مصدر سوري لـ «الشرق الأوسط»: باريس اتصلت بنا مجددا .. وسنتجاوز «استياءنا» ونمضي بالجهود المشتركة

مصادر فرنسية: الاتصال هدفه إبلاغ السوريين الرسالة التي أعلنها ساركوزي في القاهرة

TT

قال مصدر في وزارة الخارجية السورية لـ«الشرق الاوسط» أمس ان تصريحات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التي ادلى بها في مصر اول من امس بحق سورية مجحفة، وان دمشق «مستاءة جدا لما تضمنته من ابتعاد عن الحقائق». لكن المصدر قال لـ«الشرق الأوسط» ان سورية ورغم الاستياء قررت بناء على استمرار الجانب الفرنسي في اتصالاته مع سورية في اليوم التالي لتصريح الرئيس ساركوزي أن تتجاوز استياءها من التصريحات وأن تمضي بالجهود المشتركة مع فرنسا في المرحلة الراهنة نظرا للأهمية القصوى للتوصل إلى حل في لبنان.

وكان الرئيس الفرنسي تعهد في مؤتمر صحافي مشترك اول من امس مع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة بعدم اجراء اتصالات اخرى مع دمشق «طالما لم نحصل على اثبات على وجود ارادة سورية لترك لبنان والسماح له بانتخاب رئيس توافقي».

وبعد أقل من 24 ساعة على تهديد الرئيس الفرنسي لسورية بقطع الاتصالات معها لحين انتخاب رئيس توافقي للبنان، أجرى صباح يوم أمس كلود غيان الأمين العام لرئاسة الجمهورية الفرنسية اتصالين مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن اتصالات غيان جاءت «استمرارا للجهود السورية الفرنسية الهادفة إلى إيجاد حل توافقي للأزمة السياسية القائمة في لبنان»، وأنه جرى خلال الاتصالين «البحث في سبل المساعدة الممكن تقديمها للأطراف اللبنانية كي تتمكن من تجاوز الأزمة السياسية القائمة فيما بينها والتوصل إلى حل توافقي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في لبنان». وفي باريس علمت «الشرق الاوسط» من مصادر فرنسية رسمية ان اتصالا واحدا جرى امس بين كلود غيان امين عام الرئاسة الفرنسية وبين وزير الخارجية السوري وليد المعلم.

وقالت المصادر ان الغرض من الاتصال هو ابلاغ المسؤولين السوريين الرسالة نفسها التي عبر عنها الرئيس نيكولا ساركوزي في القاهرة خلال المؤتمر الصحافي اول من امس. وأكدت المصادر ان الاتصال لم يتعد هذا الغرض.

وكان مصدر رسمي سوري صرح لـ«الشرق الأوسط» أن ما ورد في المؤتمر الصحافي للرئيسين الفرنسي والمصري ليس دقيقاً وهو يجافي حقائق الأمور، وسورية ستوضح هذه الأمور في وقت لاحق. وقد دعا الرئيسان الفرنسي والمصري نظيرهما السوري بشار الأسد إلى استخدام نفوذه لإنهاء أزمة الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وهدد ساركوزي بأن بلاده قد تضطر إلى مقاطعة سورية لحين انتخاب رئيس توافقي للبنان.

وقالت مصادر سورية مطلعة إن السوريين أكدوا مراراً على حرصهم على مساهمة فرنسا في إيجاد حل سياسي للانتخابات الرئاسية اللبنانية، وكان آخرها دعوة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي أشاد بالتعاون الفرنسي ـ السوري للوصول إلى توافق في لبنان، وتحميله واشنطن مسؤولية إفشال الجهود الفرنسية ـ السورية المشتركة لحل الأزمة في لبنان، وأن الاتصالات لم تنقطع بين كلود غيان والوزير المعلم. وفي السياق ذاته كشف السيناتور الأميركي آرلن سبكتر خلال زيارته إلى دمشق أول من أمس الى أنه تحدث مع المعلم بشكل «معمق» حول موضوع لبنان وأن الوزير السوري أطلعهم على «نسخة من وثيقة تم التوافق عليها بين الطرفين الفرنسي والسوري للتقدم فيما يخص الانتخابات»، وقالت مصادر سورية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الوثيقة تتعلق بالنقاط التوافقية الثلاث التي جرى عليها الاتفاق بين الفرنسيين والسوريين، وهي انتخاب رئيس توافقي وحكومة وحدة وطنية وتعديل الدستور. فيما ترى الأوساط السياسية السورية أن الاستياء السوري نابع من عدم منطقية الطلب من سورية الضغط على أصدقائها في لبنان (من المعارضة) للقبول بالتنازل عن مطلب يعتبر من وجهة نظر المعارضة مطلبا مشروعا وهو أن تنال حصة في الحكومة تعادل تمثيلها في مجلس النواب، وتظن الأوساط السياسية أن هذه هي النقطة الخلافية الأساسية الآن، ولا يمكن حلها فقط عبر الطلب من سورية ممارسة ضغط على «المعارضة» التي هي بالأساس غير خاضعة لسورية، بل لا بد من تعاون أطراف عربية أخرى ذات نفوذ إقليمي وعربي للضغط على «الأكثرية» للتوصل إلى توافق، كما تؤكد الأوساط على أن تنازل المعارضة عن مطلبها لن يحل الأزمة في لبنان لأنه لا يحقق التوافق بل يدفع الأمور نحو استئثار فريق واحد بالقرار، بينما تم الاتفاق بين السوريين والفرنسيين على الدفع نحو حل توافقي. وكان وزير الاعلام السوري محسن بلال قال اول من امس لـ«الشرق الأوسط» ان دمشق متفقة مع الفرنسيين على سلة متكاملة في ما يتعلق بحل الازمة الرئاسية اللبنانية مؤكدا ان العلاقة مع باريس لم تتوقف، ولكن اذا كان المطلوب هو الضغط على اصدقاء سورية في لبنان فإننا لم نتفق على ذلك.

وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده ساركوزي مع الرئيس مبارك أول أمس بمصر أكد ساركوزي أن: «فرنسا تتحمل مسؤولية حوار مشروط مع سورية، وننتظر الآن من دمشق أفعالاً ملموسة، وليس خطابات، فيجب أن يكون هناك رئيس جمهورية توافقي في لبنان».