على مدى زمن طويل، عتقت رائحة القهوة الشهية معظم الإنتاج الأدبي، وحفرت في الذاكرة مكانتها عند كثير من القراء والكتّاب. الرواية تعد الشكل الأدبي الأكثر ارتباطا بالمقهى؛ كونها تستقي شخوصها من مرتاديه، كما هو الحال مع شخصيات نجيب محفوظ. ويعتبر توجه بعض المكتبات؛ لتخصيص ركنا من مساحتها للمقهى؛ محاولة لإعادة أو إيجاد دور ثقافي للمقهى كما هو الحال في مكتبة جرير بشارع صاري شمال جدة. التي خصصت ركنا خاصا لمقهى STARBUCKS.
الجو العام للمقهى، والذي يتطلب تصميمه الداخلي، وجود بعض الكتب الخفيفة وروايات الجيب، بجانب الرفوف الخاصة بالصحف والمجلات أرجعه هاني عبيد مدير المنطقة الغربية للمقهى، إلى «توجه المقهى للتواجد بأماكن تحظى بإقبال كبير من الناس». وأوضح عبيد أن إدارة المقهى تسعى لإعادة الدور الثقافي للمقهى من خلال توفير بعض الصحف المحلية التي يتم الاعتماد عليها بشكل أكبر مقابل بحث المجلات عن مكان لها في رفوف المقهى. وتأتي الصحف الناطقة بلغات اجنبية على رأس القائمة مثل «عرب نيوز»، كونها الأكثر تداولا بين رواد الصباح في المقهى، الى جانب صحيفة «الشرق الأوسط».
وفيما تجذب الروايات الأجنبية والعربية رواد فرع المقهى في مركز ايس لاند. ويبدو أن نسبة الصحف تتفاوت بين فرع وآخر، ما علله عبيد بكثافة الرواد بين مقهى وآخر. وفي الوقت الذي ارتبطت فيه عادة شرب القهوة بفعل الكتابة، عمل ذلك على ترسيخ حميمية العلاقة بين رائحتها الذكية ورائحة حبر القلم عند كتّاب وصحافيين، مارست فيها القهوة تأثيراً على الإنتاج الأدبي والصحافي، لا يقل عن الدور الذي لعبه المقهى في حياتهم، وصفه محمد العصيمي رئيس تحرير مجلة «القافلة» الشهرية بالتنويري خاصة تلك التي اكتسبت شهرتها من شهرة مرتاديها في مصر وبيروت بالخصوص؛ كونها اجتذبت كتّابا وشعراء وهو ما الصق بها صفة التنويرية.
ارتباط المقهى بالناس جعله جزءاً اساسيا، من ممارساتهم اليومية، الأمر الذي عمل على انتشارها في غضون السنوات الأخيرة؛ بشكل سافر غلّب عليها صفة المقاهي التجارية، وهو الإنطباع الأول الذي يأخذه مرتادوها كما ذكر العصيمي، يأتي ذلك في وقتٍ كانت تجتذب بعض مقاهي كورنيش جدة اليها الكتّاب والشعراء، عندما كانت تتمتع بشهرة بعض مقاهي العالم العربي؛ الا أن انتشار المقهى التجاري ساهم في نزع الصفة التنويرية عنها، لتكتفي بصفة الملتقى وهو ما علق عليه العصيمي «أصبحت هذه المقاهي فقط لاجتماع الأصدقاء القدامى».