ساركوزي: حكومتي الأولى من 15 وزيرا ومن لا يقوم بعمله عليه الرحيل

بات قاب قوسين أو أدنى من قصر الرئاسة الفرنسية

TT

يشحذ المرشحان اليميني نيكولا ساركوزي واليسارية سيغولين رويال حججهما، وخططهما تهيؤا للمناظرة التلفزيونية التي ستجري مساء الأربعاء، فيما يقترب ساركوزي أكثر فأكثر من قصر الأليزيه. ويبدو أن وزير الداخلية السابق بات قاب قوسين أو أدنى من الرئاسة، وإذا نجح في تحاشي الكبوات في الأيام الستة المتبقية قبل الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، فإنه سيتربع على الأرجح على المقعد الذي شغله الرئيس شيراك طيلة 12 عاما، والذي سيتركه ليل 16 ـ 17 مايو (ايار) المقبل. وبسبب هذا المعطى، فإن المرشحة الاشتراكية تربط حظوظها الإنتخابية بقدرتها على اجتذاب ناخبي الوسط الـ6.8 مليون، الذين اقترعوا لصالح فرنسوا بايرو. ولأنها تعرف أن فرصتها الوحيدة مرهونة بمدى قدرتها على إظهار التقارب بينها وبين بايرو، وقدرتها على العمل معه، فقد ذهلت رويال الى عدم استبعاد تعيينه رئيسا للحكومة في حال فازت في الدورة الثانية.

وقالت رويال في حديث أمس الى القناة الفرنسية المشفرة «كنال بلوس»، إنها «لا تستبعد شيئا في ما خص تعيين رئيس للحكومة» في إشارة الى بايرو مضيفة أنها مستعدة لـ«إكمال ميثاقها الرئاسي» أي برنامجها الانتخابي الذي كان في أساس النقاش المتلفز بينها وبين بيرو قبل يومين. وتظهر استطلاعات الرأي أن الاستراتيجية السياسية التي تتبعها بدأت تعطي أعظم النتائج، إذ أن 40 في المائة من ناخبي مرشح الوسط أعلنوا عزمهم على الاقتراح لصالح المرشحة الاشتراكية (بزيادة 5 نقاط) فيما اعلن 30 في المائة منهم أنهم سينتخبون لصالح ساركوزي (بزيادة نقطة واحدة). ويدور التجاذب على المترددين الذين لم يحسموا أمر اختيارهم الأحد القادم.

غير أن التقدم الذي أحرزته رويال حتى الآن، ليس كافيا لتمكينها من التعادل مع ساركوزي، أو التفوق عليه. فقد أظهر آخر استطلاع للرأي أجرته «مؤسسة إيبسوس دل»، ونشرت نتائجه أمس، أن ساركوزي سيفوز بالرئاسة بنسبة 52.5 في المائة، فيما ستحصل رويال على 47.5 في المائة من الأصوات. في الوقت عينه، تتناقص نسبة الناخبين المترددين التي تراجعت الى 15 في المائة. وكما تنتقص هذه النسبة كلما تضاءلت حظوظ المرشحة الاشتراكية بالخورج فائزة من هذه المنافسة، حيث يبدو أن ميزان القوى العام في فرنسا يميل الى صالح اليمين. وبعد الانتقادات المكشوفة والمبطنة التي وجهت اليها والتي تتهمها بتناسي معسكرها في سعيها الى إغواء ناخبي الوسط، ردت رويال أمس بتأكيد أنها «لن تنسى» أو تتناسى اليسار، ولا الافكار والقيم التي يدافع عنها. وكان مرشحو اليسار المتطرف ومرشحة الخضر، قد دعوا الى الانتخاب لصالح رويال.

وبالمقابل، كان يوم أمس حافلا لساركوزي، الذي أقام عصرا مهرجانا انتخابيا في قاعة بيرسي الرياضية، بحضور ما يزيد على 17 ألف شخص، غالبيتهم من الشباب المنتسبين للاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني الذي يرأسه. وفي مقابلة مع قناة «كنال بلوس» أمس، سعى ساركوزي الى سحب البساط من تحت رجلي رويال بتأكيد استعداده لممارسة السلطة مع ممثلين عن الوسط واليسار. وقال المرشح اليمني إن «الكفاءات ليست كلها في حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية وحده بل هناك كفاءات في الوسط ولدي اليسار وثمة مكان لهذه الكفاءات في الحكومة». وبموازاة خفف ساركوزي من حدة اختلافه مع بايرو الذي وصفه بأنه «صديق» وأنه «ليس حاقدا عليه» بسبب الانتقادات التي وجهها اليه واتهامه بالتدخل والسيطرة على الوسائل الإعلامية. وفي رسالة موجهة الى ناخبي بايرو، قال ساركوزي إن الأخير «لا يستطيع التحالف مع اليسار أو مع اليسار المتطرف». وأمس أعلن النائب هيرفيه موران وهو أحد المقربين جدا من بايرو التحاقه بـساركوزي، والتصويت لصالحه في الدورة الثانية. غير أن أهم ما قاله ساركوزي أمس هو طرح متكامل ودقيق لطريقة ممارسته لوظيفة رئيس الجمهورية وتصوره للحكومة التي سيشكلها ولطبيعة عملها وشخصية رئيسها. ووعد ساركوزي الفرنسيين بتنفيذ الوعود التي طرحها خلال الحملة الإنتخابية، وبمحاسبة نفسه أمام الفرنسيين وبالتزام الشفافية وبـ«الوصول الى نتائج». وطمأن مواطنيه بتأكيد أنه «سيختار أفضل رئيس حكومة وأفضل فريق (حاكم) لفرنسا». ونبه وزراءه سلفا بتحذيرهم من أن من يتقاعس عن القيام بعمله سيصرف، واعدا بتشكيل حكومة من 15 وزيرا وبالتساوي (بين الرجال والنساء). وقال ساركوزي: «سيكون كل وزير مسؤولا تماما عن مهمته وستتم محاسبته نهاية العام وسأقوم باستخلاص العبر بخصوص الذين (يتبين) انهم اخفقوا في عملهم، «مشيرا بذلك الى ضرورة استقالتهم من وظائفهم. وحتى الآن ثمة اسمان يتنافسان لترؤس حكومة ساركوزي الأولى، ففي حال فاز بالرئاسة، وهما الوزير السابق فرنسوا فيون، وهو أحد مديري حملته الانتخابية، ومن الأوائل الذين التحقوا به وجان لوي بورلوو، وزير الشؤون الاجتماعية والمعروف بميوله الإٌصلاحية. ويرأس بورلو حزبا صغيرا ينتمي الى تيار الوسط، ولكنه التحق بساركوزي قبل ما يزيد على الشهر. وسأل ساركوزي عما سيفعله في حال خسر الإنتخابات فأجاب أنه «سيرتاح» و«سيفكر» في إشارة الى ليونيل جوسبان المرشح الاشتراكي، الذي أخرج بعد الدورة الأولى من السباق الرئاسي عام 2002. وسارع جوسبان وقتها الى إعلان «انسحابه» من الحياة السياسية. وقال ساركوزي: «يتعين الامتناع عن اتخاذ قرار تحت تأثير الانفعالات».