على غرار برامج تلفزيون الواقع الشهيرة، ومسابقات حقق حلمك واربح (ما شئت)، قامت إدارة رواد الأعمال التابعة للغرفة التجارية بجدة مؤخراً بتطوير برنامجها الـ 11 الخاص بتأهيل وتدريب صغار المستثمرين للخوض في مشاريع تجارية ناجحة لأول مرة ومساعدتهم في الحصول على التمويل الملائم لها، ليكون مصنعاً متجدداً لضخ المزيد من الدماء الشابة في مجتمع المال والأعمال بمدينة جدة.
اللافت في الأمر أن البرنامج الذي يستهدف بشكل أساسي شريحة الشبان والفتيات في سن العمل، يرفع شعارات مختلفة وجاذبة تحاول الاستحواذ على انتباههم للانخراط في برنامجها التدريبي بدلا من السفر وقضاء الصيف في أنشطة ترفيهية فقط، ومن هذه الشعارات «بدلاً من أن تضيع وقتك في البحث عن وظيفة، لماذا لا تنشئ عملك الخاص وتكون سيد نفسك»، وهو الأمر الذي وسع القاعدة الجماهيرية للبرنامج وجعله مقصداً للباحثين عن فرص وظيفية والراغبين بالاستثمار، والخريجين الجدد، والمتقاعدين وربات البيوت وفئات أخرى كثيرة غيرهم.
وعلى الرغم من التساؤل الذي يثيره البرنامج الطموح، حول إمكانية اتساع القطاعات التجارية والصناعية بمدينة واحدة هي مدينة جدة التي تحتضن البرنامج لكل المستثمرين الجدد الذين يعد البرنامج بتأهيلهم للبدء بأعمالهم الخاصة، إلا أن بندر نتو مدير إدارة رواد الأعمال، والمستشار المعتمد من قبل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (نيدو)، يؤكد بأن تجربة أكثر من 270 متخرجا ومتخرجة من البرنامج التأهيلي، خلال فترة 3 أعوام، وأكثر من 150 مشروعا تجاريا ناجحا احتل موقعه على خارطة الأعمال التجارية التنافسية في مدينة جدة دليل منطقي على إمكانية وجدوى الأمر.
ويضيف «إصرار الغرفة وإدارتها على دعم مثل هذه البرامج يعود إلى قناعتها بأن عدد الوظائف الموجودة للسعوديين هو عدد بسيط، وهي لا تستوعب كافة الخريجين والباحثين عن فرص وظيفية، إضافة إلى أن متوسط الوقت الذي يستغرقه الطلبة حديثو التخرج في إيجاد وظيفة مناسبة لمؤهلاتهم التعليمية بحسب دراسات معمقة هو عامان إلى عامين ونصف العام، وهو ما يجعل طاقاتهم معطلة في هذه الفترة في حين أن التوجه إلى العمل الحر هو خيار مناسب جداً وممتاز وليس صعباً بالصورة التي يبدو عليها خاصة في ظل وجود مظلة داعمة وجهات ترعى المشروعات الصغيرة».
ويلفت نتو إلى أنه من خلال تجربته الشخصية اكتشف بأن الغالبية العظمى من الخريجين يعتبرون الوظيفة سواء في القطاع الخاص أو الحكومي هي الهدف الأوحد، والباب الوحيد لكسب الرزق والخوض في سوق العمل، وهو ما يجعله يبذل بعض الجهد في اللقاءات الأولى لإعادة برمجتهم الذهنية وإيضاح الطرق والبدائل الأخرى.
وتقوم الإدارة بحسب نتو بخدمة كافة الراغبين في البدء بعمل مشروع تجاري وتقديم كل الدعم والتدريب الذي يحتاجونه من غير المنتسبين للغرفة، ويخضع المتدرب أو المتدربة بعد تعبئته لنموذج طلب الالتحاق بالبرنامج داخل إدارة رواد الأعمال بالغرفة لدورة تدريبية خاصة تستغرق فترة أسبوعين لإكسابه كافة المهارات التي يحتاج إليها عن طريق برامج التدريب المختلفة والمصممة بشكل يناسب كل مستثمر بحسب احتياجاته. ويقوم بتقديم البرامج التدريبية فريق متخصص من الاستشاريين والمدربين المحترفين في مجالات العمل والإدارة والتسويق، وتركز بشكل خاص على تطوير مهارات كيفية التفكير بفرص استثمارية واعدة على ضوء معطيات السوق وحاجات المستهلك، إضافة إلى كيفية إعداد دراسات الجدوى الأولية للمشروعات الاستثمارية، وإعداد دراسة الجدوى الاقتصادية، وإعداد خطة عمل تنفيذية، وكيفية الحصول على التمويل، وتأسيس المشروع وتشغيله ومتابعته وتقييمه. بالإضافة إلى توفير كافة المعلومات التي يحتاجها أي مستثمر سواءً بالنسبة للغطاء القانوني، وكيفية عمل الإجراءات الرسمية وكافة الدوائر والقطاعات التي يحتاج المستثمر إلى مراجعتها، إضافة إلى نصائح مجدية حول كيفية الحصول على الدعم المادي واللوجستي، والتمويل، والجهات التي تقدم هذا الدعم، كما تحاول لفت انتباهه إلى الطريقة التي تجعله يكسب مزايا تنافسية وقيم مضافة تدعم مكانته في سوق العمل وتضمن استمراريته.
إلا أن الإدارة تواجه بعض الصعوبات في كيفية التواصل مع المجتمع وتسويق خدماتها بالشكل الملائم، وهي تحاول سد هذه الفجوة عن طريق التواصل أكثر من الفئات المستهدفة والشباب من الجنسين من خلال أماكن تواجدهم المعتادة، في الجامعات والمعاهد، والكليات والمدارس الثانوية، كما تسعى للحصول على أكبر دعم ممكن من قبل شركات القطاع الخاص لتمويل دوراتها التدريبية ومحاضراتها التثقيفية ليتسنى لها إفادة أكبر عدد ممكن من الشبان والشابات.
وفي إطار البرنامج الجديد ستطلق الإدارة خلال فترة الصيف عددا من الفعاليات من ضمنها إقامة معرض لشباب وشابات الأعمال في الخامس عشر من يوليو (تموز) الجاري، إضافة إلى عدد من الندوات والمحاضرات وورش العمل المكثفة، كما تعتزم الإدارة إنشاء دليل يجمع أسماء وتجارب شخصية لأكثر من 500 رائد ورائدة في مجالات استثمارية مختلفة استفادوا من خدمات إدارة رواد الأعمال.