التهاب ملتحمة العين

تتعدد أسبابه ويحدث نتيجة عدوى الفيروسات أو البكتيريا

TT

ملتحمة العين، هي ذلك الغشاء الشفاف الذي يغطي كلا من بطانة الجفون والجزء الأبيض من مقدمة كرة العين، ما عدا قرص القرنية الشفاف الذي يغطي قزحية العين الملونة في وسط العين. وهذه الطبقة عُرضة أكثر من أجزاء العين الأخرى، أن تلتهب إما بالعدوى الميكروبية أو بالحساسية أو بالتهيج نتيجة لأسباب عدة. وحالة التهاب الملتحمة شائعة، خاصة لدى الأطفال، إذ أن إحصائيات العام الماضي في بريطانيا تشير إلى أن طفلاً من بين كل ثمانية أطفال يُصاب بها على أقل تقدير مرة في السنة. وتشكل حالات المراجعة للأطباء بسببها في بريطانيا وحدها حوالي مليون زيارة سنوياً، وخمسة ملايين في الولايات المتحدة فقط. ولا تؤثر الحالات العادية من الالتهابات على قدرات الإبصار، لكن في حالة الالتهاب المزمن، ذي التأثير السلبي على بنية الجفن واتجاه مخرج شعر الجفون، فإن الحالة ربما تؤثر على قدرات الإبصار من خلال تأثر طبقة القرنية.

* أسباب متنوعة

* وتتسبب مجموعة من البكتيريا والفيروسات في حالات العدوى الميكروبية. وغالب البكتيريا والفيروسات هي من الأنواع التي تصيب الجلد أو الجهاز التنفسي، لكن أنواعا أخرى من البكتيريا المسببة للأمراض الجنسية، قد تكون سبباً في التهابات الملتحمة، مثل بكتيريا السيلان، غونوريا، والكلاميديا وغيرها، التي تصيب البالغين والأطفال الرضع عند خروجهم عبر مهبل الأم المصابة بها. وأحد أنواع التهابات ملتحمة العين المسببة للنزيف، هي العدوى بفيروسات كوكساكي، وهي من فيروسات الجهاز الهضمي، التي تنتقل من إنسان لآخر، عادة بالبراز، بسبب عدم تنظيف الأطفال أو الكبار لأيديهم منه. ونادراً ما تتسبب الفطريات بالتهابات الملتحمة في الحالات الطبيعية من قوة مناعة الجسم. وتنشأ حساسية ملتحمة العين، لدى من هم بالأصل يعانون من حالات الحساسية كحساسية القش، نتيجة التعرض لمواد مثيرة كغبار الأزهار أو العشب الأخضر، أو بالحساسية من شعر الحيوانات كالقطط أو من الطيور أو الغبار المنزلي وغير المنزلي. والميزة الأبرز فيها أن الاحمرار والرغبة في حك العين يطال كلاً من العينين الاثنين في نفس الوقت.

وتتنوع المواد المهيجة لاحمرار العين والتهاب الملتحمة فيها، كدخان السجائر والحطب والمواد الكيميائية في الصابون أو الشامبو أو مواد التنظيف وغيرها.

* علامات وأعراض

* هناك العديد من علامات إصابة الطفل بالتهاب ملتحمة العين، وهو ما على الأم التنبه له للتعامل السليم مع الحالة. والأعراض تختلف حدتها من طفل لآخر، وكذلك على حسب نوع إصابة الالتهاب، ومسبباته من ميكروبات أو حساسية أو تهيج.

وأحد أهم الأعراض، هو شعور الطفل بعدم الارتياح أو الألم في العين، نتيجة الشعور وكأن ثمة رملا داخل الجفن. هذا بالإضافة إلى انتفاخ احد الجفون بدرجات متفاوتة، مصحوبة برغبة في حك وفرك العين مع زيادة إفراز الدمع.

وظهور صديد أو سائل أشبه بالكريم ذي لون أصفر أو أبيض أو حتى أخضر، أو ما يُسمى بالعامية «الغمس». مما يُلاحظ في الالتهابات البكتيرية عادة بكمية أكبر عند استيقاظ الطفل من النوم، ويؤدي إلي التصاق الجفنين وشعرهما، بينما حالات الالتهابات الفيروسية أو الحساسية يصحبها عادة سائل أقل كمية وكثافة وأصفى لوناً.

* الوقاية

* حالات الحساسية والتهيج هي بالطبع غير معدية، بينما الالتهابات البكتيرية أو الفيروسية تكون شديدة العدوى للآخرين، ذلك أنها تنتقل من مصاب إلى سليم باللمس باليد، أو استخدام السليم لأشياء تلوثت بميكروبات المُصاب، كالمناشف أو الوسائد أو غيرها. كما أن وجود الميكروب لدى المُصاب في العين وفي الأنف يجعل من السهل انتقاله عبر العطس. كذلك فإن الفيروسات قد تنتقل من مُصاب إلى سليم عن طريق مياه المسابح. والفترة ما بين وصول الميكروب إلى حين ظهور أعراض الإصابة، أو ما يُسمى بفترة الكُمون، هي حوالي بضعة أيام في البكتيريا، وحوالي أسبوع في الفيروسات. وتستمر الإصابة بالبكتيريا حوالي أسبوع، في حين تستمر الفيروسات حوالي أسبوعين، قد يطول أي منهما أو يقصر نتيجة عوامل عدة.

ولذا فإن الوقاية من الإصابة تتطلب حرص المُصاب، صغيرا او كبيرا، على عدم الإسهام في نشر الميكروبات، وذلك باتباعه للسلوكيات الصحية، كعدم لمس العين المُصابة باليدين، وعدم مشاركة الآخرين في المناشف أو الوسائد أو أدوات تجميل العين والعناية بنظافتها، بالإضافة إلى الحرص على تنظيف وغسل ملابس وأغطية فراش المُصاب ومناشفه لوحدها، وليس مع بقية اغراض العائلة.

أما حالات التهيج والحساسية فالأصل في الوقاية، باختصار شديد، فهو منع التعرض للسبب.

* آراء في المعالجة

* الحرص على نظافة الطفل ونظافة عينيه أساس العلاج. وهو ما يتم إما بكمادات من الماء البارد أو الدافئ، لتنظيف العين من الإفرازات وتخفيف ألم وشد الجفون والرموش، وأيضاً إعطاء لمسة لتخفيف الانتفاخ في الجفون، خاصة عند استيقاظ الطفل من النوم. وغالباً ما يصف الأطباء قطرات من المضاد الحيوي للعين، تُستخدم بالنهار، ومرهم من نفس المضاد الحيوي للوضع علي العين بالليل. ونظراً لصعوبة التفريق في بعض الأحيان بين الالتهابات البكتيرية والفيروسية، أو أن التهابات الفيروسية قد تتطور إلي بكتيرية، أو للتقليل من احتمال نشر العدوى بين الآخرين، فإن بعض الأطباء يصف المضاد الحيوي دائماً.

وكانت مجلة «لانست» قد نشرت في عدد يونيو (حزيران) من العام الماضي نتائج دراسة للباحثين من جامعة أوكسفورد ببريطانيا، يُحاول الباحثون فيها إثبات عدم جدوى وصف المضاد الحيوي للطفل في مثل هذه الحالات. والسبب هو ما لاحظوه من أن غالبية الأطفال يشفون دونما حاجة له. بيد أن الدراسة بالإضافة إلى العدد القليل للمشمولين من الأطفال المصابين فيها، فإنها لم تبحث قيمة المعالجة بالمضاد الحيوي في تقليل انتشار العدوى.

وعادة لا تسبب قطرات المضاد الحيوي أذى للأطفال. لكن الصعوبة، لمن جرب في حياته وضع قطرة أو مرهم في عين الطفل وبدئه بالصراخ والمقاومة، هي في إعطاء عيني الطفل الجرعة من القطرة أو المرهم، عدة مرات في اليوم! وتُعالج حالات الحساسية بقطرات، أو حبوب منعها بالأصل.

* المعالجة السريعة لالتهابات الملتحمة عند الأطفال الرضع > يتعرض بعض الأطفال الرضع لحالة من التهاب ملتحمة العين في أول أربعة أسابيع من العمر. وتسبب قطرة المضاد الحيوي، التي تُعطى في بعض المناطق روتينياً للأطفال عند الولادة، في حالة من التهيج والحساسية لدى بعضهم، وغالباً ما تزول خلال بضعة أيام. لكن الأطفال الرضع عرضة أيضاً للإصابة بالتهاب ملتحمة العين بميكروبات الأمراض الجنسية، حينما تكون موجودة في مجرى خروج وولادة الجنين، كما في عنق الرحم أو المهبل وامتداده. مما يستدعي أخذ الطفل قطرة أو شراباً أو حتى حقنا في الوريد من المضاد الحيوي. والبكتيريا التي تصيب المولود في أول أسبوعين في حياته، كهدية قاسية من أمه، قد تسبب له مضاعفات في قدرات الإبصار، بخلاف ما يُصيب الطفل في مراحل تالية من العمر، ولذا فإن فحص الأم قبل الولادة، حتى لو لم تكن تشعر بأي شيء، هو أمر صحي مهم ويقي الطفل من العدوى أثناء الخروج للدنيا. والممارسة الروتينية بإعطاء قطرة من المضاد الحيوي للمولود في غرفة الولادة قللت من حالات إصابة الأطفال الرضع في المجتمعات التي عدوى السيلان شائعة فيها. وفي حال اكتشاف إصابة الأم بهريبس الأعضاء التناسلية، فإن الحاجة تستدعي الولادة عبر عملية قيصرية.