ألمانيا ترفض طلبا أميركيا بزيادة قواتها في جنوب أفغانستان

رفضت نقل قواتها إلى المناطق المضطربة

TT

قاومت ألمانيا امس ضغوط الحلف الاطلسي والولايات المتحدة الرامية الى اشراكها بشكل مباشر في المعارك الجارية في جنوب افغانستان، تحت طائلة التسبب بصراع حاد في الحلف الاطلسي. كما رفضت نقل قواتها إلى المناطق الجنوبية المضطربة، رغم الطلب الواضح الذي تقدمت به واشنطن في هذا الإطار عبر وزير دفاعها روبرت غيتس، في تطور قد يعقد الرهان الأميركي على دور أكبر لأوروبا في ذلك النزاع.

وفي موازاة الرأي العام الالماني الذي يزداد عدائية تجاه وجود الجيش في اقليم هيندو كوش، تلقت برلين طلبين منذ الاسبوع المنصرم بهذا الخصوص.

احد المطلبين وصل من واشنطن ويريد من الجيش الالماني الانضمام الى صفوف المقاتلين، عوضا عن الانشغال بإدارة إعادة الإعمار في الشمال. وتلقى وزير الدفاع الالماني فرانتز يوزف يونغ من نظيره الاميركي روبرت غيتس رسالة تحث المانيا على ارسال قوات الى جنوب افغانستان، حيث تدور معارك دامية بين التحالف الدولي وحركة طالبان. واكد دبلوماسي في الحلف الاطلسي في بروكسل، ان الرسالة أتت بصورة «نداء عاجل». وقال الوزير الالماني «اعتقد اننا نقدم مساهمة كما نصت المهمة المناطة بنا»، مشيرا الى ان التفويض لا ينص على انتشار في جنوب افغانستان. واوضح «اعتقد ان علينا الابقاء على اولوياتنا» في شمال البلاد. وافادت صحيفة «سوداتش زايتونغ» في عدد امس، بان رسالة غيتس كانت ذات لهجة «شديدة غير معتادة». وفي رسالته «دعا غيتس المانيا الى ارسال وحدات ومروحيات وقوات قتالية، كالمظليين». واكدت الصحيفة انه تحدث عن ضرورة ارسال 3200 جندي، من بينهم عدد غير محدد من الالمان، ليحلوا محل جنود اميركيين «بحلول الخريف».

أما المطلب الثاني الوارد من الحلف الاطلسي رسميا الى برلين، فصده اكثر صعوبة، حيث يريد من ألمانيا نشر قوة رد سريع في شمال افغانستان لتحل محل القوات النرويجية. وهذه المهمة مشمولة في التفويض الاصلي، ما يصعب رفضها، على الرغم من الخطر المحدود للدخول في اشتباكات، على ما ترى اوساط الدفاع الالمانية. ويبدو ان رسالة غيتس كان لها وقع المفاجأة، وصرح الناطق باسم المستشارة الالمانية انجيلا ميركل امس «وصولها باغتنا، لان التزام الجيش الالماني في اطار التفويض الحالي، كان محط اشادة في كافة اللقاءات التي اجريناها أخيرا مع المسؤولين الاميركيين».

وقال اولريتش فيلهلم: لطالما صرحنا بان مضمون التفويض ليس موضع نقاش. مشددا على «اننا في الحكومة الالمانية لا نفكر بالتعديل». ويتخذ القادة الالمان موقفا دفاعيا، لاسيما مع اقتراب موعد اجتماع 26 وزير دفاع في الحلف الاطلسي الاسبوع المقبل في فيلنيوس، ناهيك من تعرضهم ليس لضغوط الاميركيين فحسب، بل الكنديين ايضا، في الاتجاه نفسه. غير ان الرأي العام الالماني المسالم لا يرغب في رؤية جنوده يعودون في النعوش. وأكد حزب اليسار المتطرف «لا غوش» ان افغانستان تحتاج الى مساعدات انسانية، لا الى جنود.

ومنذ نهاية 2001، قتل 25 جنديا المانيا جراء اعتداءات او حوادث في افغانستان، لكن الهجمات تفاقمت في الاشهر الاخيرة على قواعد ألمانية في منطقة شمالية لم تعد آمنة كما كانت عليه. وبالتالي، فليس واردا لدى حكومة ميركل ان تمنح جيشها تفويضا جديدا يسمح بالتدخل في الجنوب.

ويشير الخبراء العسكريون تكرارا من جهة اخرى الى ان ألمانيا تأتي في المرتبة الثالثة من حيث عديد جنودها في قوات الحلف الاطلسي في افغانستان البالغ 3200 عنصر (من اصل 42 الفا)، بالاضافة الى مساهمتها عسكريا في لبنان والبوسنة وكوسوفو، بحيث وصلت الى اقصى قدراتها في عمليات التدخل في الخارج.

من جهة اخرى تقوم وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الاسبوع المقبل بزيارة قصيرة لبريطانيا لبحث الوضع في افغانستان، حسبما اعلن امس المتحدث باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك. وقال الناطق ان وزيرة الخارجية الاميركية ستغادر واشنطن الثلاثاء للقاء نظيرها البريطاني ديفيد ميليباند الاربعاء في لندن. واضاف «اعتقد انه من المرتقب عقد لقاء ايضا مع رئيس الوزراء غوردون براون». واوضح ماكورماك انه بين مواضيع البحث خلال هذه الزيارة، التحالف بين البلدين وكذلك ملفات ايران والعراق وافغانستان. وقال ان افغانستان «مكان تراقبه وزيرة الخارجية عن كثب منذ بضعة اشهر»، وتريد التأكد من «ان لدينا هناك الموارد المناسبة والاستراتيجية المناسبة».