صعوبات إدارية وتنظيمية تعجز «لوموند» الفرنسية عن التغلب عليها

الأزمة التي بدأت قبل 6 أشهر تتفاعل وتضع الصحيفة العريقة على المحك

TT

تعيش صحيفة «لو موند» الفرنسية الرائدة أزمة داخلية حادة تتمثل في الصراع بين طاقمها التحريري والموظفين العاملين فيها من جهة وبين «الشركاء الخارجيين»، أي الأطراف الداخلة في رأس المال والموجودة في مجلس الرقابة. وكل ذلك على خلفية اتهامات متبادلة اقواها من جمعية المحررين التي تتهم رئيس مجلس الرقابة آلان مينك، المقرب من رئيس الجمهورية بالسعي الى ضرب استقلالية الصحيفة المسائية وتقديمها لقمة سائغة لمجموعة لاغاردير الفاعلة في قطاع الصحافة والنشر والصناعات الدفاعية والطيران المدني ولمجموعة بريسما الإسبانية التي تملك صحيفة «البايس» الواسعة الانتشار في إسبانيا. وتواجه الصحيفة التي أصدرها عقب الحرب العالمية الثانية الصحافي المعروف هوبير بوف ماري، استحقاقا قريبا. وفي حال لم يستطع مجلس الرقابة انتخاب رئيس جديد لمجلس الإدارة قبل تاريخ الخامس والعشرين من الشهر الجاري، فإن المحكمة التجارية ستضع يدها على الملف وستقوم بتعيين مدير مؤقت في انتظار ان تتضح الصورة داخل هذه الصحيفة الرائدة المعروفة بجديتها واستقلاليتها وتموضعها السياسي التقليدي على يسار الوسط. وليست ازمة الصحيفة حديثة، إذ أنها انطلقت قبل ستة أشهر عندما نجحت هيئة المحررين في إبعاد رئيس مجلس الإدارة السابق الصحافي المعروف جان ماري كولومباني بعد 13 عاما من سيطرته على الجريدة. وحصل الأخير على تعويضات وصلت الى 1.5 مليون دولار. وانتخب محله بيار جانتيه (رئيسا) وبرونو باتينو، نائبا للرئيس وإريك فوتورينو مديرا للصحيفة. وتعاني المجموعة من عجز مالي تشغيلي بلغ عام 2006 تحديدا 14.6 مليون يورو، فيما ترزح تحت عبء ديون تصل الى 156 مليون يورو. ودفع ذلك المجموعة الى بيع صحف تصدر في جنوب فرنسا وتسمى «ميدي ليبر» مما سيخفف عبء الديون من 53 مليون يورو.

وأول الأسبوع، رفض المجلس انتخاب إريك فوتورينو، مدير الصحيفة، رئيسا لمجلس الإدارة بحجة أنه «لا يملك الخبرة المطلوبة». فضلا عن ذلك، صوتت عائلة مؤسس الصحيفة ضد تعيين فوتورينو. وهكذا تدور الأزمة في حلقة مفرغة وأخذت تقتصر على الاتهامات المتبادلة بين رئيس هيئة المحررين ورئيس مجلس الرقابة الذي ألزم بترك مقعده ابتداء من الأول من مارس (آذار) المقبل. ويتهم الأول الثاني بدفع مجلس الإدارة الى الاستقالة في مرحلة أولى ومنع انتخاب فوتورينو لاحقا بهدف تمهيد الطريق أمام سيطرة مجموعة لاغاردير ومجموعة بريسما الإسبانية على الصحيفة، مما من شأنه أن يفقدها استقلاليتها ويجعلها كغالبية الصحف الفرنسية خاضعة للمجموعات الاقتصادية الكبرى سواء كانت صناعية أو دفاعية. وفي كل حال، يتخوف العاملون في المجموعة من الخطط الاجتماعية التي ستعقب انتهاء أزمة الإدارة، إذ يبدو واضحا أن لا مفر من تسريح عدة مئات أو آلاف من العاملين لضغط المصاريف والوصول الى نقطة التوازن بين المصاريف والمداخيل. ويبدو مع تكاثر المشاكل بوجه «لوموند» أن نموذجا متقدما من إدارة الصحف الذي ابتدعه مؤسس الجريدة هوبير بوف ماري ويقوم بتوزيع السلطات وإيجاد توازن بين راس المال والهيئة التحريرية على طريق الزوال. وهذا بالطبع يحبط قراء «لوموند» التي بلغ معدل توزيعها اليومي العام الماضي 320 ألف نسخة.