قال فاروق حسني وزير الثقافة، المرشح المصري لمنصب مدير عام منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، إن ترشيحه للمنصب الدولي ليس موجها ضد أفراد أو أي دولة عربية أو أي طرف آخر. وأكد أنه مع مرشح عربي واحد للمنصب الدولي، ونفى وجود أي حساسيات او احتكاك مع عزيزة بناني المرشحة المغربية لنفس المنصب.
وتحدث عن عصبية من الصحافيين المغاربة بسبب ترشيحه، مؤكدا أنه إذا كانت الترشيحات الرسمية للمنصب المقرر الاقتراع عليه عام 2009، لم تبدأ بعد فإنه يعرب عن تقديره واحترامه للمرشحة المغربية ولشعب المغرب. وتطرق الى مقولة ان المغاربة تقدموا بملف ترشيح السيدة عزيزة بناني قبل مصر بخمسة شهور. وقال انه التقي السفير المغربي بالقاهرة قبل مجيئه الى لندن للمشاركة في افتتاح معرض الفرعون توت عنخ آمون، وأكد انه لم يكن يعرف بترشيح الملف المغربي او ان الرئيس المصري كان يعرف بهذا الامر عند طرح اسمه لتولي مدير اليونسكو يوليو (تموز) الماضي. وشكر سلطنة عمان التي ارسلت رسميا خطابا يفيد بأنها تنسحب من اجل المرشح المصري. وقال «من حق المغرب او أي دولة اخرى ان تترشح، إلا انه اشار الى انه مع وجود اكثر من مرشح عربي ستكون الفرصة اكبر لمرشحي اميركا اللاتينية، وبالتالي ستتشتت الاصوات العربية». ودعا الوزير الفنان في لقاء مع «الشرق الاوسط» بمقر اقامته بوسط لندن على هامش افتتاح معرض كنوز الفرعون الذهبي توت عنخ امون في قاعة الالفية التي تعرف الآن بـO2، إلى أهمية الحفاظ على الشكل العام للدول العربية، حتى في حال عدم تمكنها من الاتفاق على مرشح واحد، ليبدو العالم العربي أمام العالم كله في الشكل المتحد اللائق بتراثه وحضارته، دون الحاجة الى تفتيت الاصوات العربية، وتراجع فرصة العرب في الفوز بالمنصب، وقال «يجب ان نتفق على مرشح واحد، وليكن من يكون».
وتمنى حدوث إجماع عربي واختيار مرشح عربي واحد، خاصة أن الاختيار دائما ما يكون وفقا للتوزيع الجغرافي، وأن العالم العربي هو صاحب الدور في هذه المرة لكونه لم يفز بهذا المنصب منذ إنشاء منظمة اليونسكو قبل حوالي 60 عاما. وبالنسبة الى اعتراض اسرائيل على ترشحه لليونسكو بسبب رفضه تطبيع العلاقات الثقافية مع إسرائيل، قال حسني انه قرأ مثل هذه التصريحات في بعض الجرائد، ومفادها ان اسرائيل ستنتقم منه بالوقوف ضده في اروقة الامم المتحدة، الا انه قال «ان اسرائيل ستستفز دولا كثيرة بسبب هذا الامر، لأنها لا تتحكم في العالم»، وقال انه ليس ضد اليهود، «ولكننا ضد موقف اسرائيلي متعنت ضد السلام، وبالتالي فانه يتحدث عن مشكلة قومية». وأعرب عن اعتقاده بأن مدير عام منظمة اليونسكو لن يعادي دولة ما مثل اسرائيل بسبب قومي، وهو في موقف دولي. وقال إنه في حال فوزه بالمنصب الدولي الرفيع فإنه سيمارس عمله انطلاقاً من القواعد الدولية المستقرة، متعهداً لكافة أعضاء اليونسكو بأنه سيؤدي دوره في خدمة الثقافة والعلوم في العالم كله من أجل البشرية، وبكل حيادية وشفافية، وأنه حين يتبوأ منصبه لن يفرق بين دولة وأخرى.
وبالنسبة لمعرض الفرعون الذهبي توت عنخ امون الذي تستضيفه العاصمة البريطانية لندن لمدة ثمانية شهور، قال الوزير حسني انه اضافة من جهة جهود الجذب السياحي التي تبذلها مصر في الخارج، مشيرا الى ان جولة معرض الفرعون الذهبي في الخارج والعمل الثقافي بصفة عامة تساعد ايضا من الجهة السياسية والاقتصادية كأرضية عامة. ونفى وجود اية مخاطر على معرض الفرعون توت عنخ امون بسبب كثرة تنقلاته في الخارج من عاصمة الى اخرى، وقال «يجب ان ننظر الى الامر بصورة اخرى، فآثار توت عنخ امون التي عثر عليها المستكشف البريطاني هوارد كارتر عام 1922 هي نحو خمسة آلاف قطعة، وما تم عرضه في الولايات المتحدة ولندن حاليا هو 140 قطعة، والقانون يمنعنا ان نخرج من مصر القطع المتفردة، ولا يخرج في المعارض الخارجية سوى القطع التي يوجد لها مثيل في المتحف المصري او المتاحف الاخرى، ولا بد ان نفكر في التحرك على الساحة من اجل جمع دخل من اجل العناية بالآثار الاخرى وترميم بقية المعابد والمسلات والمساجد التاريخية والآثار الاخرى التي تعود الى عهود مختلفة». وتحدث عن المتحف المصري الكبير «المقرر افتتاحه عام 2011، على مساحة 117 فدانا، وكذلك متحف الحضارة المقرر افتتاحه عام 2009 بمصر القديمة على بحيرة عين الصيرة، وقد أطلقت مصر حملة لتمويل مشروع المتحف الكبير، الذي تقدر تكلفته بحوالى 550 مليون دولار، وكانت البداية بقرض ياباني تبلغ قيمته 300 مليون دولار، وفي وزارة الثقافة المصرية هناك استراتيجية نعتمدها وهي الاعتماد على انفسنا في تمويل النشطات الاثرية والثقافية، ولا نريد ان نحمل الدولة أي اعباء من جهة ترميم الآثار او النشطات الاخرى». وأعرب الوزير المصري عن اعتقاده بأن الثقافة يجب ان تبني نفسها والآثار ترمم نفسها وتقيم بيتها أي متاحفها، وهناك مخاطر ايضا حتى لو كانت الآثار موجودة داخل المتحف المصري بوسط القاهرة. وقال ان حصيلة جولة معرض الفرعون توت عنخ امون وقدرها نحو 140 مليون دولار ستنفق بالكامل على الآثار. وتحدث عن صناديق الآثار، ومنها صندوق آثار النوبة، وصندوق التنمية الثقافية، وقال: انها موجودة للصرف والإنفاق على الآثار والمكتبات والمتاحف والعمل الثقافي بصفة عامة، ونحن في الوقت الحاضر، نسعى الى تنمية تلك الصناديق، وقال «منذ توليت امر وزارة الثقافة المصرية قبل 20 عاما أدركت ان موارد الثقافة في جميع دول العالم شحيحة، وكان من الضروري تبني استراتيجية اخرى، تهدف الى التصنيع الثقافي، حتى يكون هناك دخل لجهاز الثقافة في مصر من اجل ان يقوم بواجبه على الوجه الاكمل». واعرب عن قناعته بأن المتحف البريطاني سيعير حجر رشيد المفتاح المنقوش عليه نصوص باللغة الهيروغليفية والديموطقية واليونانية، وهو مفتاح حل لغز الكتابة الهيروغليفية في مصر عام 2012، وقال ان جميع الدول المتحضرة ستفعل ذلك، واعتقد ان البريطانيين سيدركون مثل هذا الامر من ناحية السلوك الانساني».
يذكر ان حجر رشيد اكتشفه ضابط فرنسي في 19 يوليو(تموز) عام 1799، واكتشف بمدينة رشيد الواقعة على مصب فرع نهر النيل في البحر المتوسط.
وبالنسبة لمطالبة مصر بآثارها في الخارج، قال فاروق حسني ان الامر هنا يتعلق بأمرين، اولهما معاهدات دولية موقعة، والأمر الآخر يتعلق بالمنطق، الذي يحتم عودة القطع المتفردة الرائعة الى متاحف مصر من الخارج، ولكن هذه الدول وقعت معاهدات عام 1972 مع اليونسكو، تشير الى ان الآثار التي خرجت ما قبل عام 1972، لا حديث فيه، ولكن اي اثر خرج من اي دولة بشكل غير شرعي بعد 1972، يجب عودته الى البلد الاصلي الذي خرج منه الاثر. وأوضح «حتى لو ارجعت لنا المتاحف العالمية كل آثارنا التي في الخارج فسيشكل هذا الامر مأزقا مربكا لمصر، لأنه يوجد لدينا في الخارج آلاف القطع في المتاحف العالمية الكبرى، ويجب علينا ان نفتخر ان آثارنا موجودة ومعروضة بصورة لائقة ومشرفة في كبريات المتاحف العالمية، وهذه القطع الفنية لا يقال عنها آثارا بريطانية او فرنسية او المانية او اميركية بل يقال عنها آثار مصرية». وبالنسبة لمسلسلات شهر رمضان قال انه لم يشاهد ايا منها باستثناء حلقة واحدة من مسلسل الملك فاروق الذي يتناول حياة آخر ملوك مصر فاروق الأول منذ يوم مولده وحتى وفاته، وقال انه لم يكن سعيدا بها، رغم الحشد المالي والتقني لهذا المسلسل «ولكن كمواطن مصري، ومدرك للقيمة الفنية القيمة لهذا العمل، فلم يقنعني المخرج من جهة العمل المتكامل او من جهة الديكور او حتى الملابس او الطربوش الذي لم يخلع او يرتديه الممثلون بصورة صحيحة، ولم يقنعه المخرج انه داخل الحدث، وقال ان والده كان يرتدي الطربوش، ولكن ليس بهذه الصورة». وقال انه شخصيا مع التنافس بين المسلسلات سواء المصرية او السورية، او حتى مع المتاحف التي تقام في الدول العربية او الخليجية، لأن الهدف هو الأطفال والأجيال الجديدة الذين سيشبون على حب وتذوق الفن وتبني سياسة التسامح».