دراسة فرامنغهام الطبية.. نتائج علمية «ذهبية» للبشرية

تواصلت على مدى 60 سنة وكشفت عن عوامل خطورة أمراض القلب

(كي آر تي)
TT

ابتداءً من الأسبوع الحالي، تكون دراسة فرامنغهام قد تجاوزت عمر الستين عاماً في استمرارها بالعطاء للباحثين بالمعلومات الطبية المتعلقة بصحة القلب. وبهذه المناسبة أعلنت هيئة دراسة فرامنغهام أنها بدأت بمرحلة جديدة من العمل البحثي، وذلك للكشف عن دور العوامل الجينية في التمتع بالصحة أو التسبب بالأمراض. وتأتي هذه الخطوة المتقدمة كمرحلة بحثية جديدة في سلسلة البحوث والدراسات التي تضمنها مشروع برنامج دراسة فرامنغهام العملاق والفريد حول أمراض القلب.

وتعتبر دراسة فرامنغهام واحدة من أهم وأقدم الدراسات الطبية على مر التاريخ البشري الحديث. وهي الدراسة التي عرف الناس من نتائجها أن ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول ومرض السكري والتدخين، هي العناصر التي تُصنف طبياً اليوم ضمن ما يُعرف بـ«عوامل خطورة Risk Factors الإصابة بأمراض القلب».

وفي معرض التعليق على الحدث، قال مايك ليفيت، وزير الصحة الأميركي، في مقالة كتبها في «بوسطن غلوب» في عدد 27 نوفمبر الماضي، «لدى الباحثين الطبيين تُوازي سمعة دراسة فرامنغهام، الذهب من عيار 24 قيراطا، والمعلومات المتينة التي قدمتها الدراسة عبر الزمن لا يُمكن تعويضها». في إشارة منه إلى أن مشروع الدراسة ونتائجها أحد الاستثمارات العلمية الطبية التي لا تُقدر بثمن. ووفق ما قاله فإن «دراسة فرامنغهام هي التي قادتنا إلى معرفة عوامل خطورة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومنذ عام 1960 وحتى اليوم تناقصت معدلات الوفاة نتيجة أمراض القلب بمقدار 60%».

إلى هذا، أكدت مجموعة من الباحثين الكنديين أن معرفة الأشخاص البالغين بمدى احتمالات خطورة إصابتهم بأمراض شرايين القلب شيء مفيد بالنسبة لهم، وذلك بخلاف ما يعتقد البعض من أن إخبار المرضى أو الأصحاء بحقيقة ما يشكون منه أو قد يُعانون منه يُؤدي بهم إلى الإحباط النفسي أو غير ذلك من الترّهات. وقالوا ضمن دراستهم المنشورة في عدد 26 نوفمبر من مجلة أرشيفات الطب الباطني الأميركية ان إخبار الأطباء لهؤلاء البالغين يُؤدي إلى استجابة أفضل في اتباعهم للإرشادات الطبية حول وسائل العلاج والوقاية. وهو ما يدعم التوجه الطبي ببذل مزيد من الجهد في مجال التثقيف الطبي والصحي للتوعية المتزنة والواقعية.

ووفق ما تم نشره في عدد نوفمبر من مجلة القلب البريطانية، أعطت مجموعة من الباحثين الإنجليز أحد الأمثلة العملية للعناية بصحة القلب، عبر وضعهم برنامجا للمتابعة في العيادات الأولية العامة يقوم بتنفيذه ممرضون متخصصون في رعاية مرضى شرايين القلب ومرضى فشل القلب. وتوصلوا إلى أن انخراط المرضى في هذا البرنامج، البسيط وغير المكلف، من الاهتمام الطبي، أدى إلى تحسين مستوى رعاية المرضى وتحسين نوعية الحياة التي يعيشونها.

* مشروع عملاق فرامنغهام مدينة صغيرة تبعد حوالي عشرين ميلاً غربي مدينة بوسطن في ولاية ماساتشوتس الأميركية. ويبلغ تعداد سكانها اليوم حوالي 67 ألف نسمة. وهي الميدان الذي تجري على سكانه أقدم دراسة طبية مستمرة إلى يومنا الحالي. ودخلت هذه المدينة وسكانها التاريخ البشري من أوسع أبوابه، ألا وهو باب طب القلب.

والقصة تبدأ في عام 1948، حينما اصيبت الأوساط الطبية في الولايات المتحدة بالهلع نتيجة الارتفاع المستمر وغير المنضبط البتة في انتشار الإصابات بأمراض شرايين القلب. وهو الانتشار الذي لم يسبق له مثيل على مستوى الأمة الأميركية، وعلى غيرها من أمم الأرض. ولم تكن الإحصائيات الطبية البدائية في حقبة ما قبل الحرب العالمية الأولى، المبنية غالباً على الملاحظات الشخصية والخبرات العملية للأطباء، تشير إلى انتشار إصابات الناس بأمراض شرايين القلب التاجية، لدرجة أن بعض الأطباء ذكروا في مقدمة الطبعات الأولى لكتبهم الطبية أنهم من النادر ما كانوا يُعالجون حالات من نوع جلطة القلب في تلك الفترة القديمة. لكن شيئاً ما، أو أشياء عدة، أصابت الناس، ما أدى إلى تسببها بارتفاع الإصابات بأمراض الشرايين القلبية. وما حاول عمله الباحثون من جامعة بوسطن، بدعم من هيئات المؤسسة القومية الحكومية للصحة بالولايات المتحدة، هو معرفة هذه الأسباب التي أدت إلى شيوع الإصابات القلبية.

ومع تبلور التفكير الطبي، ونضجه في مضمار أبحاث الدراسات الطبية، بدأت الهيئات الطبية العلمية في اعتماد نهج علمي أكثر مصداقية وفائدة للأطباء وللناس في معرفتهم بما يُصيب الجسم من علل وأمراض، وفي تقييمهم بواقعية أكبر لنتائج استخدام الوسائل العلاجية لتخفيف معاناة الناس منها وإنقاذ أرواحهم. وهذا النهج هو الذي يُعرف اليوم بالطب المبني على البرهان والدليل.

ولتطبيق هذه المنهجية المتقدمة في معرفة أسباب أمراض شرايين القلب، التي أصبحت بسرعة البرق السبب الأول للوفيات العالمية، توجه الباحثون نحو مجتمع مدني كامل بكل سكانه وظروفهم البيئية والنفسية والصحية والعمرانية والمادية والاقتصادية. والفكرة التي وضعها الباحثون تمثلت في تجميع كل ما يُمكن من معلومات صحية عن مجموعة من الناس في مرحلة الثلاثينات والأربعينات والخمسينات من اعمارهم، على أمل أن يُسهم تجميع المعلومات هذه والمتابعة الزمنية للحالة الصحية لهؤلاء الناس، ولأبنائهم ثم لأحفادهم من بعد، في معرفة العلاقة ما بين عناصر سلوكيات نمط الحياة وبين الحالة الصحية والمرضية للقلب وشرايينه. وبعد وضع الخطط العلمية لكيفية إجراء دراسة المتابعة، وتطبيق كافة المعايير الأخلاقية والقانونية لإجراء مثل هذه الدراسات المباشرة، وبدعم مباشر من الحكومة الفيدرالية، بقي تشكيل أكبر حجم ممكن من شريحة الناس المشمولين بالمتابعة فيها. وتم الإعلان في الصحف آنذاك عن الدراسة وأهدافها وكيفية متابعتها للناس ومتطلبات الدخول فيها، وكذلك المميزات التي سيجنيها الشخص. وكانت المميزات محصورة في تلقي متابعة طبية ومعالجة طوال عمر الدراسة.

* مراحل الدراسة وكانت مدينة فرامنغهام الصغيرة، والبالغ تعداد سكانها عام 1948 حوالي 29 ألف نسمة، والمكونة ديموغرافياً من أعراق مختلفة، للبيض والسود، متفاوتين في مستواهم المادي والتعليمي والصحي، هي البيئة المناسبة للدراسة والبحث.

ووافق حوالي 5200 شخص على الخضوع لفحص طبي كل عامين دقيق، وربما كان مملا للكثيرين، لجوانب الصحة البدنية والعقلية. ومثلت هذه المجموعة المرحلة الأولى من مشروع فرامنغهام للبحث في صحة القلب. واشتملت هذه الشريحة على إناث وذكور تتراوح أعمارهم ما بين 30 و62 سنة، ممن لم تظهر عليهم أي أعراض أو علامات لأحد أمراض القلب، أو أنه سبقت إصابتهم بالجلطة القلبية أو السكتة الدماغية. وخلال الستين سنة الماضية تم الاستمرار في متابعة حالة المشاركين، مرة كل سنتين، بمشاركة الآلاف من العاملين في حقل البحث الطبي. أي من أطباء وممرضين وإداريين واختصاصيين في علم الإحصاء واختصاصيين في غيرها من الأفرع اللازمة لإتمام هذا العمل العلمي الجبار. ويبلغ اليوم تعداد شريحة المشاركين في دراسة فرامنغهام اليوم حوالي 14 ألف شخص. والنمو في هذا العدد حصل نتيجة توسع الدراسة خلال الستين سنة الماضية. وكانت الدراسة قد بدأت في عام 1948، كما تقدم، بحوالي 5200 شخص. وسميت المجموعة الأصلية Original Cohort. وفي عام 1971 تمت إضافة مجموعة أبناء وبنات المجموعة الأصلية Offspring Cohort، أو مجموعة الجيل الثاني. وفي عام 1994 تمت إضافة مجموعة الأزواج والزوجات للمجموعة الأصلية. وأُضيفت مجموعة أحفاد Third Generation Cohort المجموعة الأصلية في عام 2002، أو مجموعة الجيل الثالث. وفي عام 2003 أُضيفت مجموعة الأزواج والزوجات للجيل الثاني. ويأمل الباحثون في أن تُمكن أيضاً إضافة الجيل الرابع للمجموعة الأصلية من الوصول إلى فهم أعمق حول أسباب أمراض شرايين القلب وكيفية الوقاية منها.

ويوم الخميس الماضي بدأت مجموعات المشاركين في الدراسة التوافد للمشاركة في فحوصات وتقييم الدراسة الجديدة للجينات والقلب.

* نتائج مهمة وخلال عشرات السنين من العمل البحثي، الذي يستقصي كل شاردة وواردة في حياة هؤلاء الألوف من الناس، تم التعرف على أن ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول والتدخين والسمنة ومرض السكري وتدني مستوى النشاط الحركي للجسم، هي كلها عوامل رئيسية في ارتفاع خطورة الإصابة بأمراض الشرايين القلبية. ومنها تفرعت معرفتنا بأن ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية وارتفاع نسبة الكوليسترول الخفيف وتدني مستوى الكوليسترول الثقيل ومقدار العمر ونوعية الجنس والعوامل النفسية المختلفة، هي أيضاً عوامل ترفع من مخاطر تلك الأمراض في القلب. ودراسة فرامنغهام ليست مجرد مجموعات من الدراسات الطبية في المتابعة كغيرها من الدراسات الأخرى في ميادين الطب المختلفة. وأهمية جهد مجموعات الباحثين ضمن مشروع دراسة فرامنغهام، لا تنبع فقط من ذلك الكم الهائل من المعلومات التي أفادت به الوسط الطبي، عبر إصدارها خلال الستين سنة الماضية أكثر من 1200 دراسة طبية تتعلق بجوانب عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب، وتم نشرها في كبرى المجلات الطبية العالمية، بل أصبح من خلال هذا المشروع العلمي مفهوم «عوامل الخطورة» الجزء الأهم في مفهوم الطب الحديث ومنهاج تعلمه وتطبيقه. ذلك أنه من هذا المفهوم تطورت ونمت طريقة التعامل مع الأمراض عبر تطوير وسائل فاعلة للكشف المبكر وللمتابعة الطبية، ضمن ما يُعرف بـ«استراتيجيات الوقاية الأولية والوقاية المتقدمة». ومن ذلك المفهوم أيضاً تطورت وسائل وطرق معالجة الأمراض المختلفة، والأهم متابعة مدى جدواها وفائدتها للمرضى.

ومن خلال مشروع الدراسة، واكبت طموحات الباحثين ما توفر لها من تاريخ عريق في البحث العلمي السليم. ولذا تم تقييم فاعلية وجدوى وأمان وسائل تشخيصية ذات تقنية عالية منذ بدايات دخولها مجال الخدمة في عالم الطب، مثل الأشعة فوق الصوتية لتصوير القلب Echocardiography، ولتصوير شرايين الرقبة السباتية Carotid artery Ultrasound، والتصوير بالرنين المغناطيسي Magnetic Resonance Imaging للقلب والدماغ، والتصوير الطبقي CT scans للقلب والشرايين التاجية، وحتى تقنيات تشخيص الإصابات بهشاشة العظام عبر قياس نسبة كثافة تراكيبه Bone Densitometry.

وتقول هيئة مشروع دراسة فرامنغهام إن فريق باحثي دراسة فرامنغهام، كمجموعة، يتشاركون اليوم في بحوث ودراسات طبية مع مجموعات أخرى من الباحثين في مجالات طبية مختلفة في الولايات المتحدة وخارجها، وذلك لمتابعة حالات أمراض السكتة الدماغية والخرف وهشاشة العظام والتهابات المفاصل والتغذية وأمراض العيون ومرض السكري واضطرابات السمع وأمراض الرئة ونماذج المخططات الجينية للأمراض المختلفة.

* محطات تاريخية في نتائج دراسة فرامنغهام الطبية > التسلسل التاريخي للنتائج التي تم إعلانها، ولأول مرة بأدلة علمية، على الملأ الطبي والعام حول بحوث دراسة فرامنغهام يُشير إلى ما يلي:

· عام 1960: التوصل إلى أن التدخين يرفع من خطورة الإصابة بأمراض القلب.

· عام 1961: ارتفاع نسبة الكوليسترول، ارتفاع مقدار قياس ضغط الدم، وجود تغيرات غير طبيعية في رسم تخطيط كهرباء القلب، كلها عوامل ترفع من خطورة أمراض القلب.

·  عام 1967: الاهتمام برفع مستوى النشاط البدني يُقلل من فرص الإصابة بأمراض القلب، في حين أن السمنة ترفع من ذلك.

·  عام 1970: ارتفاع ضغط الدم يزيد من احتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية.

·  عام 1976: بلوغ سن اليأس للنساء يرفع من خطورة الإصابة بأمراض القلب.

·  عام 1978: العوامل النفسية تُؤثر في الإصابة بأمراض القلب.

·  عام 1988: ارتفاع نسبة الكولسترول الثقيل في الدم عامل يُقلل من احتمالات الوفاة.

·  عام 1994: تضخم البطين الأيمن، أحد أهم حجرات القلب، يرفع من احتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية.

·  عام 1996: وصف كيفية تطور حالة ارتفاع ضغط الدم إلى حالة فشل القلب.

·  عام 1998: تطوير مقياس لوغاريثمي بسيط للتنبؤ بنسبة احتمالات الإصابة بأمراض الشرايين القلبية مستقبلاً للشخص. ويتضمن فئات من عوامل الخطورة، ما يسمح للطبيب تقييم المرضى قبل ظهور أي أعراض مرضية لشرايين القلب عليهم.

·  عام 1999: احتمالات الإصابة في بقية العمر، بعد بلوغ الأربعين، بأمراض شرايين القلب هي واحد بين كل رجلين، وواحدة بين كل ثلاث نساء.

·  عام 2001: ارتفاع ضغط الدم ضمن حدود ما هو طبيعي له عامل يرفع من خطورة الإصابة بأمراض الشرايين، ما يتطلب البحث في جدوى خفضه لتقليل الإصابات بها.

·  عام 2002: احتمالات إصابة الشخص المتوسط في العمر، في مرحلة ما من حياته لاحقاً، بمرض ارتفاع ضغط الدم هي 90%. بغض النظر عن الجنس.

·  عام 2002: السمنة عامل خطورة الإصابة بفشل القلب.

·  عام 2004: نسبة هرمون ألديستيرون في الجسم تُنبئ عن احتمالات إصابة الشخص السليم بمرض ارتفاع ضغط الدم مستقبلاً.

·  عام 2005: احتمالات الإصابة بزيادة الوزن في مرحلة ما من حياة الإنسان هي 70%، وبالسمنة هي 50%.

·  عام 2006: الإعلان عن العزم على التحضير لدراسة علاقة الجينات بأمراض القلب.

* صراحة الطبيب ترفع من اهتمام الإنسان بصحته > أكد الباحثون من كندا أن إخبار الأشخاص البالغين بدرجة احتمالات الخطورة لديهم لإصابتهم بأمراض شرايين القلب يُؤدي إلى استجابة أفضل في اتباعهم للإرشادات الطبية حول وسائل العلاج والوقاية. وفي دراستهم المنشورة في عدد 26 نوفمبر من مجلة أرشيفات الطب الباطني الأميركية، قال الباحثون من جامعة ماك غيل في مونتريال بمقاطعة كيوبك إن هؤلاء البالغين حينما يُجرون مناقشة صريحة مع أطبائهم حول نتائج تقييم حال شرايينهم القلبية وخطورة إصابتها بالأمراض، يُسهل خفض مستويات الكولسترول لديهم إلى معدلات أفضل، مقارنة بنسب الكولسترول لدى الأشخاص الذين لا يتم لهم تقييم حال القلب لديهم. وبالرغم من الاعتقاد الشائع في مجتمعات مختلفة أن صراحة الطبيب مع مريضه وإخباره إياه بحقيقة حاله، خاصة فيما يتعلق بصحة القلب، قد يُثير الفزع لديه ويُقلل بالتالي من اهتمامه باتباع الإرشادات الطبية للعناية بقلبه، إلا أن الدراسات الطبية الجادة حول التعامل المتوازن مع المرضى، دون تهويل ودون تهوين، تقول لنا خلاف ذلك. والملاحظ أنه كلما ارتفع مستوى وعي وثقافة المريض أو الصحيح بحالته الصحية، كلما تحسن ارتفاع مستوى تعاونه مع الطبيب واهتمامه بصحة قلبه. ومن المعلوم أن خفض نسبة الكولسترول الخفيف، الضار، ورفع نسبة الكولسترول الثقيل، الحميد، في الدم يُقلل من فرص الإصابة بالجلطة القلبية ومن الوفيات جراء أمراض شرايين القلب عموماً. ومع ذلك لا تزال مجموعات كبيرة من الناس لا تتبع الإرشادات الطبية الخاصة بتعديل كل من نوعي الكولسترول نحو الأرقام الصحية. وهي الإرشادات التي تتناول توجيه الاهتمام بالتغذية الصحية وبممارسة الرياضة البدنية، وحتى بتناول الأدوية الخافضة للكولسترول الخفيف.

وكانت دراسة حديثة سابقة قد أشارت إلى جانب مهم، وهو أن أكثر من ثلث الناس الذين يتركون تناول أدوية خفض الكولسترول، بعد وصفها لهم من قبل الأطباء، إنما يفعلون ذلك بسبب عدم اقتناعهم بضرورتها لهم. وهو ما دفع الدكتور ستيفن غروفر وزملاءه إلى التساؤل حول نوعية تفاعلهم للحرص على تناول الأدوية واتباع الإرشادات الطبية، فيما لو تم تعريف هؤلاء الناس بحقيقة احتمالات خطورة إصابتهم بأمراض القلب. وللإجابة عن هذا، قام الباحثون بدراسة شملت أكثر من 3 الاف شخص تتم معالجتهم لخفض نسبة الكولسترول لديهم. وتمت مناقشة كل منهم على حدة، حول نتائج تقييم خطورة إصابته بأمراض الشرايين خلال السنوات الثماني المقبلة من أعمارهم. وهو تقييم يعتمد على حساب عناصر تشمل مقدار ضغط الدم ونسبة الكولسترول والتدخين والعمر وعوامل أخرى.

وخلال سنة من المتابعة الدورية، تم إعادة تقييمهم عدة مرات بناءً على نتائج تغير نمط سلوكياتهم اليومية وتناولهم للأدوية ونوعية مكونات غذائهم.

ولاحظ الباحثون أنه كلما تحسن مستوى وعي أولئك المرضى بشؤون القلب والكولسترول، كلما انخفضت نسبة الكولسترول في دمائهم. وقالوا، مع الأخذ بعين الاعتبار ذلك الخوف والشعور بالهم لدى عامة الناس من أمراض القلب، فإن الوقاية، الصحيحة، هي المفتاح.