معرض أبهر العالم.. وأحرج العرب

ألف اختراع واختراع

من معروضات معرض «ألف اختراع واختراع» («الشرق الأوسط»)
TT

لم يكن معرض «ألف اختراع واختراع» الذي اقيم على هامش مؤتمر الاقتصاد المعرفي في جدة عاديا، ليس لجمال ما قدم فيه فقط او الاقبال عليه، بل لانه فعل ما هو اهم فقد «أبهرَ العالم، وقبل ذلك أحرجَ العربَ».

النسخة المستنسخة من معرض «ألف اختراع واختراع» والذي يعرض الآن في المملكة المتحدة، وتم تشييد نسخة مبسطة منه ضمن نشاطات مؤتمر المعرفة الذي يقام في جدة، جمعت الحضور، بمن فيهم الخبراءُ الغربيون الذين بهروا بالعلم والاختراعات الإسلامية التي كانت أساس الابتكارات الغربية في كل المناشط وسط استغراب شديد منهم في عدم إظهار المسلمين لمدخراتهم.

المعرض الذي شيدته مجموعة من العلماء والباحثين المسلمين المقيمين في المملكة المتحدة؛ وعلى رأسهم البروفيسور سليم الحسني رئيس مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والأستاذ بجامعة مانشستر شمل مخطوطات ومخترعات تعود إلي عصر النهضة العلمية الإسلامية والعديد من الصور والرسومات للحضارات والمواد العلمية.

يقول الدكتور رابح بن سعود، مستشار التراث الإسلامي والأستاذ بجامعة مانشستر، خلال جولة قامت بها «الشرق الأوسط» معه إن المعرض هو نسخة مصغرة لمعرض مقامٍ الآن في مدينة غلاسكو في اسكوتلندا. وكان قد أقيم قبل ذلك في مانشستر، وشهد إقبالا كبيرا دفع المنظمين إلى تمديد مدة العرض من 3 أشهر إلى ستة».

وتابع الدكتور سعود أن المعرض «أعِدّ خصيصاً للفئات العمرية ما دون السادسة عشرة، ولكنه شهد إقبالا كبيرا من الصغار والكبار، ويحتوي على المعارف والمخترعات والعلوم والمخطوطات الإسلامية لعصر الإسلام، والذي غيب في التاريخ وسمي بالعصر المظلم، بينما هو غير ذلك تماماً».

تم تقسيم المعرض الذي شهد إقبالا منقطع النظير من مختلف اطياف زوار المؤتمر والمشاركين فيه، إلى أقسام ومناشط كافة الحياة، اذ شمل أركان؛ المنزل والسوق والمدرسة والمستشفى والمدينة والعالم، واضافة إلى الكون والمجرات، فكل قسمٍ من تلك الأقسام يحتوي على كافة الاختراعات والابتكارات والعلوم الاسلامية خلال السنة الميلادية من 600 إلى 1600، وهي عصر الإسلام.

واستعرض الدكتور رابح لـ«الشرق الأوسط» جميع تلك الأقسام بداية من قسم «المنزل»، الذي تحدث فيه بداية عن اختراع فرشاة الأسنان التي أخذت من السواك ثم الصابون الذي أول من اخترع مركباته عالم مسلم في القرن التاسع، كذلك القهوة التي أول من احتساها اليمنيون، إضافة إلى العديد من الأدوات في المنزل، لينتقل الى «التسوق والسوق». وأشار الى أن أول مَنْ استخدم الدفع عن طريق الشيكات هم المسلمون من خلال الصكوك التي كانوا يكتبونها، وحثت عليها الشريعة.

في حين جاء عصر السلاجقة متقدماً في المعرض، حيث انشئت في ذلك العصر اول مدرسة في التاريخ، وهو ما يشير له الدكتور رابح بقوله «بعض المخطوطات أشارت الى أن أول مدرسة في التاريخ بمعناها الحقيقي كانت في عصر السلاجقة». وتنوعت الاختراعات التي قدمت في هذا المعرض، وطرحت جدلا حول مكان العرب والمسلمين من هذا التاريخ، اذ يفاخر المعرض بان أستاذ الكيمياء والفيزياء هو جابر بن حيان، وكذلك من خلال عرض بعض المخطوطات والإسهامات والاختراعات لابن الهيثم والجزري مثل ساعة الفيل والمضخات المائية، اضافة إلى مجسم للطائرة التي حاول عباس بن فرناس الطيران بها.

واعتبر الدكتور رابح أن العالم أخفى الكثير عن حياة ابن فرناس، مخترع الطيران، ومن أهمها اختراع الكريستال وقص الزجاج، اضافة الى انه على حد قوله، لم يمت عندما سقط من علٍ ولكنه استمر لمدة 13 عاماً. وتحدث الدكتور رابح عن ثلاثة مخترعين في العهد العباسي سمُّوا بإخوان موسى، اخترعوا آلة الوضوء التي تسهم في التوفير والاقتصاد في الماء، اضافة إلى أنهم هم أول من اخترع النوافير المائية». وتابع «هناك العديد من الاختراعات والمخطوطات التي ترجمت إلى اللغة الانجليزية، والبعض منها تمت دراسته وتركيبه وصناعة تلك المخترعات مرة أخرى بأشكال متعددة ليشاهدها الزوار، ولتساعد على الابتكار وتظهر للعالم ثقافة المسلمين وحضاراتهم المندثرة».

في حين ضم قسم المدينة حضارات المسلمين في البناء والعمارة، خصوصا العالم سنان التركي الذي قام ببناء 477 بناءً، منها مسجد اسطنبول وبعض أجزاء الحرم المكي، كما يبرز المعرض أن المسلمين اول من اخترع الأقواس في البناء، وعدَّ بعض الرسومات والصور لبعض مآثر حضارة الأندلس.

وجاء البريد في مقدمة أعمال المسلمين منذ كانت الرسائل تطلق تحت اجنحة الحمام الزاجل، حتى أصبحت المراسيلُ طريقة لحمل البريد. وأبان مستشار التراث الإسلامي أن بعض المسلمين كانت لهم إسهامات عالمية مثل الرحالة المسلم الصيني الذي صمم اكبر بارجة في العالم وطافت المعمورة آنذاك، وكانت تحمل 30 ألفا على متنها، وهي تعادل 10 أضعاف سفينة كولمبوس، وكذلك إسهامات الرحالة ابن بطوطة».

وشمل المعرض الذي خطف أنظار الحاضرين واستوقفهم لساعات طويلة، بعض خرائط الإدريسي وإسهاماته في الجغرافيا ورسمه لخريطة العالم ومجسَّمه عن الكرة الأرضية، وكذلك الحال في قسم الطب حيث أن أول عملية جراحية على العين، قام بها الطبيب المسلم الموصلي، وأول َمنْ اخترع خيط الخياطة في العمليات الجراحية هو الزهراوي الذي استنتج عندما بلع قردُهُ اثنين من أوتار عوده التي كانت مصنوعة من أمعاء أحد الحيوانات ولم يفرزها القرد مع إفرازاته لأن الجسم استهلكها.