المطاعم العراقية في عمان ملتقيات للعوائل ومناجاة الحنين

الأردنيون ينافسون العراقيين في أكل «السمك المسكوف» و«الكباب البغدادي»

احد اشهر المطاعم العراقية في عمان («الشرق الأوسط»)
TT

يعوض العراقيون في العاصمة الاردنية عمان عن حنينهم لبلدهم بطرق عدة لعل الطعام العراقي ابرزها واللقاء في المطاعم العراقية التي انتشرت بشكل لافت في كل ارجاء المدينة بجزئيها الشرقي والغربي الراقي، حيث تقدم الوجبات العراقية على انغام الاغاني البغدادية التي تشكل خلفية المشهد. والمعروف عن افراد العائلة العراقية عدم تناولهم طعام غدائهم، فترة الظهيرة او بعد الظهر، وهي الوجبة الرئيسية يوميا ما لم يجتمع كل افراد العائلة الذين يقيمون في بيت واحد، اما اذا كان الابناء متزوجين فانهم يجتمعون في العطلات الاسبوعية في بيت العائلة الرئيسي لتناول الطعام مع العائلة. في عمان تتكرر هذه الظاهرة ولكن في المطاعم العراقية، حيث تجتمع في احيان كثيرة عدة عوائل حول مائدة كبيرة او عائلة واحدة لتناول الوجبات العراقية المعروفة بتنوعها واحتوائها على اللحوم سواء كانت حمراء او بيضاء. لقد نقل العراقيون، كأي جالية عربية أخرى، تقاليدهم الحياتية الى عمان منذ ان وصلوها باعداد كبيرة في أوائل التسعينات من القرن الماضي، وضمن ما نقلوه هو المطبخ العراقي الذي يختلف كثيرا عن المطبخ الاردني عبر المطاعم العراقية. كان اول محل لتقديم الوجبات العراقية عبارة عن مطعم شعبي صغير للغاية يقع عند احد مداخل جبل القلعة المطل على الساحة الهاشمية وسط البلد حيث يوجد عدد كبير من العمال العراقيين، كان هذا المطعم يقدم طبق وجبة عراقية شعبية هي عبارة عن رز ومرقة فاصولياء مجففة والتي تعرف شعبيا باسم (يابسة). ومن اسم هذه المرقة التي لا يوجد مطعم عراقي في بغداد او خارجها الا ويقدمها، اختار الدكتور علي زيني وهو مصمم مواقع الانترنت عنوانا لموقعه «yabsa.com» الخاص بنشر تعليمات طبخ الوجبات العراقية بما فيها الحلويات. ومع ازدياد اعداد العراقيين بدأت بعض المطاعم العراقية بالظهور في الجانب الغربي او بما يعرف بعمان الغربية الذي يضم الاحياء الراقية من العاصمة الاردنية، فكان اقدم وأشهر هذه المطاعم هو مطعم سومر عند دوار الواحة، والذي اجتذب عددا كبيرا من الزبائن الاردنيين والعراقيين بعد ان اكتسب شهرة واسعة بخصوصية الوجبات العراقية التي يقدمها. كانت المفاجأة بالنسبة لهذه المطاعم هي تزايد الزبائن الاردنيين حتى ان عددا غير العراقيين الذين صاروا يرتادون المطاعم العراقية في عمان ينافس عدد العراقيين انفسهم مما شجع ذلك اصحاب رؤوس الاموال من العراقيين على فتح المزيد من المطاعم العراقية.

في جولة لـ«الشرق الاوسط» بين المطاعم العراقية في عمان خرجنا بنتيجة ان هناك مطاعم عراقية متخصصة في نوعية الوجبات التي تقدم بل وفي الاوقات التي تقدم فيها، مثلا هناك مطعم خاص بالفطور العراقي التقليدي (تشريب الباقلاء) وهو عبارة عن خبز عراقي منقوع بمرقة الباقلاء الجافة المسلوقة، ومطعم خاص بتقديم السمك والدجاج المشوي بالتنور على الطريقة البغدادية او شواء السمك حسب طريقة المسقوف (المسكوف) وهي طريقة بغدادية ذاع صيتها عبر العالم في تحضير السمك وشيه على اوتاد خشبية على مسافة ليست قريبة جدا من النار ليأخذ وقتا طويلا لتحضيره بينما تكون العائلة قد استغلت هذا الوقت بتبادل الاحاديث.

احد اشهر المطاعم العراقية في عمان هو «مطعم البلام» الواقع في حي الرابية الراقي والذي يزدحم كل يوم بالعوائل العراقية، حتى انه تحول الى ملتقى دائم لهذه العوائل. وتقول (ام حيدر) صاحبة المطعم والتي تشرف بدقة على ما يقدم من وجبات، «لقد فكرت بمشروع يجمع العراقيين هنا حيث لا يوجد منتدى او مركز تلتقي فيه العوائل العراقية فلم اجد افضل من مطعم يكون على درجة عالية من النظافة والذوق والاهم من ذلك الاهتمام بنوعية الوجبات التي تقدم فكان البلام». و(البلام) مفردة مأخوذة من البلم وهو الزورق البغدادي الذي يستخدم للنقل او لصيد الاسماك من نهر دجلة، لهذا يتميز هذا المطعم بنوعية الاسماك النهرية المشوية في التنور اضافة الى بقية الوجبات العراقية.

تقول ام حيدر، «حتى احافظ على نوعية الزبائن، وغالبيتهم من العوائل العراقية والاردنية، كان يجب ان احافظ على نوعية الطعام الذي يطبخ تحت اشرافي مباشرة ولا ادع اية وجبة او صحن يخرج للزبائن قبل ان اتذوق نوعيته واتأكد من جودتها، لهذا حافظت على مستوى المطعم».

المثير في موضوع انتشار المطاعم العراقية هي انها اضافت عنصرا جديدا لنوعية الطعام في العاصمة الاردنية التي تنشط السياحة فيها وصار امام السائح العربي، الخليجي خاصة، وحتى الغربي خيارات جديدة. فبالاضافة الى المطاعم الاردنية والفلسطينية واللبنانية والمغربية والصينية ومحلات الوجبات السريعة، جاءت المطاعم العراقية والتي لم تؤثر على المطاعم الاردنية المحتفظة بنوع وجباتها وزبائنها.