القاهرة تتفهم بعض مطالب حماس ومشعل مستعد حتى لتسليم مقار الأمن

المسؤولون المصريون يختتمون حوارهم مع وفد الحركة بالتأكيد على عدم تكرار حادث تفجير الحدود

فلسطينيون يعودون بمشترياتهم من الابقار الى رفح عبر ثغرة في الجدار الحدودي مع مصر امس (رويترز)
TT

اختتم المسؤولون المصريون مباحثاتهم أمس في القاهرة مع وفد حركة حماس. وشملت المباحثات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وأزمة معبر رفح، وحادث تفجير الجدار الحدودي بين مصر وغزة، وعلاقة حماس مع السلطة الفلسطينية، وحركة فتح.

في غضون ذلك اتهم مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية، سوريا، بأنها وراء تفجير الجدار الحدودي، ردا على دور مصر في لبنان، وقال المسؤول الفلسطيني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «لا نستطيع أن نعزل ما قامت به حماس عن الدور المصري في لبنان، فمصر عندما ضغطت وطالبت السوريين برفع أيديهم عن لبنان وانتخاب رئيس، قام السوريون بلعب دور في دفع قيادات حماس لتحريك تلك الجموع باتجاه الجدار وتفجيره... إن السوريين كانوا يردون على التحذير المصري لسوريا بشأن لبنان من خلال حماس».

وطلبت حماس خلال جلسات الحوار على مدى يومين في القاهرة أن يكون لها دور في إدارة المعبر، وأبدت مصر ـ حسب مصدر مصري ـ بعض التفهم للمطلب، ووعدت بنقله للسلطة الفلسطينية، على أن تعد مصر ورقة للحوار حولها بعد استماعها لرؤية فتح وردها، خاصة بعدما استعد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة، للتراجع عن «الانقلاب» حال تراجع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، عن المراسيم التي أصدرها لا سيما في ما يتعلق بإقالة حكومة الوحدة برئاسة إسماعيل هنية، وكذلك بدء الحوار مع فتح حول مجمل الوضع الفلسطيني، على أساس مرجعيات اتفاق القاهرة 2005، ووثيقة الأسرى 2006، واتفاق مكة 2007 .

وحسب المصادر فإن الجانب المصري تمسك بأن تتم إدارة معبر رفح بعيداً عن الصراع بين فتح وحماس، ووفقاً لاتفاق المعابر الموقع عام 2005 ، وألا يتم تصدير المشاكل الداخلية الفلسطينية للساحة المصرية.

وعلق مسؤول كبير في السلطة على مطالب حماس قائلاً «لا يمكن لأي أحد أن يغير الاتفاق الخماسي، ولا نقبل نحن كسلطة بتغيير هذا الاتفاق لأن تغييره الآن يؤكد ان غزة أصبحت محررة وهي ليس كذلك، وإذا وافقنا على وجهة نظر حماس فإن هذا يصب في صالح إسرائيل لأنها تريد أن ترفع يدها عن القطاع وتصدر مشاكله للمصريين ونحن لا نقبل بذلك».

وقال المسؤول «إذا التزمت حماس باتفاقية المعابر، فسيعتبر ذلك مؤشرا ربما يفتح الأبواب للعودة عن الانقلاب وعودة الشرعية»، واضاف المصدر «إن موقف مصر متطابق كاملا مع موقف السلطة بشأن المعابر ودفع عملية السلام ومواصلة المفاوضات للتوصل لاتفاق نهائي». وحذر من أن «مصر والسلطة ستحمّلان حماس المسؤولية الكاملة عن الحصار المفروض على غزة إذا لم تقبل باتفاقية المعابر».

ورفض طلب حماس المشاركة في إدارة المعبر بالقول «لا توجد فصائل تشارك.. السلطة فقط هي التي تدير المعبر.. وإذا عادت حماس إلى الشرعية وأصبحت جزءا من السلطة فهي ستكون مشاركة بالفعل». أما بالنسبة للحوار بين فتح وحماس فقال «لا بد لحماس إذا أرادت الحوار أن تعلن التزامها بالشرعية الدولية والشرعية العربية، وبجميع الاتفاقات الموقعة، لأنه بدون ذلك فإن حماس ستعزل نفسها عن خط منظمة التحرير». وأضاف: «الخلاف ليس بين حماس وفتح فقط، بل بين حماس والمنظمة».

وقالت مصادر مصرية مقربة من الجلسات «إن بعض التفهم المصري الذي قوبلت به مطالب حماس في القاهرة، يستند إلى أن حماس تملك شرعية الانتخابات»، مشيرة إلى أن أبو مازن سبق ان وافق على دور لحماس باعتبارها شريكا في السلطة حال تراجعها عن الانقلاب.

وقالت المصادر «إن مشعل أبدى استعداد الحركة للتفاوض حولها على أساس اتفاقات القاهرة ومكة، ووثيقة الأسرى، واستعدادها لتسليم مقار الرئاسة، والامن، لكنه أصر على الاستجابة لمطالب الحركة في ما يتعلق بالحوار، والشراكة الكاملة والتامة مع الرئيس عباس».

الى ذلك قال احمد يوسف، مستشار رئيس الوزراء المقال، في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «ان الدكتور محمود الزهار قدم اعتذاراً للحكومة المصرية عن إساءات بعض الأطراف، وأن المصريين قدروا هذا الاعتذار.. هذه أخطاء فردية.. هذه الأمور لن تتكرر، وهناك تعزيزات لشرطة حماس على الحدود، نحن نقدر لمصر هذا الموقف النبيل».

وتعليقاً على ما أعلنته مصر أول من أمس من ضبط خلايا فلسطينية من أعضاء حماس، كان أعضاؤها يخططون للقيام بأعمال إرهابية ضد السائحين في سيناء، قال يوسف «إن حماس لم ولن تقوم بعمل خارج حدود المواجهة مع الاحتلال في الداخل، ونحن لا نسعى لتعكير العلاقة مع عمقنا العربي، ولا نسمح لأحد أن يسيء لعلاقتنا مع مصر، ولن نتساهل مع أي أحد يريد الإساءة إلى مصر، كما أننا ندين أي عمل يقوم به أي فلسطيني، ونتخذ ضده إجراءات رادعة حال إدانته».

وشدد يوسف على أن «العلاقة مع مصر مقدمة على أي حسابات أخرى .. إن مصر رئتنا التي نتنفس منها ولن نسمح بالإساءة إليها».

وتعليقاً على حديث أبو مازن حول ضرورة أن تتراجع حماس عن انقلابها على الشرعية الفلسطينية قبل أي حوار قال يوسف ان «أبو مازن رفع سقف مطالبه كثيراً، وهو ما يؤكد مخاوفنا من أنه لا يملك قراره، وعليه محاذير من التقارب مع حماس».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن وفد حماس إلى القاهرة تلقى «توبيخاً» من مسؤولين مصريين، وأن الوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية أبلغهم بغضب الرئيس حسني مبارك الشديد مما حدث على الحدود، كما أبلغهم رسالة صارمة جدا مفادها «لا مجال للعبث بسيادة مصر وأمنها» مشدداً على «عدم جواز تكرار ما حدث».

كما علمت «الشرق الأوسط» أن وفد حماس لم يلق في زيارته الحالية لمصر ما اعتاد ان يراه من ترحيب، بما في ذلك مشعل الذي كان يعامَل «معاملة ضيف دولة»، وكذلك لم يتمكن وفد حماس من الاتصال مع جماعة الإخوان المسلمين أو سواهم، أو الاتصال بأجهزة الإعلام.