بيوت العزاء تحيي الأمل في نفوس الفلسطينيين باستعادة وحدتهم

والد شاليط يعزي الزهار في نجله وكذلك إبراهيم أبو النجا من قادة فتح في غزة الذي اتهم حماس بحلق شاربه

TT

وقف الآلاف الذين كانوا يوجدون في بيت العزاء الخاص بحسام نجل محمود الزهار القيادي في حركة حماس طويلاً قبل ظهر أمس، عندما كان إبراهيم ابو النجا القيادي في حركة فتح يتقدم نحو الزهار ويعانقه ويعزيه. وعندما كان أبو النجا وهو الذي اتهم قبل اسبوعين، حماس باختطافه وحلق شنبه الكث، يجلس قرب الزهار، حرص الكثيرون ممن وجدوا في بيت العزاء على السلام عليه وتحيته. لم يكن أبو النجا القيادي الوحيد من حركة فتح الذي قدم العزاء للزهار، فقد توافد الكثيرون من الفتحاويين لتقديم الواجب. واتصل بالزهار عدد من قادة فتح في الضفة، منهم عزام الأحمد رئيس كتلة الحركة في المجلس التشريعي، وأمين الهندي رئيس المخابرات العامة السابق، والنائبان السابقان قدورة فارس ومحمد الحوراني.

وبدأت هذه الخطوة مع الاتصال الذي اجراه الرئيس محمود عباس (أبو مازن) مع الزهار مساء أول من أمس وتعزيته، وتبادل الحديث معه بشكل «حميمي» لحوالي خمس دقائق، كما ذكر شهود عيان.

وأحيت هذه الاتصالات واللفتات الانسانية لدى الكثير من الفلسطينيين، آمالاً في استعادة وحدتهم، اثر حالة الانقسام والاستقطاب التي يعيشها الفلسطينيون في اعقاب سيطرة حماس بالقوة العسكرية على القطاع. وأصبحت بيوت العزاء مظهرا من مظاهر الوحدة النادرة في الساحة الفلسطينية، فكل من طاف على بيوت العزاء التي تملأ غزة هذه الأيام، لا يشاهد رايات حماس فحسب، بل ورايات حركتي فتح والجهاد الاسلامي وغيرها.

وحقيقة أن بعض القتلى من حماس الذين لهم اشقاء ينتمون الى فتح، ساعد على تنامي هذه الشعور لدى المواطنين الفلسطينيين.

الفلسطينيون والفلسطينيات الذين ساهموا في برامج الموجة المفتوحة التي تبثها الإذاعات المحلية الفلسطينية، شددوا على وجوب أن تتحول الهجمة الاسرائيلية الحالية، الى نقطة تحول فارقة نحو استعادة الوحدة. ومن بين هؤلاء طالبتان جامعيتان شاركتا في احد هذه البرامج الليلة قبل الماضية، شقيق احدهما ينتمي الى فتح، وشقيق الاخرى ينتمي الى حماس، وكلاهما قتل في المواجهات الدامية بين الحركتين، وايدت الطالبتان استعدادهما لفتح صفحة جديدة، وطالبتا جميع ابناء الحركتين بتناسي الماضي واستعادة الوحدة. وأوضح يحيى موسى نائب رئيس كتلة حماس البرلمانية في المجلس التشريعي، أن الساعة الحالية هي ساعة مواتية تماماً لاستعادة الوحدة الوطنية، مشدداً على أنه رغم قساوة ما حدث، ووقعه على كل ابناء حماس وفتح، إلا أنه يتوجب ألا يحول دون فتح صفحة جديدة في العلاقات الوطنية الداخلية. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أوضح موسى أنه يتوجب العودة الى طاولة الحوار، بغية التوصل الى «صيغة وطنية جامعة»، مشدداً على أن جملة المواقف التي اسمعها الرئيس الاميركي جورج بوش، خلال زيارته الاخيرة تبين أنه من غير المنطقي الرهان على المواقف الأميركية والاسرائيلية. اما محمد الحوراني القيادي في فتح، فقد اعرب عن امله في أن تكون دماء «الشهداء في غزة مدعاة للجميع لتقييم المواقف، وإيجاد طريقة للعودة إلى الحوار والوحدة». واعتبر أن اتصال عباس بالزهار يأتي من منطلق اخلاقي وضمن العلاقات الإنسانية، وتقاليد أبناء الشعب الفلسطيني «التي يجب ألا تنتهي».

وشدد نبيل عمرو المستشار الإعلامي للرئيس، على أن الاتصال الهاتفي هو لفتة إنسانية وأخلاقية، ولا يحمل أي مدلول سياسي. وأكد عمرو، في تصريح لوكالة الانباء الفلسطينية (وفا)، أن الحوار مع حماس، يصبح ممكناً إذا ما لبت هذه الحركة، الشروط المعروفة لإجرائه، وأولها التراجع العلني والرسمي عن الانقلاب الدموي، الذي وقع في قطاع غزة، إضافة إلى الشروط الأخرى التي تعرفها حماس جيداً. وجدد عمرو، تعازي الرئيس والقيادة الفلسطينية، لـ«أسر جميع الشهداء الذين سقطوا في العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع»، معتبرا «أن جميع الشهداء الذين سقطوا، هم شهداء الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية، ولا تمييز بينهم في المكانة والاهتمام والرعاية». ولم تأت الاتصالات والبرقيات من المسؤولين الفلسطينيين فحسب، بل ايضا من والد الجندي الاسرائيلي الأسير جلعاد شاليط. وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية، فإن الزهار تلقى من نعوم شاليط والد الجندي الأسير برقية عزاء في نجله. وقالت الصحيفة إن والد شاليط عبر عن أمله في أن تكون هذه البرقية بارقة أمل، يتم بموجبها استجلاب عطف الزهار للتسريع في إتمام صفقة تبادل الأسرى».