الأمم المتحدة تطالب موظفيها في 6 دول بالعمل من منازلهم لأسباب أمنية

احتدام الجدل بين المنظمة الدولية والجزائر حول التحقيق في اعتداء 11 ديسمبر

TT

في وقت احتدم فيه الجدل بين الأمم المتحدة والجزائر حول طلب المنظمة الدولية تشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات التفجير الذي استهدف مكاتبها في الجزائر في 11 ديسمبر (كانون الاول) الماضي، كشف مسؤول في المنظمة الدولية أنه كان قد طلب من موظفي الأمم المتحدة في الجزائر وخمس دول أخرى، لم يسمها، بالابتعاد عن مكاتبهم والعمل من المنازل أو الفنادق.

وأعلن رئيس برنامج الامم المتحدة الانمائي كمال درويش أن السلطات الجزائرية تجاهلت طلبا سابقا بتعزيز الأمن في محيط ممثليات المنظمة الدولية في الجزائر قبل تعرضها لهجمات 11 ديسمبر. وقال درويش ان «المسؤول عن الأمن في الامم المتحدة طلب من الحكومة (الجزائرية) اجراءات امنية خاصة بينها اقامة حواجز على الطرق» المجاورة لمكاتب المنظمة الدولية، مضيفا ان «الحكومة لم ترد على ذلك، وهذا أمر مؤكد». وأشار درويش الى ان الامم المتحدة قدمت الطلب بإغلاق الشوارع المحيطة بمكاتبها عقب وقوع هجومين انتحاريين بسيارات مفخخة في العاصمة الجزائرية في ابريل (نيسان) الماضي.

وجاءت تصريحات درويش بعد يوم على تصريح أدلى به رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز بلخادم، وقال فيه إن قرار الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون بتشكيل لجنة تحقيق في التفجيرات كان «أحادي الجانب». وأوضح بلخادم، في تصريحات على هامش منتدى تحالف الحضارات الذي عقد في مدريد، أن «سفير الجزائر لدى الامم المتحدة لم يُستشرْ ولم يؤخذ برأي الجزائر».

وأسفرت التفجيرات الانتحارية التي استهدفت مباني الأمم المتحدة والمجلس الدستوري في العاصمة الجزائرية في 11 ديسمبر الماضي عن مقتل 41 شخصاً، بينهم 17 موظفاً في المنظمة الدولية. وأعادت تفجيرات الجزائر الى الذاكرة تفجيرات 19 اغسطس (آب) الانتحارية التي استهدفت مكاتب الامم المتحدة في بغداد، والتي قتل فيها 22 شخصا، بينهم المبعوث الخاص للأمم المتحدة سيرجيو فيرا دي ميلو.

والاثنين الماضي، صرحت المتحدثة باسم الامم المتحدة ميشال مونتاس للصحافيين ان مقر الامم المتحدة في الجزائر تلقى تحذيرا قبل هجوم 11 ديسمبر. إلا انها رفضت التعليق على تقارير أفادت بأن مسؤول الأمن السنغالي في الامم المتحدة الذي قتل في التفجير أبلغ رؤساءه بخطر التعرض لهجوم انتحاري وحثهم على اقامة حواجز اسمنتية لحماية مباني الامم المتحدة. كما اعلنت مونتاس انه يعتزم تعيين لجنة مستقلة للتحقيق في التفجير. وستتألف اللجنة من خبراء دوليين من خارج الامم المتحدة وستسعى للحصول على الدعم الكامل من السلطات الجزائرية.

من جانبه، أبدى وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني أمس حساسية كبيرة إزاء عزم الأمم المتحدة، فتح تحقيق ميداني في التفجير، وقال لصحافيين بالبرلمان بنبرة استهزاء: «هل تملك هذه اللجنة عصا سحرية تمكنها من العثور على منفذي الهجمات؟ إن منفذيها موجودون في جبل بوناب (معقل للإرهابيين يوجد شرق العاصمة)، فإذا كان مسؤولو الأمم المتحدة يريدون الصعود إلى الجبل، سنساعدهم على ذلك».

وسألت «الشرق الأوسط» الوزير ما إذا كانت السلطات ستتعامل مع لجنة التحقيق المرتقبة، فقال: «لماذا نحن مطالبون بالتعامل معها؟ ولماذا نقبلها أصلا؟ ماذا يمكن أن تأتي به من حلول (للعمليات الانتحارية)؟. إذا كانت الأمم المتحدة تملك حلولا، كان عليها أن تقترحها من قبل»، في اشارة الى استفحال العمليات الانتحارية التي كانت ميزة الوضع الأمني بالجزائر عام 2007. وقال زرهوني أيضاً «إن مؤسسات الأمم المتحدة مستهدفة في كل مكان من العالم من طرف إرهاب عابر للأوطان، وقد وقع ذلك في بغداد وفي أماكن أخرى حتى في أوروبا». وتابع: «أن مقر الأمم المتحدة يوجد في نيويورك، وعمليات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 ضربت برجي مركز التجارة الذي يوجد في نيويورك. هل تظنون أن سلطات هذه المدينة لم تكن تضع في حسبانها احتمال تعرض ذلك المبنى لهجوم إرهابي؟». وأكد زرهوني أن الجزائر لن توافق على قدوم فريق محققين أجنبي يتحرى في حدث أمني وقع فوق أرضها.

من ناحيته، اعلن درويش أن موظفي الامم المتحدة في ست دول لم يحددها، امروا بالعمل من منازلهم او من فنادق تم انزالهم فيها مؤقتا حتى يتم تحسين الاجراءات الامنية في محيط مباني الامم المتحدة. وقال: «طلب من الموظفين العمل في منازلهم او تم انزالهم مؤقتا في فنادق او اماكن اخرى»، فيما يعمل مسؤولو الامم المتحدة مع الحكومات المعنية لتحسين الاجراءات الامنية. واضاف: «حان الوقت للضغط بشدة على هذه الحكومات. فمن واجبها اتخاذ كافة الاحتياطات الامنية المتوفرة لحماية موظفي الامم المتحدة».