السعودية تتصدر دول الخليج في ارتفاع نسب الطلاق بـ2000 حالة شهريا

زيادة المشكلات والضغوط الاقتصادية التي تواجه المتزوجين أضعفت النظرة للزواج وقدسيته

TT

خلصت دراسة حديثة قامت بها أكاديمية سعودية حول الطلاق والتغير الاجتماعي في المجتمع السعودي، إلى أن التغيرات التي حدثت في المجتمع السعودي انعكست بظلالها على الأسرة، وأدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق فيها، والتي بلغت نسبتها، وفق آخر إحصائية رسمية لوزارة العدل السعودية، 21 في المائة خلال عام واحد، أي أن هناك 2000 حالة طلاق تتم في الشهر، فيما تقع 69 حالة طلاق في اليوم، و3 حالات تتم كل ساعة، مشيرة إلى أن السعودية تتصدر دول الخليج في ارتفاع نسب الطلاق فيها.

وذكرت الدكتورة سلوى الخطيب، من جامعة الملك سعود قسم الدراسات الاجتماعية في دراستها أن اكتشاف البترول وتنمية المجتمع وتغير تركيبة البناء الاجتماعي وتغيير شكل الأسرة ووظائفها وطغيان السلوك الاستهلاكي على حياة الأفراد، تشكل جميعها أسبابا لزيادة نسب الطلاق في المجتمع السعودي، كما كان لانتشار التعليم بين الجنسين وعمل المرأة واستغلالها الاقتصادي وانتشار وسائل الاتصال الحديثة والفضائيات وتغيير النسق القيمي، نفس الأثر في ارتفاع معدلات الطلاق داخل المجتمع، لافتة إلى وجهة نظر المطلقات، حسب الدراسة، والتي ترى أن أسباب الطلاق تكمن في سوء الأخلاق واختلاف طباع الزوجين وتدخل الأهل وظهور أنواع من الزواج مثل المسيار والمسفار والإدمان والجفاف العاطفي والخيانة الزوجية وعدم الإنجاب. وهدفت الدراسة التي قدمتها الدكتورة الخطيب كورقة عمل خلال ندوة الطلاق التي أقيمت أخيرا إلى التعرف على أهم التغيرات الاجتماعية التي اجتاحت المجتمع السعودي المعاصر، والكشف عن حجم ظاهرة الطلاق داخل المجتمع السعودي، وأهم عوامل الطلاق من وجهة نظر مجموعة من النساء السعوديات المطلقات. وتستمد الدراسة أهميتها من عدة حقائق، حيث ان الأسرة هي الخلية الأساسية في المجتمع، فإن صلحت صلح المجتمع، وان فسدت فسد المجتمع، كما ان ارتفاع معدلات الطلاق يشير إلى وجود خلل يهدد المجتمع وتماسكه، لأن ارتفاع معدلات الطلاق يعني ارتفاع معدلات الانحراف والمشكلات السلوكية والاجتماعية والنفسية، وهناك العديد من الدراسات التي تؤكد العلاقة الايجابية بين الطلاق والانحراف، كما أن معظم الدراسات السابقة استخدمت المسح الاجتماعي والمنهج الكمي، في حين أن هذه الدراسة اعتمدت على دراسة الحالة والمنهج الكيفي الذي يمدنا بمعلومات متعمقة يصعب الحصول عليها من الدراسة المسحية.

وأشارت الدراسة إلى أن زيادة المشكلات والضغوط الاقتصادية التي تواجه المتزوجين أضعفت النظرة للزواج وقدسيته، فلم يعد الزواج هدفا في حد ذاته كما في السابق، بل هو وسيلة لبناء حياة سعيدة، وهذا ما ساعد على ارتفاع معدلات العنوسة لدى الكثير من الرجال والنساء في السعودية، كما أن تغير النظرة للطلاق والأمومة في السنوات الأخيرة ساهم في ارتفاع معدلات الطلاق، إذ أصبح الطلاق مقبولا اجتماعيا، فلم يعد الطلاق نهاية الحياة، والأمومة والتضحية لم تعد هي القيم الأساسية التي تكرس المرأة حياتها لها. وحددت الدراسة المراحل التي يمر بها الطلاق من واقع تحليل الحالات، حيث تبدأ المراحل بمرحلة النزاعات والخلافات التي قد تكون مرحلة طبيعية تمر بها العلاقة الزوجية، لكنها تزداد حتى تصبح هي السائدة في العلاقة الزوجية، ثم تبدأ مرحلة الانفصال العاطفي بين الزوجين حتى تصبح العلاقة تتسم بالمرارة والألم، وهي مرحلة عادة ما تكون مرحلة مليئة بالحزن والغضب والثورة أحيانا وتميل المرأة في هذه المرحلة إلى إهمال نفسها وشكلها وتنعزل عن الحياة الاجتماعية، ثم تنتقل العلاقة إلى مرحلة الانفصال الجسدي، حيث ينام كل فرد منهما في مكان منفصل أو حتى إذا استمرا في مكان واحد لكنهما منفصلان جسديا، ويصبحان كغريبين، وهذه المدة قد تطول أو تقصر حسب قدرة الزوجين على الصبر والتحمل، فقد ذكرت إحدى المطلقات أنها استمرت في هذه المرحلة سنتين متواصلتين، وأخرى ذكرت أنها استمرت لمدة ستة أشهر. ثم تنتقل العلاقة حسب الدراسة إلى مرحلة الانفصال الاجتماعي والنفسي، وعند هذه المرحلة يدرك الطرفان أن الطلاق هو الحل الأمثل، وانه من المستحيل استمرار الحياة بينهما، وقد يتحول الحب في هذه المرحلة إلى كراهية وحقد، لكن لوحظ من الحالات التي تم دراستها أن ليس كل حالات الطلاق تصل إلى هذه المرحلة، وأن بعض حالات الطلاق تتم بشكل عقلاني متحضر، ثم تمر حالات الطلاق بالمرحلة السادسة وهي مرحلة الانفصال الشرعي التي يبدأ فيها الطرفان الشروع في الإجراءات الرسمية والشرعية للطلاق، وتنتهي هذه المراحل بمرحلة تأنيب الضمير والمحاسبة؛ حيث يبدأ الفرد بمحاسبة نفسه بسؤالها هل أصاب أم اخطأ في قراره، وقد يشعر البعض بتأنيب الضمير على القرار، وانه تسرع إذا كان القرار تم على عجل دون ترو، أو قد يشعر بالغضب ومحاسبة النفس على الصبر على هذا الظلم ويسأل نفسه لماذا صبرت على هذا الهوان، ولماذا تحملت كل هذه السنين ويشعر بالندم على تحمله.

وأشارت الدراسة إلى ارتفاع معدلات الطلاق في جميع المجتمعات العربية، حيث احتلت مصر المركز الأول في معدلات الطلاق، تليها الأردن ثم السعودية فالإمارات فالكويت ثم البحرين وقطر، وأشار تقرير آخر إلى أن هناك حالة طلاق تنظر كل ست دقائق أمام المحاكم المصرية.