تشاد: المتمردون يشتبكون مع الجيش على أطراف العاصمة ويشترطون تقاسم السلطة لوقف القتال

الاتحاد الأوروبي يحذر من الاستيلاء على السلطة بالقوة ويعلن تأجيل إرسال بعثته.. وإنجامينا تتوعد السودان بالرد

قوات تابعة للحكومة التشادية أثناء الاستراحة بعد معارك ضد المتمردين (أ.ف.ب)
TT

اندلعت معارك عنيفة أمس بين الجيش التشادي ومتمردين بدأوا زحفا باتجاه العاصمة إنجامينا ودعوا الرئيس ادريس ديبي الى تقاسم السلطة لوقف القتال، وإلا فسيشنون هجوما على المدينة، ما أثار مخاوف الاتحاد الاوروبي الذي سارع الى التحذير من الاستيلاء على السلطة بالقوة.

وفور اندلاع الاشتباكات أبلغت تشاد مجلس الامن الدولي أنها ستدافع عن نفسها ضد المعتدين على اراضيها، واتهمت السودان بدعم المتمردين وحثهم على الاعتداء على الجيش التشادي.

وقالت مصادر في تشاد لـ«الشرق الاوسط»، إن أصوات إطلاق النار المتبادل تسمع بشكل واضح على بعد 100 كيلومتر شمال العاصمة. وقال مقرر اللجنة الإعلامية لاتحاد القوة الديمقراطية المتمردة محمد شريف جاكو ان «قوات المعارضة في طريقها باتجاه العاصمة»، مشيرا الى انها تحاصر حاليا المنافذ المؤدية لإنجامينا. وطالب جاكو الرئيس ديبي «بمغادرة البلاد لتجنيب المواطنين الابرياء اي اضرار قد تنجم عن المعارك»، أسوة بما فعله في السابق الرئيس حسين هبري، اثر وصول قوات الرئيس الحالي ديبي، الذي وصل الى السلطة بانقلاب، الى مشارف العاصمة.

وفي بيانات متناقضة عن القتال، قال وزير الداخلية التشادي ان «المتمردين المدعومين من السودان هزموا واضطروا الى الفرار»، في حين قال المتمردون انهم ما زالوا يتقدمون تجاه انجامينا بعد تدمير عشرات من مركبات الجيش. ودعا زعيم المتمردين تيمان ارديمي الرئيس ادريس ديبي الى التفاوض بشأن صفقة عاجلة لتقاسم السلطة، والا واجه هجوما على انجامينا من المتمردين.

وقال وزير الادارة الاقليمية (أي وزير الداخلية) التشادي أحمد محمد بشير في تصريح اذاعي: «طابور المرتزقة المأجورين من السودان اضطروا للفرار تماما... المعركة انتهت ونحن نطاردهم»، الا ان المتحدث باسم المتمردين عبد الرحمن كلام الله، أعطى صورة متناقضة مع الصورة التي رسمها وزير الداخلية، وقال «ان الجانب الحكومي هو الذي انسحب الى ماساجيت على مسافة 78 كيلومترا من العاصمة على الطريق الشمالي الشرقي الرئيسي الى المدينة».

واثر اشتداد المعارك، أعلن الاتحاد الاوروبي عن تأجيل ارسال بعثه الى تشاد وحذر المفوض الاوروبي للتنمية لوي ميشال متمردي تشاد من اي «محاولة للاستيلاء على السلطة» بالقوة، داعيا «الدول المؤثرة على حركات التمرد» الى ضبط النفس. من جهته، قال متحدث باسم الاتحاد الاوروبي ان «عدم الاستقرار الزائد يعني تأخير نشر القوة الاوروبية... في الوقت الراهن لا نريد ان نعطي الامر حجما أكبر من حجمه. لكن تأجلت رحلة جوية لقوات ايرلندية أمس (أول من أمس) ورحلتان اليوم (أمس) نتيجة لعدم الاستقرار الزائد في تشاد». وأضاف المتحدث من بروكسل: «نتابع الموقف ساعة بساعة وسنتخذ قرارا بشأن نشر القوات في الساعات القادمة».

وكان من المقرر ان يصل 3700 جندي من الاتحاد الاوروبي خلال الاسابيع المقبلة الى شرق تشاد في مهمة عاجلة لحفظ السلام، لكن المتمردين المناهضين للحكومة اجهضوا نشر القوات بهجوم خاطف هذا الاسبوع تجاه العاصمة في الغرب.

وسارعت تشاد الى ابلاغ مجلس الأمن الدولي نيتها استخدام حقها في الدفاع عن النفس في مواجهة «العدوان المنظم» من قبل السودان، بما في ذلك ملاحقة المعتدين داخل الاراضي السودانية. وقالت البعثة التشادية لدى الأمم المتحدة في رسالة وجهتها الى مجلس الأمن، ان «الحكومة التشادية تعتزم استخدام حقها المشروع بالدفاع عن النفس في مواجهة العدوان المنظم والمدعوم بقوة من السودان، وذلك عبر كل الوسائل التي بحوزتها بما يشمل ملاحقة المعتدين داخل الاراضي السودانية».

واضافت الرسالة ان «الحكومة التشادية، لا تعلم مجلس الأمن فحسب بالوضع الخطير الذي امتد الى وسط البلاد، بل تطلب منه ايضا التحرك لان ما يجري خرق فاضح من هذه الدولة المجاورة لتعهداتها، ما يهدد السلام والأمن في المنطقة».

وعلى أثر تفاقم العنف في تشاد، اعلن مسؤول عن أمن الأمم المتحدة في انجامينا انه سيتم اجلاء الموظفين «غير الاساسيين» في وكالات المنظمة الدولية في تشاد الى الكاميرون المجاور. واضاف المسؤول ان عملية الاجلاء ستشمل نحو 160 شخصا. واوضح المسؤول الدولي «انهم سيعودون ما ان يتحسن الوضع، في اسرع وقت».

وفي جنيف، اكدت متحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين في الامم المتحدة ان المنظمة اجلت من العاصمة التشادية موظفيها «غير الاساسيين». وقالت المتحدثة لوكالة الصحافة الفرنسية: «تم نقل جميع موظفينا غير الاساسيين الى الكاميرون»، موضحة ان فريقا صغيرا سيبقى في انجامينا.

ويتهم مسؤولون تشاديون السودان بدعم وتدريب المتمردين في أحدث هجوم لهم يشنه عدد من الجماعات التي اتحدت في ما بينها، والتي تشن منذ سنوات حرب عصابات قائمة على الكر والفر مع الجيش التشادي. واستولى ديبي نفسه على السلطة في تمرد قدم من الشرق عام 1990. ويبدو ان المتمردين يحاولون على ما يبدو تحقيق نصر عسكري سريع قبل الانتشار الوشيك لقوة حفظ سلام من الاتحاد الاوروبي في شرق تشاد.

ويتبادل السودان وتشاد الاتهامات بدعم جماعات المتمردين على أراضيهما رغم أن كلا منهما ينفي ذلك. وهدد متمردون تشاديون بمهاجمة القوة الاوروبية اذا تدخلت في حملتهم على ديبي، لكن قادة أوروبيين تعهدوا بعدم الانحياز. وتخلت جماعات متمردة في أواخر العام الماضي عن اتفاق لوقف اطلاق النار تم التوصل اليه بوساطة ليبية، الامر الذي فجر معارك ضارية في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الاول) أدت الى مقتل المئات.