عضو في لجنة فينوغراد يؤكد: التحقيق سيفضي إلى سقوط حكومة أولمرت

TT

في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، حملة ضغوط شديدة لاسقاطه ويستعد لمواجهة تقرير لجنة فينوغراد للتحقيق في اخفاقات حرب لبنان الأخيرة، تلقى ضربة غير متوقعة من أحد أعضاء لجنة فينوغراد الذي صرح، أمس، بأن تقرير اللجنة سيفضي الى سقوط الحكومة أو إلى إجراء انتخابات مبكرة على الأقل.

وقال عضو اللجنة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان التقرير النهائي الذي سيصدر في 30 يناير (كانون الثاني) الجاري، سوف يكون حادا ومتطرفا في نقده للطريقة التي أديرت فيها الحرب المذكورة. ومع انه لن يتطرق الى أية توصيات شخصية، أي انه لن يوصي باستقالة أي مسؤول رسمي شارك في ادارة الحرب، لكنه سيطرح استنتاجاته بغاية الوضوح. وهو، أي عضو اللجنة المذكور، واثق من ان تفسير التقرير في الساحة السياسية الاسرائيلية سيؤدي الى الشعور بأن هذه السلطة (حكومة أولمرت) يجب أن تتغير لأنها لم تتصرف بمسؤولية. يذكر ان لجنة فينوغراد هي لجنة تحقيق حكومية، كان أولمرت قد شكلها في حينه للتحقيق في اخفاقات الحرب على لبنان، واختار بنفسه أعضاءها الخمسة فردا فردا. وأصدرت تقريرا أوليا عن نتائج تحقيقها، في أواسط السنة الماضية قالت فيه إن قادة الجيش الاسرائيلي جروا الحكومة الى حرب غير مدروسة بالشكل الكافي وإن القيادتين السياسية والعسكرية فشلتا في ادارة الحرب. وفي فترة صدور التقرير استقال رئيس أركان الجيش، الجنرال دان حالوتس، من منصبه وخلع البزة العسكرية، ثم واثر صدور التقرير أطاح حزب العمل برئيسه، عمير بيرتس، لفشله في ادارة الحرب كوزير للدفاع، وانتخب مكانه ايهود باراك في المنصبين، وزيرا للدفاع ورئيسا للحزب. وكان أولمرت قد بنى على ذلك ليبقى رئيسا للحكومة، كما لو أنه لا يتحمل مسؤولية الفشل. وصرح بأنه لن يستقيل بعد صدور التقرير النهائي للجنة، بعد أن صرحت بأنها لن تخرج باستنتاجات شخصية.

واثر ذلك انقسم المجتمع الاسرائيلي وأحزابه السياسية الى قسمين، أحدهما يطالب أولمرت بالاستقالة باعتبار ان هناك مسؤولية أخلاقية أهم من استنتاجات لجنة التحقيق، وقسم يقول ان أولمرت أثبت نجاحه في اخراج اسرائيل من عقدة حرب لبنان، حيث انه عين رئيسا محبوبا لأركان الجيش هو الجنرال جابي اشكنازي الذي تمكن من اعادة تنظيم وترميم الجيش وتعلم الدرس من أخطائه وبدأ يستعيد هيبته العسكرية القديمة أمام العرب وأمام جيوش العالم قاطبة (يقصدون باستعادة الهيبة الهجمات والغارات العسكرية الشرسة على قطاع غزة والاغتيالات في غزة والضفة الغربية)، وأن أولمرت نجح في تحسين الوضع الأمني والاقتصادي وها هو يستأنف المفاوضات السلمية مع الفلسطينيين. ويلاحظ ان مؤيدي بقاء أولمرت هم بالأساس أنصار حزبه «كديما» (63%)، وأنصار حزب العمل (53%)، وأنصار السلام عموما. وهذا أدى الى ارتفاع شعبيته من 3% في فترة الحرب الى 25% حاليا. إلا ان غالبية الجمهور ما زالت تطالب باستقالته وانتخاب وزير آخر مكانه في رئاسة الحزب والحكومة. ولا يقتصر هذا المطلب على اليمين الاسرائيلي، بل يشمل العديد من الليبراليين والصحافيين المؤثرين، الذين يقولون ان طهارة الحكم أهم من مسيرة السلام مع الفلسطينيين. ويطالبون بتغيير أولمرت، حتى لو أدى ذلك الى فوز بنيامين نتنياهو بالحكم.

وصمد أولمرت كل هذه الفترة وحافظ على ائتلاف يعتبر من أقوى الائتلافات الحكومية في تاريخ اسرائيل (78 نائبا معه من مجموع 120 نائبا). لكن هذا الائتلاف بدأ يتصدع. وقد انسحب منه أول من أمس حزب «اسرائيل بيتنا» برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية، أفيغدور ليبرمان، ليصبح الائتلاف 67 نائبا. ويمارس اليمين الاسرائيلي ضغوطا شديدة على حزب اليهود الشرقيين المتدينين (شاس)، لينسحب هو أيضا، بحيث تصبح الحكومة في أقلية (يوجد لحزب «شاس» 12 مقعدا برلمانيا). كما يمارس اليمين ضغوطا على رئيس حزب العمل، باراك، كي يفي بتعهداته بالانسحاب من الحكومة غداة صدور تقرير لجنة فينوغراد.

ويواصل أولمرت حاليا جهوده لحماية كرسيه، بعدة اجراءات وممارسات وتصريحات، مدعوما من الدعم غير المحدود الذي يوفره له الرئيس الأميركي، جورج بوش. فهو يغذي السير في المفاوضات مع الفلسطينيين، لكي يرضي اليسار ويحرج حزب العمل ويبقيه معه في الائتلاف ويغري حزب «ميرتس» اليساري كي ينضم للائتلاف (له خمسة مقاعد). كما انه يصعد الهجمات على قطاع غزة في اطار التخفيف من هجوم اليمين داخل حكومته وكذلك هجوم المعارضة. وفي الوقت نفسه يفاوض حزب اليهود الاشكناز المتدينين (يهدوت هتوراة) وله 6 نواب، لينضم الى حكومته.