رئيس البرلمان العراقي: الجهاز التنفيذي أخفق وبامتياز.. وجندي أميركي مع كلبه قادر على منع جلسة برلمانية

محمود المشهداني لـ«الشرق الأوسط»: لم نصل إلى حد التماسك بالأيادي ولا استخدام السلاح داخل البرلمان

TT

أكد الدكتور محمود المشهداني رئيس مجلس النواب (البرلمان) العراقي، ان «السنة في العراق ليس لديهم الحق الكافي في الجهاز التنفيذي، وينتابنا شعور بأن الحكومة الحالية هي ليست حكومة وحدة وطنية بالشكل الذي كنا نرجوه»، مشيرا الى ان «الجهاز التنفيذي اخفق وبامتياز في اعطاء الاحساس للمواطن العراقي بالامان».

وقال المشهداني انه «لولا البرلمان لكنا شاهدنا الكوارث في الشوارع، فقد حافظنا على تماسك الجهاز التنفيذي، والا فكيف لنا ان نتصور حكومة تداهم مكاتب وزارة الصحة او مكاتب رئيس مجلس النواب او مكاتب حزب الدعوة، الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء، حكومة تقوم بكل هذه الاعمال وما يزال الوضع السياسي متماسك بسبب ان البرلمان قوي ومتماسك».

جاء ذلك في حديث خص به رئيس مجلس النواب العراقي «الشرق الاوسط»، خلال زيارته القصيرة الى لندن أمس، التي التقى خلالها رئيس الحكومة البريطانية توني بلير وعددا من الشخصيات السياسية والبرلمانية البريطانية، حيث وصف الزيارة بانها «زيارة علاقات بروتوكولية اكثر مما هي زيارة عمل، لتبادل الاراء والتشاور في ما يهم البلدين من قضايا»، مشيرا الى انه «لم يكن هناك برنامج معين، فقد تم تقديم شروحات وجوانب عملية وتبادل الخبرات».

واعترف المشهداني، الذي عرف بصراحته في طرح القضايا العراقية، بان «السنة في العراق، اذا صح التعبير، هم شركاء في العملية السياسية، ولكن ليس لديهم الحق الكافي في الاجهزة التنفيذية، لكن لديهم فاعلية وتأثيرا في الجهاز التشريعي»، مشيرا الى ان «المشروع السياسي عندما وضعناه كان مشروعا سياسيا متكاملا، وتمت الموافقة عليه من جميع الاطراف، حتى التي لم تشترك في الحكومة، لهذا اشتركنا في العملية السياسية، على أمل ان يكون هناك تأثير مهم على مستوى وزارة الدفاع ونائب رئيس الوزراء، الذي يمثلنا في اللجنة الوزارية الامنية، لكن يبدو ان هذين المنصبين لم يحظيا باهتمام العرب السنة، باعتبار انهما (المنصبين) همشا الى حد كبير ولم يوفقا في اعطاء السنة الامان او الشعور الكافي بانهما اصحاب قرار».

وحول وصف الحكومة بأنها حكومة وحدة وطنية، قال المشهداني «حكومة وحدة وطنية ام لا هذه مصطلحات فضفاضة، احيانا تعني ولا تعني، لكن الان ينتابنا شعور بأنها ليست حكومة وحدة وطنية بالشكل الذي كنا نرجوه، ولكن عمليا ان كل الاطراف التي شاركت فيها ما تزال موجودة فيها».

وجدد رئيس مجلس النواب الذي ينتمي الى كتلة جبهة التوافق العراقية، التي يترأسها عدنان الدليمي، «التهديدات بالانسحاب اذا رأينا ان وجودنا في الجهاز التنفيذي غير فاعل، فلماذا نبقى ننسحب الى الجهاز التشريعي».

وشرح المشهداني آلية اتخاذ القرار تحت قبة البرلمان، قائلا «ان رؤساء الكتل هم رؤساء كتل في كل البلدان، لديهم رأيهم، يبقى ان القرار كيف يتخذ داخل الكتلة فهذا الموضوع يختلف من كتلة الى اخرى، نحن مثلا في جبهة التوافق لدينا مجلس شورى من 44 عضوا، يقر الاستراتيجية والمواقف بالكامل، ويعلن رئيس الكتلة او الناطق باسمها هذه المواقف، المهم ليس هناك شخص واحد يتخذ القرار، وكذلك كتلة الائتلاف العراقي الموحد، التي تتكون من سبعة تنظيمات، والحال نفسه مع الاخوة الاكراد، حيث تتفق الاحزاب المشاركة، خاصة جماعة بارزاني (الاتحاد الوطني الكردستاني) وجماعة طالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني)، رئيس الكتلة يختزل الموقف المطلوب من كتلته، ولكن ليس هو الذي يقرر او يبرمج. لكل كتلة مطبخ سياسي في البرلمان».

ونفى المشهداني ان يكون هناك «صراع بالمعنى المعروف بين الحكومة والبرلمان، لان الحكومة هي من البرلمان واعضاءها هم اعضاء فيه، معظمهم، والبرلمان اعطى ثقته بالحكومة. اما على مستوى الاداء فهذا ينجح وذاك يفشل، واحيانا اذا حضر وزير الى البرلمان لا يشعر بانه تحت طائلة الحساب، بل يشعر انه بين الكتلة التي ينتمي اليها وهذه انتهاكات بسيطة».

واستطرد قائلا، ان «الانتهاكات اليومية للقانون وحقوق الانسان والاغتصابات والقتل والتهجير، جزء من الاخفاق في ان نعطي الصورة المثالية، التي ينبغي ان نعكسها لمن انتخبنا، سواء على مستوى الجهاز التنفيذي او الجهاز التشريعي».

ويعتقد رئيس مجلس النواب ان «الجهاز التشريعي اقل اخفاقا من الجهاز التنفيذي، الذي اخفق وبامتياز في اعطاء الاحساس للمواطن العراقي بالامان، وهذه الاخفاقات، وحتى تكون الاسباب موضوعية، اكثر منها ذاتية، جاءت بسبب الوضع الامني السيئ ونقص السيادة ووجود القوات الاجنبية وبسبب الاختراق الامني الموجود وبسبب اجندات دول الجوار.. وهكذا لو كانت الظروف غير ما هي عليه، ربما كان اداء الجهاز التنفيذي افضل مما هو عليه الان».

وأقر المشهداني بان «هناك جلسات تتعطل بسبب خلل امني، حيث يصادف وجود سيارة مفخخة، فتقطع الطريق وتمنع وصول اعضاء المجلس، مما يسبب اضطرابا في عملنا، وكذلك في عمل اللجان البرلمانية، التي هي اصل العمل البرلماني، البرلمان لا يعمل تحت القبة بل يعمل في لجانه، وكل لجنة لديها عملها الدائم في متابعة الجهاز التنفيذي والمشاريع ودراسة المقترحات والقوانين، وفي احيان كثيرة نفس اللجنة لا تستطيع الوصول الى الجهاز الذي هي مسؤولة عنه، او لا تجد الخبير المناسب الذي يعطيها الرأي في القضية المطروحة للنقاش او الدراسة».

واضاف قائلا ان «الاضطراب الامني الذي حصل، منع غالبية من الاعضاء من حضور الجلسات او لانشغال الاعضاء في العمل في اللجان داخل العراق او خارجه، مثلا متابعة مشروع قانون النفط وهو قانون مهم جدا، حيث يمس السيادة ومصالحنا ومستقبل اجيالنا، وليس من المعقول ان يقدم هذا القانون بسهولة، بل يجب حضور ندوات داخل وخارج العراق لانضاج الافكار ونضطر الى ارسال العضو الى اوروبا او الامم المتحدة ويصادف احيانا ان تخرج سبع لجان برلمانية للعمل، السبب الثاني هو آلية الوصول الى قاعة البرلمان من المنطقة الحمراء الى المنطقة الخضراء، احيانا يقف جندي اميركي مع كلبه ويصر على تأخير الناس بالدخول الى المنطقة الخضراء وتصير مشكلة فيشعر النائب بانتقاص سيادته ويشتم الوضع الذي هو فيه ويعود الى بيته ويحدث نقص في النصاب، ولا تعقد جلسة برلمانية، نحن لا نعلن ذلك. وهناك تسيب من قبل بعض النواب الذين لا يشعرون بانتمائهم الى البرلمان او الى النظام السياسي، فيغادر غاضبا ولا يعود وليس لدينا آلية لمحاسبته كونه منتخبا من قبل الشعب ولديه حصانه».

واشار المشهداني الى ان «هناك اعضاء يوجدون في دول الجوار اكثر من وجودهم في العراق، لانهم يشعرون هناك بالامان، ونحن لدينا 3 اجتماعات في الاسبوع وما تبقى من الوقت له الحق في ان يلتقي بناخبيه او يلتحق بعائلته خارج العراق، خاصة ان رواتب اعضاء المجلس جيدة وتمكنهم من السكن خارج العراق بسهولة وعضو البرلمان لا يستطيع ان يعمل في ظروف قلقة، وغالبية منهم عوائلهم خارج العراق او في كردستان».

وذكر المشهداني ان «اهم ما انجزه البرلمان حتى الان، هو اثبات ان هناك برلمانا واعطاء شعور لدول الجوار وللعالم انه من الممكن انجاح العملية الديمقراطية، في ظل ظروف صعبة جدا، هذا برلمان غير تقليدي، لان الظروف التي يعيشها والواجبات التي يؤديها هي غير تقليدية».

وقال «نحن استلمنا برلمانا (على الحديد) من اللاشيء، واليوم البرلمان العراقي متميز بالقضايا الساخنة، من دون ان يتشظى ولو ان الظروف التي نعيشها سائدة في بريطانيا او اميركا لما تبقى أي جهاز تنفيذي او تشريعي، لذلك حاولنا ان نتماسك تحت قبة البرلمان، لكي نعطي شعورا للمواطن بالتماسك والتصدي لعمليات التهجير والقتل والحرب الطائفية».

وتحدث رئيس مجلس النواب عن الاحتراب الطائفي قائلا: «نحن لا نقول الان خرجنا من الاحتراب والاحتقان الطائفي ولكن كان للبرلمان دوره في التقليل من هذا الاحتقان، ولولا البرلمان لكنا شاهدنا الكوارث في الشوارع وحافظنا على تماسك الجهاز التنفيذي ايضا، والا فكيف لنا ان نتصور حكومة تداهم مكاتب وزارة الصحة او مكاتب رئيس مجلس النواب او مكاتب حزب الدعوة، الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء، حكومة تقوم بكل هذه الاعمال وما يزال الوضع السياسي متماسكا بسبب ان البرلمان قوي ومتماسك».

وقال «انظر الى برلمان كوريا الجنوبية، الذي تقاتل اعضاؤه مؤخرا بالكراسي، نحن حتى اليوم لم نصل الى حد التماسك بالايادي مع اننا نعيش المأساة يوميا، على مستوى الافراد وعلى مستوى عوائلنا وناخبينا. خذ مثلا عندما يتم تهجير عوائل من الحرية (حي في شمال بغداد) وانا من هذا الحي ومنتخب من قبل الناس هناك، وانا رئيس البرلمان فلا بد ان انفعل ولا بد ان افعل شيئا، ورغم ذلك لم نصل الى حد استخدام السلاح داخل البرلمان، والحمد لله، اننا لم نسمح بدخول السلاح الى داخل البرلمان. اذن البرلمان العراقي الوليد المحتقن الذي يتميز بظهور الفئات العرقية والطائفية ظهورا واضحا ظل متماسكا حتى الان».

وحول قانون النفط، قال رئيس مجلس النواب، «حتى الان لم يرفع قانون النفط من رئاسة الحكومة الى رئاسة البرلمان لمناقشته ولكنه معد ويناقش يوميا وتفصيليا مع كافة الفرقاء وسوف ينضج واذا شعرنا بانه يخدم مستقبلنا واجيالنا سنعمل على دعمه، أما اذا شعرنا بعكس ذلك فنحن لدينا كامل الحرية في شطب وتعديل واضافة وتبديل أي كلمة وجملة، خاصة ان لي في البرلمان اصواتا كافية لاحباط أي مشروع لا يصب في خدمة العراق، لدينا التوافق والقائمة العراقية وجبهة صالح المطلك والتيار الصدري وحزب الفضيلة، وكلهم متفقون على عدم تمرير أي مشروع ينتقص من السيادة الوطنية او من حقوق العراقيين. عندما اجد ان القضية تصب في صالح الشعب العراقي، انا محمود المشهداني، اجد ان لي كامل الحرية في تمرير ما اشاء، من خلال الاعتماد على هذه الكتل التي تعمل ضمن الثوابت الوطنية ومعروفة بمواقفها.

اللجنة الدستورية في طريقها لاستكمال نقاشاتها والانفتاح على كل التجارب الاخرى، وفي الايام القليلة القادمة ستبدأ في اعادة صياغة بعض المفردات».

وعبر المشهداني عن اعتقاده حول قضية الفيدراليات بأنها ستدخل ضمن التوافقات السياسية، هناك قضايا نشعر بانها ضمن الخطوط الحمراء يتم التوافق عليها سياسيا، واعتقد ان الرأي يميل الى فيدرالية المحافظات التي هي عمليا ادارة لامركزية للمحافظات، وهذا حل وسط بمعنى ان كل محافظة ستكون فيدرالية قائمة بنفسها، وان تكون الحكومة المركزية الاتحادية هي الاقوى وستكون مسؤولة عن الثروات الوطنية والسياسة الخارجية وكذلك الامن والدفاع وستكون فيدرالية المحافظات للخدمات وهذا سيسهل علينا اعادة اعمار العراق».