دبي تعود بالرئيس الأميركي إلى قرن من الزمان بزيارته لأقدم مناطقها

من «الشندغة» إلى برج العرب

الرئيس الاميركي يستمتع بعرض راقص من فتيات الامارات (رويترز)
TT

يبدو أن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش قد طرب كثيرا في جولته الخليجية للتراث الخليجي بكافة أنواعه، فأمس حط رحاله في إمارة دبي، في زيارة سريعة استمرت من الساعة الحادية عشرة ظهرا حتى الرابعة مساء بالتوقيت المحلي، وجال بين مباني دبي وشوارعها، وزار مبانيها القديمة وأبراجها الشاهقة.

وفور وصول الرئيس الأميركي بطائرته الرئاسية إلى مطار دبي الدولي، قادما من العاصمة أبوظبي، أستقبل استقبالا رسميا على أرض المطار، لكن البرنامج المعد سابقا بدأ بعد دقائق قليلة من وصوله، حيث استقل الرئيس بوش سيارته الكاديلاك السوداء، يرافقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة الإماراتي رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الاماراتي وكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية.

وما بين التراث والحداثة، تنوعت زيارة بوش في دبي، حيث أصرت دبي أن تريه ماضيها قبل حاضرها، فكانت زيارة منطقة الشندغة، والتي تضم منزل الشيخ سعيد آل مكتوم، جد حاكم دبي الحالي، والذي أصبح قلبا لمنطقة شعبية تراثية، وكانت في استقبال الرئيس بوش فور وصوله فرقة الحربية للفنون الشعبية، بأهزوجات شعبية طرب لها الرئيس بوش، ولأنه أصبح على دراية بالتراث الخليجي، بعد مشاركته في رقصة العرضة بالبحرين، لم يفت فرصة المشاركة في الرقص على أنغام الأغاني الشعبية، فتسلم عصا، وليس سيفا كما هي المرة السابقة، وتزامل مع أفراد الفرقة الشعبية، مقلدا أفراد الفرقة في طريقة رقصهم في الرقصة الإماراتية المحلية (العيالة) أو (الرزفة).

وتعرف الرئيس بوش على تاريخ أسرة آل مكتوم، من خلال تجوله في الصالة الخاصة بصور الراحلين من أفراد الأسرة التي تحكم دبي من مئات السنين، وتوقف طويلا عند مؤسس دبي الحديثة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم والد حاكم دبي الحالي.

وبعد أن تجول الرئيس بوش، يرافقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قدمت أربع طفلات إماراتيات ارتدين الزي الوطني لبلادهن، أغنية ترحيبية شعبية، كما قمن بتقديم البخور والورود.

وفي الباحة الداخلية للمنزل الأثري، جلس الرئيس جورج بوش ومرافقوه، وتخلوا عن جلساتهم التقليدية المعتادة، ولم يعجز بوش عن الجلوس كما هي الطريقة العربية في مثل هذه المجالس، وقدمت أمامه أطباقا مختلفة من المطبخ الإماراتي التراثي، صحيح أنه لم يستطع الأكل منها، ولو قليلا، لكن أشكالها وألوانها بالتأكيد أغرته لمعرفة نوعية هذا الطعام المختلف عما يتناوله يوميا، حتى لو كان محملا بالكلسترول والدهون.

وخلال جلوسه في وسط المنزل، شاهد والوفد المرافق له، فقرات من الرقص والأهازيج الفولكلورية قدمتها مجموعة من الفتيات الاماراتيات.

وبالتأكيد لم تغب القهوة العربية عن مثل هذه المناسبة، حيث احتسى الرئيس بوش قليلا منها، قبل أن يغادر الشندغة، ماضي دبي، إلى حاضرها ومبانيها الشاهقة، وتحديدا أفخم فنادق العالم، وهو برج العرب.

وخلال زيارات الرئيس الأميركي لفندق برج العرب، حيث ألتقى قيادات دبي الشابة من منظمة القيادات العربية، أيضا كانت له جولة في أهم مرافق الفندق، حيث أبدى إعجابه بهذا المعلم الحضاري الذي يستقر في الخليج العربي، على ضفاف إمارة دبي.

وما بين منطقة الشندغة، أقدم مناطقها وكنز تاريخها ومقر حكامها القدماء، وبين ما يقال عنه إنه أفخم فنادق العالم وهو برج العرب، أختارت دبي أن تستقبل الرئيس الأميركي بطريقتها الخاصة، فاختصرت له أكثر من مائة عام من حضارة الإمارة الساحرة.

بالتأكيد فإن الرئيس جورج دبليو بوش عند زيارته لبرج العرب، قد رأى ما يسره من البناء الهندسي الذي اعتمد عليه هذا الفندق والمعلم السياحي الكبير، لكنه بطبيعة الحال كان أكثر استمتاعا وهو يزور منطقة الشندغة التراثية، فالمباني الحديثة مهما كانت روعة تصاميمها، لابد أنه كثيرا ما رآها، لكن زيارته للشندغة لابد أنها أعطته فكرة واضحة وصريحة عن ماضي دبي، الذي اسس لحاضر مدينة واقتصاد قوي، فأصبح على بينة مما تعتمد عليه الإمارة في اقتصادها، وربما غير من الفكرة التي أخذت عن الامارة، وجعلت الكونغرس يتدخل لمنع دبي من إدارة موانئ دبي في وقت سابق.