التراث السعودي يجعل ساركوزي يغير برنامجه

جولته في مركز الملك عبد العزيز التاريخي كان مقرراً أن تنتهي في ربع ساعة.. وإصراره على البقاء أحدث «ارتباكا» في جدوله

الأمير سلمان بن عبد العزيز يشارك ساركوزي الضحك خلال رقصة العرضة (رويترز)
TT

ساهم انجذاب الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، للتراث السعودي، في إحداث «ارتباك» في مواعيد لقاءاته الرسمية الصباحية في ثاني أيام الزيارة التي قام بها للمملكة العربية السعودية.

فبينما كان مقررا أن تقتصر جولة ساركوزي في مركز الملك عبد العزيز التاريخي، على مدة زمنية لا تتجاوز 15 دقيقة، كانت المفاجأة إصرار الرجل الأول في الإليزيه على تمديد وقت زيارته للمركز لقرابة 40 دقيقة، وهو ما يعني تأخره عن إلقاء الخطاب أمام مجلس الشورى لـ25 دقيقة.

ويبدو أن ابن فرنسا المهووس بالتراث والثقافة، لم يستطع مقاومة أسلوب الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، الذي رافقه خلال جولته في مناخ المركز التاريخي، وهو يشرح له تفاصيل دقيقة في تاريخ الدولة السعودية.

يقول لـ«الشرق الأوسط» برتران بيسانسنو، السفير الفرنسي لدى السعودية، «إن الرئيس ساركوزي استمع باهتمام بالغ إلى شرح الأمير سلمان عن حياة البداوة القديمة، وكيف كان الناس يعيشون في قديم الزمان».

ونقل السفير الفرنسي عن ساركوزي، سعادته بالتعرف على التراث السعودي، عبر زيارته لمركز الملك عبد العزيز التاريخي، وهو ما دعاه لتمديد وقت الزيارة. وقال بيسانسنو «كان من المفترض أن تستمر الجولة لربع ساعة، لكنها امتدت قرابة 40 دقيقة».

ولم تمنع اللقاءات الرسمية المكثفة التي حفل بها الجدول الزمني الرسمي للرئيس ساركوزي خلال هذه الزيارة، من أن يجد فرصة للتعرف على الوجه الآخر للبلاد التي يزورها للمرة الأولى بعد وصوله لقصر الإليزيه. وعلى الرغم من تكثيف النشاط الاقتصادي والسياسي في زيارة الرئيس ساركوزي، إلا أنه لم يشأ أن يفوِّت فرصة التعرف على ماضي الدولة السعودية، عبر بوابة مركز الملك عبد العزيز التاريخي، وهي البوابة التي أنشئت لتختصر على كل من يزور الرياض، الحقبة الزمنية التاريخية للدولة السعودية منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وصولا إلى التاريخ الحديث.

وعلى إيقاع «نحمد الله جت على ما نتمنى.. من ولي العرش جزلى الوهايب»، وهو مطلع العرضة السعودية، حاول الرئيس الفرنسي تقليد رقصة العارضين مع قرع الطبول يرافقه في ذلك الأمير سلمان، في الوقت الذي كان يستمع فيه باهتمام لشرح أمير منطقة الرياض عن العرضة السعودية.

ويحرص المسؤولون السعوديون على أن يكون مركز الملك عبد العزيز التاريخي محطة أساسية في زيارة أيِّ زعيم غربي أو عربي إلى الرياض، كما كان الحال مع العديد من رؤساء الدول الغربية، والذين يأتي على رأسهم الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، وغيرهم.

ووضع المسؤولون عن مركز الملك عبد العزيز التاريخي، أصنافا متعددة من الأطعمة المعروفة في السعودية. وقال السفير الفرنسي إن ساركوزي «حرص على تذوق القليل من كافة الأطباق المشهورة في السعودية أثناء تجواله في المركز وأراد أن يستطعم الأذواق». وأعرب الرئيس الفرنسي خلال زيارته لمركز الملك عبد العزيز، عن إعجابه الكبير، حيث قال السفير بيسانسنو، إن الرئيس أعجب بالمكان، لأنه شعر به.

ومعروف عن الرئيس ساركوزي، عشقه للتراث والثقافة. وهناك تأكيد فرنسي على مشاركة باريس في المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) عام 2009.

ويتكون مركز الملك عبد العزيز التاريخي من متنزه عام ومتحف وطني ومكتبة ودارة تحمل اسم الملك المؤسس، إضافة إلى قصر المربع الذي يعد من أهم عناصر المركز تاريخياً، على اعتبار أن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ أمر قبل قرابة 73 عاما، بإنشاء مجمع يتكون من عدد من القصور السكنية ومبانٍ للخدمات وديوان الملك عبد العزيز ضمن سور محصن بالأبراج، وهو ما عرف بقصر المربع، لينتقل بعدها وأسرته إلى العيش في ذلك المكان، الذي شهد مرحلة مهمة من تاريخ الدولة السعودية، وهو الذي كان محطة لاستضافة عدد من ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية. وقدم الأمير سلمان شرحاً للرئيس الفرنسي والوفد المرافق له، عن المركز وما يضمه من مرافق، وتحدث لهم عن تاريخ المملكة العربية السعودية. وشاهد ساركوزي العرضة السعودية ثم تجول يرافقه الأمير سلمان بن عبد العزيز، داخل قصر المربع التاريخي واطلع على ما يضمه من مقتنيات خاصة بمؤسس المملكة العربية السعودية وموحدها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، قبل أن يسجل كلمة في سجل الزيارات، ويتسلم هدية تذكارية من أمير منطقة الرياض، وهدية مماثلة من نجله الامير سلطان بن سلمان.