها المرء تؤثر على تخثر الدم كالأسبرين أو مميعات الدم كالوافرين. والتأكد أيضاً من عدم وجود أعراض تعكس اضطرابات في ضغط الدماغ أو تهتك أنسجته كالقيء أو نوبات التشنج أو صعوبات في التنفس. ويساعد كثيراً في التقويم الطبي للحالة إجراء الأشعة المقطعية للدماغ.

ومن المهم ملاحظة أن من الطبيعي أن يعاني المُصاب بصداع أو دوخة أو غثيان عند حال حصول الحادث، بالإضافة إلى شعوره بالقلق أو الانزعاج الشديد، أو ألم في العنق، أو حتى سماع مثل قرع الطبلة في الأذن. كما أن البعض من الطبيعي أن يعاني من صعوبات في التركيز أو التصرف السليم آنذاك.

هذا ويعاني كثيرون من صعوبات في تذكر ما قبل الحادث أو أثناءه أو فترة ما بعده. وربما لن يتذكرها المصاب إلى الأبد، لكن قدرات الذاكرة وتعلم المهارات تعود إلى سابق عهدها في الغالب.

هذه الأعراض قد تستمر لدى البعض بضعة أيام أو أسابيع حينما يتعرضون لحادث شديد. لكن تقدير حصول تلف دائم في مناطق من الدماغ يعتمد على مجمل نتائج الفحص السريري من قبل الطبيب ومتابعة الممرضين لعناصر محددة في الملاحظة والمراقبة الطبية وأيضاً نتائج الأشعة للدماغ. والغالب أن الإصابات وحتى الشديد منها لا يترك أثراً دائماً في وظائف الدماغ أو العقل.

وليس صحيحاً أنه يجب عدم ترك المصاب ينام بعد الحادث. والطبيب بعد تقويم الحالة قد يرى إبقاء المصاب في المستشفى للملاحظة وقد يُرسله إلى منزله حينما يضمن مرافقته لإنسان يُمكن الاعتماد عليه في ملاحظة المصاب وعدم إهمال عنايته به.

* إصابات الرأس

* هناك ثلاثة أنواع رئيسة لإصابات الرأس يجدر تفهم طبيعتها، وبالتالي وسائل الأطباء في التعامل معها. وهي:

أولاً: ارتجاج الدماغ، وهو الإصابة بهزة عنيفة في الدماغ نتيجة الصدمة المباشرة للرأس. ويعاني المصاب حينها من تعطل مؤقت لوظائف الدماغ بدون حصول أي تلف عضوي في أنسجته. وقد يعاني المصاب من فقد مؤقت للوعي. ويشعر بالدوخة أو فقد مؤقت للإبصار أو في توازن حركة الجسم.

ثانياً: كدمات الدماغ، وهي التي تحصل فيها رضوض وخدوش في أنسجة الدماغ. أي أن الأذى وصل إلى مرحلة عضوية مؤثرة على سلامة تراكيب بنية الدماغ. ومن ثم قد يحصل نزيف تتجمع على إثره كتلة من الدم داخل أنسجة الدماغ. وهي المعرضة لأن تنتفخ هي أو الأنسجة المهتكة حولها.

ثالثاً: كسور الجمجمة، وذلك بأن تتصدع بنية غلاف الجمجمة العظمي. والخوف هو أن تعمل القطع المتكسرة من العظم على إحداث تهتك في بنية الدماغ أو نزيف فيه.

وعلى المرء ملاحظة أن نزيف الدماغ وتكون كتلة من التجمع الدموي قد لا تظهر مباشرة بعد الإصابة بل قد تأخذ عدة أسابيع كي تتكون ويظهر تأثير وجودها على الدماغ ووظائفه. ولذا فإنه لا بد من إتمام فترة المتابعة والملاحظة لعدة أسابيع وخاصة رصد أي تغيرات في المزاج أو الصداع أو مشاكل في التحكم بتوازن الجسم وغيرها من الأعراض غير الطبيعية.

وبشكل عام، سواء ما بعد الإصابة مباشرة أو في أسابيع تالية، فإن ملاحظة ظهور ما يلي توجب مراجعة الطبيب، وهي:

ـ الازدياد في سوء أي عرض مُصاحب، كالصداع أو الغثيان أو كثرة النعاس.

ـ استمرار الغثيان.

ـ تغيرات في المزاج والسلوك، كالتوتر أو التشويش الذهني.

ـ توسع بؤبؤ العين. أي أن فتحة البؤبؤ تصبح كبيرة على الدوام كبؤبؤ من يرتدي العدسات اللاصقة الملونة.

ـ صعوبات واضطرابات في المشي أو الكلام.

ـ نزيف سائل شفاف أو دموي من الأذن أو الأنف.

ـ الاستفراغ.

ـ نوبات التشنج.

ـ ضعف أو تنميل في أحد أطراف الجسم العلوية أو السفلية.

الإسعافات الأولية لإصابات الرأس > حاول طلب المساعدة الطبية إذا ما ظهرت على المصاب الأعراض الآتية:

ـ حينما يصيبه النعاس بشكل غير مُعتاد.

ـ يُعاني من صداع شديد أو تيبس في الرقبة ـ القيء أكثر من مرة.

ـ الإغماء ولو لبرهة يسيرة.

ـ التصرف بطريقة غريبة وغير معتادة منه.

ولإسعاف المصاب بحوادث شديدة أو متوسطة في الرأس، اتبع الآتي:

ـ اتصل بخدمة الإسعاف.

ـ تأكد من سلامة مجرى هواء التنفس وعملية التنفس وحالة الجهاز الدوري. وذلك عبر التأكد من خلو الفم والحلق من أية معوقات لدخول أو خروج الهواء، والتأكد من خروج الهواء من الصدر، والتأكد من وجود النبض في شرايين الرقبة أو المعصم وحال قوته.

ـ في حال سلامة التنفس والجهاز الدوري، تعامل معه بدقة أثناء تحريكه. وقم بتثبيت الرأس والرقبة عبر وضع كلتي يديك وساعديك على جانبي الرأس، بحيث تُبقي على الرأس والرقبة في خط مستقيم مع العمود الفقري، أي لا تحاول تحريك الرأس أو العنق في أي اتجاه، وابقَ على هذا الوضع حتى وصول فريق الإسعاف.

ـ لو كان هناك نزيف، اضغط بدرجة متوسطة ومحكمة على مصدره. لكن لو كان مصدر النزيف هو أحد أجزاء الجمجمة وتتوقع من شدة الصدمة أن ثمة كسور فيها، فلا تضغط على الجرح، كما لا تحاول إزالة أي أجزاء متهتكة من جروحها، وغطها بقماش أو ضمادة طبية نظيفة.

ـ لو بدأ المصاب بالقيء، ضع رأسه وعنقه وكامل جسمه، أي تتعامل معها كوحدة واحدة، على أحد الجانبين تجنباً لدخول مواد القيء إلى الرئة.

ـ ضع قطعاً من الثلج على أية منطقة تبدأ بالانتفاخ.

الإصابات البسيطة لا تتطلب عناية كبيرة، بل المطلوب هو الملاحظة بعدها لمدة 24 ساعة كما تقدم.

وفي محاولات إسعاف المصاب تجنب فعل الأمور الآتية:

ـ لا تحاول غسل جروح الرأس العميقة أو التي تنزف.

ـ لا تحاول إزالة أي شيء مما يعلق بالجرح.

ـ لا تحاول تحريك المصاب وإبعاده ما لم تكن هناك ضرورة لازمة لذلك.

ـ لا تحاول هز المصاب أو تحريكه بعشوائية حتى لو بدأ بفقد الوعي.

ـ لا تحاول خلع خوذة الرأس التي يرتديها المصاب إذا ما كانت الإصابة شديدة.