طرقات متعرجة في حواري ضيقة ذات بيوت متلاصقة، ويكسو الأرض بلاط البازلت الأسود الذي تحول لونه بمرور السنين إلى اللون الرمادي، ذلك هو الطريق الذي يجب عليك السير فيه إذا ما أردت مشاهدة وزيارة بيت السحيمي، الذي يضفي عليك حالة من الشجن الممزوج برائحة التاريخ وأنفاسه بمجرد رؤيتك لمعالمه وعبورك إلى داخله عبر بوابته الخارجية، حيث يستقبلك في مدخله حوش داخلي رئيسي تبلغ مساحته أكثر من 200 متر تطل عليه قاعات وغرف يصل عددها إلى 115 موزعة على خمس مستويات.
وتستطيع أن تلحظ في حوش بيت السحيمي الأسقف الخشبية المزخرفة ويخطف عينيك جمال المشربيات التي تشير إلى إبداع الفنان الذي صممها، والمشغولات الخشبية المتمثلة في الأبواب والدواليب التي تشهد على روعة التصميم، والتي تعيدك إلى العهد الذي ساد فيه تصميم تلك النوعية من المنازل.
وعلى الرغم من أن بيت السحيمي ليس البيت الأثري الوحيد في مصر، إلا أن مراحل تطور بنائه وتنوع عناصره المعمارية أضفت عليه أهمية خاصة، والطريف أن البيت لا يحمل اسم أي ممن قاما بتأسيسه، وهما الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي الذي شيد الجزء الجنوبي الشرقي من البيت عام 1058 هجرية، والحاج إسماعيل شلبي الذي أنشأ الجزء الثاني عام 1111 هجرية، حيث يحمل المنزل اسم آخر من سكنه وهو الشيخ محمد أمين السحيمي، شيخ رواق الأتراك بالأزهر والذي انعكست طبيعة عمله على التطويرات المعمارية للبيت، حيث أقام رواقا في صحن البيت على نفس الطراز الذي كان موجود في صحن العديد من المساجد الإسلامية وكان يستخدم لتدريس العلوم الدينية للطلاب.
وقد توفي الشيخ السحيمي عام 1928 وبعدها بعامين قامت الحكومة المصرية بشراء المنزل من ورثته مقابل مبلغ 6 آلاف جنيه، وأنفقت مبلغ ألف جنيه أخرى لترميمه.
وقد بني بيت السحيمي على مساحة نصف فدان، وبني بنفس طراز بناء المنازل القاهرية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وزينت أرضياته بالرخام المزخرف حيث تفرد بيت السحيمي على غيره من البيوت الأثرية بالعديد من المواصفات لعل أهمها المدخل المنكسر والحوش الواسع والقاعات التي تضم في ما بينها «التاختابوش» وهي الأماكن التي كان يتجمع بها الرجال من ضيوف المنزل، إلى جانب وجود ساقية بالركن الشمالي الشرقي للمنزل كانت تستخدم لرفع المياه عبر ممرات تحت البيت، بالإضافة إلى النقوش الهندسية التي تزين جدران أدوار بيت السحيمي الثلاثة.
يذكر أن بيت السحيمي تم تطويره وترميمه من قبل المجلس الأعلى للآثار عام 1996 تحت قيادة الدكتور أسعد نديم.