البنوك الفلسطينية تواجه مأزقا اقتصاديا وأمنيا بسبب رفض التعامل مع حكومة حماس

الأضرار طالت عشرة بنوك عربية في المناطق

TT

رام الله ـ رويترز: يخوض المصرفيون في المناطق الفلسطينية معركة يومية للبقاء تشغلهم عن المعارك الداخلية في مجالس الادارات. ويعمد موظفون حكوميون ساخطون لم يصرف معظمهم رواتبهم منذ مارس (آذار) الى تخريب أجهزة الصرف الالي وغيرها من الممتلكات المصرفية. ويقول خبراء ان الفوضى تهدد فرص النجاح على المدى الطويل لاحد عشر بنكا فلسطينيا تعمل في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، كما لحقت أضرار كبيرة بنحو عشرة بنوك عربية لها فروع في المناطق الفلسطينية. وقال سمير عبد الله الاقتصادي الفلسطيني المستقل، «ان الطلب على الائتمان محدود بسبب انكماش الاستثمار والشركات تخفض النفقات أو تغلق».

وخوفا من مواجهة عقوبات ودعاوى قضائية أميركية ترفض البنوك التعامل مع حكومة حركة المقاومة الاسلامية «حماس» منذ تولت السلطة في مارس.

وتصنف الولايات المتحدة حماس كمنظمة ارهابية وقطعت الى جانب الاتحاد الاوروبي المساعدات عن السلطة الفلسطينية بسبب رفض الحركة الاعتراف باسرائيل.

وفي غضون ذلك أفضى تشديد شروط الائتمان للموظفين الحكوميين الذين لم يصرفوا رواتبهم بالكامل منذ قرابة سبعة أشهر وانكماش حاد في النمو الاقتصادي هذا العام الى انحسار أنشطة مصرفية أخرى.

وقدر البنك الدولي تراجع نصيب الفرد من النمو في المناطق الفلسطينية بنسبة 27 في المائة في 2006 بسبب حظر المساعدات والقيود الاسرائيلية على تحرك الافراد والسلع.

وقال مصرفي كبير بمدينة جنين في الضفة الغربية، «نجاهد لاستعادة أموالنا من أصحاب القروض، شاغلنا الاكبر هو استعادة الديون المستحقة لنا لا منح قروض»، ورغم الازمة تقول سلطة النقد الفلسطينية وهي بمنزلة بنك مركزي ان الوضع المالي للبنوك قوي نسبيا.

وتظهر أرقام السلطة أن اجمالي الودائع النقدية بلغ 4.1 مليار دولار في أغسطس (آب) مقارنة مع 4.2 مليار دولار في ديسمبر (كانون الاول) الماضي قبل فوز حماس بالانتخابات. ويقول مسؤولون مصرفيون انه في حين سحب الكثير من العملاء لاسيما الموظفين الحكوميين مدخراتهم فقد زادت تحويلات الفلسطينيين من الخارج. ويقول المسؤولون انهم يشجعون البنوك على زيادة رأسمالها لمواجهة صدمات أخرى، وأضافوا أن اجمالي رؤوس أموال البنوك نما الى 424 مليون دولار في الاشهر الثمانية عشر الماضية من 316 مليونا.

لكن خبراء اقتصاديين حذروا من حاجة البنوك الى زيادة محافظ قروضها وتحقيق عمولات من تحويلات. ولا تتوافر الكثير من السبل البديلة لجني المال، وقالت سلطة النقد ان البنوك استثمرت مثلا 100 ألف دولار فقط في سوق الاسهم الفلسطينية الناشئة.

وقال الاقتصادي ناصر عبد الكريم، «البنوك لن تواجه أزمة مالية خانقة ولن تفلس، ما نشهده هو ركود في النشاط المصرفي».

ونما عدد البنوك العاملة في المناطق الفلسطينية منذ توقيع اتفاقيات اوسلو للسلام مع اسرائيل عام 1993 وسط توقعات بتدفق الاستثمارات. ومن قبل كانت البنوك الاسرائيلية تعمل في الاراضي المحتلة. لكن امال بناء اقتصاد راسخ تبخرت مع انهيار محادثات سلام الوضع النهائي عام 2000 وتجدد الانتفاضة الفلسطينية ثم تولي حركة حماس الحكم.

وقطعت البنوك على الفور الروابط مع الحكومة الجديدة، كما امتنعت عن تحويل المنح العربية والاسلامية الى السلطة الفلسطينية التي تمر بضائقة مالية لتفادي عقوبات أميركية.

وقال مسؤول بارز بأحد البنوك المحلية «ان هذه القيود تكبدنا خسائر لكنها أفضل من المخاطرة بكل أعمالنا، انها أهون الشرين». ولم تبال البنوك باسترداد 750 مليون دولار من الديون المستحقة على موظفي السلطة وحكومات سابقة رغم أن عدة بنوك توقفت عن منح قروض جديدة للموظفين.

وبين 165 ألف موظف حكومي هناك نحو 55 ألفا لديهم قروض مصرفية. واذا مرت 12 شهرا من دون استرداد الديون المستحقة يتعين على البنوك اعلانها حسابات مشكوكا في تحصيلها وتجنيب مخصصات لحماية الودائع. وقال مسؤول رفيع في سلطة النقد الفلسطينية «البنوك لا يمكنها تحمل هذا الوضع الى ما لا نهاية». وقالت سلطة النقد ان القوات الاسرائيلية داهمت البنوك ثلاث مرات منذ انطلاق الانتفاضة قبل ست سنوات وأخذت ملايين الدولارات من حسابات تشك في صلتها بمجموعات مسلحة.

وفي الاونة الاخيرة عمد موظفون حكوميون محبطون الى تخريب بنوك في الضفة الغربية وغزة يتهمونها بخصم نسبة من الديون المستحقة آليا عند صرف جانب من المرتبات.

وشنت الهجمات التي دمرت أجهزة كومبيوتر وأثاثا وأجهزة صرف آلي بعدما اتهمت أربع مجموعات مسلحة البنوك في يونيو (حزيران) «بتجويع» الشعب الفلسطيني. وقال عبد الكريم «هذا ليس مناخا وديا للبنوك، لكن الانسحاب من السوق سيكون مكلفا وهم لا يرونه خيارا مطروحا».

وقالت سلطة النقد انه في لفتة ايجابية نادرة علقت بنوك اسرائيلية حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) على الاقل خططا لالغاء الخدمات المصرفية التي تقدمها للبنوك الفلسطينية. وتخشى البنوك الاسرائيلية أيضا من انتهاك قواعد مكافحة الارهاب وغسل الاموال الاميركية.

ولمح مسؤولون الى استعداد البنوك الاسرائيلية لتمديد المهلة، وتتولى بنوك اسرائيلية تنفيذ تحويلات البنوك الفلسطينية بالشيقل.